كيف استمر على الصلاة

كيف استمر على الصلاة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

عبادة الله

إنّ عبادة الله -تعالى- أسمى أهداف الوجود، وهي القصد الأساسيّ والغاية الكبرى من خلق الله -عزّ وجلّ- للإنسان، وممّا يدلّ على ذلك قول الله -تعالى- في كتابه العظيم: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[1] وإنّ عبادة الله -تعالى- حقّ من حقوق الله على عباده، فحريّ بكلّ من آمن بوجوده أن يعبده، ومفهوم العبادة واسع؛ حيث إنّه يشمل حياة المسلم كلّها، من أفعالٍ، وأقوالٍ، وعلاقاتٍ مختلفةٍ، وتجدر الإشارة إلى أنّ العبادة لا تقتصر على ظاهر المرء، وإنّما تعمّه لتشمل باطنه، ومن أشكال العبادة: الصلاة، والصيام، والحجّ، والزكاة، وذكر الله، وهي الطريق إلى الفوز بالجنّة والنّجاة من النار،[2] ومن الجدير بالذكر أنّ للعبادة شرطين لا بُدّ من توفرهما في كلّ عمل، وهما: إخلاص النية لله تعالى، وموافقة العبادة لما أمر به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فلا تُقبل العبادة وإن كانت خالصة لله -تعالى- إذا كانت مُحدَثة ولم تكن ممّا أمر به الله ورسوله، كما حدّثت عائشة رضي الله عنها، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (من أحدَث في أمرِنا -أو دينِنا- هذا ما ليس فيه فهو رَدٌّ)،[3] وردّ بمعنى مردود على صاحبه، أي مرفوض من الله تعالى.[4]

الثبات على الصلاة

تُعدّ الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد فرض الله أداءها في خمس أوقاتٍ محدّدة في اليوم والليلة، فلا يجوز بأي حالٍ من الأحوال تركها، ولا يمكن أن يستقيم أمر المسلم إلّا بالمحافظة على أدائها، وفي ما يأتي بعض الأمور التي تساعد على الاستمرار في أدائها:[5]

  • العلم بأنّ تأخير الصلاة حتى يذهب وقتها مصيبة عظيمة، و كبيرة من الكبائر؛ لقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا)،[6] قال ابن مسعود عن الغيّ بأنّه وادٍ في جهنّم، بعيد القعر، خبيث الطعم، كما أنّ الله -تعالى- توعّد الغافلين عن صلاتهم بالويل والعذاب يوم القيامة.
  • العلم بحكم الصلاة، فهي فريضة على كلّ مسلم، بل هي ركن من أركان الإسلام ولا يقوم الشيء إلّا على أركانه، فترك ركن من أركانه يعني هدمه وزواله، كما أنّ الله -تعالى- توعّد تارك الصلاة في مواضعٍ كثيرةٍ من القرآن بالعذاب الشديد، وفي الحقيقة إنّ فريقاً من العلماء قالوا بكفر تارك الصلاة، وخروجه من الملّة، واستدلوا بقولهم بحديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ).[7]
  • ترك المعاصي والذنوب ما ظهر منّا وما بطن والبعد عنها، والتزام ما أمر الله -تعالى- به في العلاقات مع الناس وبالأخصّ في علاقة الرجل بالنساء؛ لأنّ الذنوب والمعاصي تزيد من تسليط الشياطين على الإنسان، ممّا يؤدي إلى الكسل عن الطاعات، وبالذات الصلاة.
  • حسن اختيار الأصدقاء، ممّن يحافظون على الصلاة، والبعد عن أصدقاء السوء المُفرّطين في أدائها؛ لأنّ للصديق تأثيراً كبيراً على الإنسان، والقرينُ بالمقارن يقتدي.
  • المحافظة على الصلاة رجاء أن تكون سبباً في رضا الله تعالى، والدخول في ظلّه يوم القيامة، كما أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن السبعة الذين يظلّهم الله -تعالى- يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، وذكر منهم: (شابٌّ نشأ بعبادة اللهِ، ورجلٌ قلبُه مُعلَّقٌ في المساجدِ).[8]
  • المحافظة على الصلاة في المساجد، والعلم بأنّ صلاة الجماعة في المسجد واجبة على المسلم في أصحّ أقوال العلماء، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من سمِع النداءَ فلم يأتِه فلا صلاةَ له إلّا من عذرٍ)،[9] ومن الأمور التي تساعد على المحافظة على الصلاة والثبات عليها أن يحتسب المسلم الأجر الكبير الذي يترتب على أدائها، وخاصّة إذا صلّاها المسلم في جماعةٍ، فهي أعظم أجراً، وأحبّ ّإلى الله تعالى، فقد قال رسول الله: (صلاةُ الرجلِ في الجماعةِ تُضَعَّفُ على صلاتِه في بيتِه، وفي سُوقِه، خمساً وعشرين ضِعفاً، وذلك أنّه إذا توضَّأَ فأحسَنَ الوُضوءَ، ثمّ خرَج إلى المسجدِ، لا يُخرِجُه إلّا الصلاةُ، لم يَخطُ خُطوَةً، إلّا رُفِعَتْ له بها درجةٌ، وحُطَّ عنه بها خَطيئَةٌ، فإذا صلَّى، لم تَزَلْ الملائكةُ تصلّي عليه، ما دام في مُصَلَّاه: اللهمّ صلِّ عليه، اللهمّ ارحَمْه، ولا يَزالُ أحدُكم في صلاةٍ ما انتَظَر الصلاةَ).[10]

شروط الصلاة

هناك بعض الشروط التي يجدر بالمسلم مراعاتها حتى تكون صلاته صحيحة، وفيما يأتي بيانها:[11]

  • الإسلام: فلا يُقبل من الإنسان عمل حتى يُسلم.
  • العقل: وهو مناط التكليف، فإذا ذهب العقل سقطت التكاليف، ومنها: الصلاة، فلا تصحّ صلاة المجنون.
  • التمييز: فقد رفع الله -تعالى- القلم عن الصبيّ حتى يبلغ سبع سنين، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مروا أبناءَكم بالصلاةِ لسبعٍ، واضرِبوهم عليها لعشرٍ، وفرقوا بينَهم في المضاجعِ).[12]
  • رفع الحدث: ويكون بالوضوء.
  • إزالة النجاسة: ويُقصد بها إزالة النجاسة من مكان الصلاة، وعن الثياب المراد الصلاة بها، وعن البدن، وذلك بالتطهّر باستنجاءٍ أو استجمارٍ بعد الذهاب إلى الخلاء.
  • ستر العورة: وهي ما بين الركبة إلى السرّة للرجال والإماء، والجسد كلّه إلّا الوجه بالنسبة للنساء.
  • دخول الوقت: إذ إنّ الصلاة عبادة مقرونة بوقتٍ معيّنٍ، فلا تصحّ الصلاة قبل دخول الوقت، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).[13]
  • استقبال القبلة: وقبلة المسلمين هي البيت الحرام في مكّة، واستقبالها يعني التوجّه إليها أثناء الصلاة.
  • النيّة: ومحلّها القلب.

المراجع

  1. ↑ سورة الذاريات، آية: 56.
  2. ↑ "حقيقة العبادة في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2018. بتصرّف.
  3. ↑ رواه ابن تيمية، في نظرية العقد، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 14، صحيح.
  4. ↑ "شروط صحة العبادة"، knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "يتكاسل أحياناً عن الصلاة فما العلاج"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة مريم، آية: 59.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 82، صحيح
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1031، صحيح.
  9. ↑ رواه ابن باز، في فتح الباري لابن حجر، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1/524، إسناده حسن.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 647، صحيح.
  11. ↑ "شروط الصلاة واركانها"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2018. بتصرّف.
  12. ↑ رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 184/7، صحيح.
  13. ↑ سورة النساء، آية: 103.