يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم (وإذْ قالَ رَبُكَ للمَلائِكَةِ إنّي جاعِلٌ في الأرْضِ خَليفةْ) [البقرة:30] إنّ موضوع الخلق ووقته وكيفيته لطالما شغل مساحة كبيرة من اهتمام البشرية والعقل البشري الذي لا زال يبحث بكافة الطرق عن الإجابات بالأرقام والكيفية الشافية للنفس البشرية؛ حتى تستريح من البحث الدائم عن هذه القضية، ولكن ديننا الحنيف قد وضّح لنا بعضاً من الأمور الشافية لهذه القضية المعقدة والكبيرة، وردت لنا في القرآن الكريم على شاكلة قصصٍ لنأخذ منها العبر، وفي السيرة النبوية الشريفة على لسان خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
وعند الحديث عن قضية الخلق وتاريخ البشرية، لا بدّ لنا من أن نتطرق لتقسيم العلماء الخلق إلى أبعاده الثلاثة ألا وهي: خلق الكون وخلق الحياة وخلق الإنسان، وهنا لن نتطرق إلى البعدين الأولَين؛ وذلك لحجمهما الكبير الذي لا يتسع هذا المقال لهما، وإنما سنتطرق إلى صلب موضوعنا وهو تاريخ البشرية منذ سيدنا آدم عليه السلام.
إنّ الآية التي ذكرناها في بداية المقال تتحدث عن قصة خلق الله لآدم عليه السلام، والذي هو جزء بسيط من عملية الخلق، وقصة قصيرة تعطينا العبرة الكبيرة منها، ولقد خلق الله تعالى آدم عليه السلام وخلق من ضلعه أم البشرية حواء، وبعد أن سخر الله لهما الأرض أنجبا أولادهم وتزاوج البشر بعدها ليحتلوا بذلك أماكن أوسع لهم لتكفيهم جميعاً، وما إنّ استمر الإنسان في تطوره إلى أن وصل إلى وضع القوانين والأعراف لكي يستطيع التعايش مع غيره من جنسه وما حوله من حيوانات وجمادات.
لقد استمر الإنسان في التطور والتكاثر إلى أنّ زادت أعداد البشرية، فوصلت إلى حدٍ جعل منها مملكة لا بدّ لها من حاكم ومحكومين، فنشأت الحضارات العديدة عبر العصور كالفرعونية واليونانية والإغريقية وغيرها من الحضارات، وصولاً إلى العالم الذي حوّله الإنسان بفضل التكنولوجيا والعلم والتطور إلى قرية صغيرة.
إنّ المعلومات الواردة في هذا الجانب مبنية على فرضية مفادها: