كيف أعلم أن الله راض عني

كيف أعلم أن الله راض عني
(اخر تعديل 2024-05-29 00:30:02 )

أسباب رضى الله عن العبد

إنّ من أعظم النعم التي يمنّها الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين في الجنة أن يرضى عنهم فلا يسخط عليهم بعد ذلك أبداً، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك في القرآن الكريم فقال (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ)،[1] والمُراد بقوله عزّ وجلّ أنّ رضوانه عليهم وهم في الجنة أكبر ممّا هم فيه من النعيم، فإنّ نعيمهم في الجنة لم يطب ويحلو إلّا برؤيتهم لوجه الله جل جلاله ورضوانه عنهم، ممّا يدلّ على أنّ رضاه تبارك وتعالى أعظم من نعيم الجنان، وقد بيّنت النصوص الشرعية من الأحاديث النبوية الشريفة وآيات القرآن الكريم كثيراً من أسباب ووسائل الحصول على رضى الله عز وجل في الدنيا والآخرة، فمنها إيمان الإنسان بالله تبارك وتعالى، وانشغاله بالعمل الصالح، ومنها أيضاً بذل النفس لأجل الله سبحانه ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والحرص على الدفاع عن دينه، ودعوته، والجهاد في سبيله، ومنها أيضاً البراءة الكاملة من المشركين وكلّ ما يتعلق بشركهم، مع إظهار العداوة لهم.[2]

ومن الأسباب المعينة على تحصيل رضى الله سبحانه وتعالى عن الإنسان أيضاً الكلمة الطيبة، فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن فضلها فقال: (إنَّ الرجُلَ لَيتكلَّمُ بِالكلِمَةِ من رِضوانِ اللهِ تَعالى ما يَظُنَّ أنْ تَبلُغَ ما بَلَغَتْ ؛ فيَكتبُ اللهُ له بِها رِضوانَهُ إلى يَومِ القِيامةِ)،[3] ومنها أيضاً الإحسان وإخراج الصدقات، ومنها دوام حمد الإنسان لله سبحانه وتعالى وشكره على نعمه وآلائه، ومنها الحرص على إرضاء الوالدين والبرّ بهما، كما يعدّ الرضى بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره سبباً مهمّاً لرضى الله سبحانه وتعالى على العبد، وقد ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديثه أنّ استخدام السواك سببٌ في رضى الله عز وجل عن الإنسان أيضاً، فيجدر بالمسلم أن يجتهد في سعيه للحصول على رضى ربه تبارك وتعالى حتى لو كان طريق ذلك سخط الناس وغضبهم منه.[2]

علامات رضى الله وحبه للعبد

ثبت في آيات القرآن الكريم أنّ الله سبحانه وتعال يرضى عن عباده المؤمنين ويحب أولياءه وأصفياءه، وأن لذلك علاماتٌ دالّة عليه، وفيما يأتي بيان جانب منها:[4][5]

  • توفيق الله عز وجل للإنسان للزيادة في أبواب الخير.
  • توفيق العبد للتوبة إلى الله عز وجل، فيتوب عليه ربه تبارك وتعالى، قال الإمام الغزالي إنّ الله إذا أحبّ عبده تاب عليه قبل الموت.
  • حفظ الله تبارك وتعالى لعبده في جوارحه، وتوفيقه لكلّ خير.
  • تمكين حبّ العبد في قلوب الناس، فيجعل له قبولاً ومحبةً عند أوليائه، ويُكسبه رضى الخلق عنه.
  • تحبيب الله سبحانه وتعالى الطاعات لقلب الإنسان الذي يحبه، فيُشغل لسانَه بذكره، ويؤنسه بمناجاته، ويوقظه من الغفلة حين يقع فيها، فيكون موصولاً بالله سائر أوقاته، ويجعل همّه الآخرة لا الدنيا.
  • تنقيته من الذنوب والآثام من خلال ابتلائه بأنواع الابتلاءات.
  • استخدام الإنسان في العمل الصالح، فيموت على ذلك.
  • تسديد ظاهر الإنسان وباطنه.
  • إبعاده عن أنواع الذنوب والمحرمات.

رضى الإنسان عن الله

يُعدّ الرضى عن الله عز وجل عبادةً قلبيةً رفيعة الشأن، وهي درجةٌ إيمانيّةٌ عظيمة قليل من يمكنه الوصول إليها، والسبب في ذلك يعود لجهل الإنسان بربه تبارك وتعالى، فلو أنّ الإنسان عرف الله عز وجل معرفةً حقيقيّةً كما يجب، لظهرت منه علامات التعظيم والتقوى، ولكان صاحب أدبٍ جمّ معه جل شأنه، ويكون الرضى عن الله سبحانه من خلال جانبين مختلفين، يتعلّق الأوّل بالرضى عن أقدار الله المختلفة، مهما كانت عظيمةً وكبيرةً على الإنسان، فقضاء الله نافذٌ لا محالة، والمؤمن يقف من ذلك أحد موقفين، إمّا الرضى والتسليم؛ وهذا هو مقتضى الإيمان الحقيقي بالله -سبحانه- وأسمائه وصفاته، وإمّا بالجزع الذي يُعدّ طبع النفس الإنسانية الهلوعة، وأمّا الجانب الآخر من جانبي الرضى عن الله فهو الرضى عن شريعته وأحكامه، ويكون ذلك بألّا يسخط الإنسان على شيء ممّا أمر الله سبحانه وتعالى به وأنزله، أو ممّا جاءت به الشريعة الإسلامية، بل ينقاد لكلّ ذلك، ويكون الخضوع والتسليم هو ديدنه في التعامل مع شريعة الله، فلا ينتقي أو يتخيّر منها، بل يأخذ بكلّ ما جاء فيها بعيداً عن أهواء نفسه ورغباتها.[6]

وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أنّ الرضى عن الله تبارك وتعالى يتحقق في أمور ثلاثة، أوّلها استواء الأحوال جميعها عند العبد، وثانيها سقوط الخصومة بينه وبين الناس، وثالثها ترك مسألة الناس والإلحاح فيها، فالإنسان الراضي بقضاء الله تستوي لديه النعمة والبليّة، وما ذلك إلّا لرضاه وعلمه بحسن اختيار الله له، ولوصول الإنسان إلى هذه الدرجة الرفيعة من الرضى عن الله ثمراتٌ عديدةٌ على الإنسان، فهو يثمر رضى الله تبارك وتعالى عنه أيضاً، وكلّما رضي الإنسان بالقليل من الرزق رضي الله عنه بالقليل من العمل، وإذا رضي عن ربه تبارك وتعالى في جميع أحواله وجد رضى الله عنه أسرع إذا طلب رضاه وتملّقه، وبالمقابل فإنّ سخط العبد يؤدي به إلى عدم الثبات مع الله، فلا يرضيه إلا ما يلائم طبعه وهواه، وكلّما جرى معه ما لا يلائمه من الأحوال سخط لذلك، فزلت قدمه عن مقام العبودية.[6]

المراجع

  1. ↑ سورة التوبة، آية: 72.
  2. ^ أ ب د. أمين بن عبدالله الشقاوي (2010-10-9)، "رضوان الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-30. بتصرّف.
  3. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن بلال بن الحارث المزني، الصفحة أو الرقم: 1619، صحيح.
  4. ↑ "علامات حب الله ورضاه عن العبد"، www.islamweb.net، 2002-8-10، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-30. بتصرّف.
  5. ↑ نجلاء جبروني (2017-1-8)، "علامات حب الله للعبد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-30. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مريم بنت حسن تيجاني (2015-6-9)، "الرضا عن الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-30. بتصرّف.