كيف أتعلم صلاة الليل

كيف أتعلم صلاة الليل
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

شرف المؤمن

إنّ أفضل صلاة يتقرّب بها العبد إلى الله -تعالى- بعد صلاة الفريضة هي صلاة الليل، وقد ورد في فضل صلاة الليل عدّة آيات وأحاديث، وصلاة الليل تعدّ دليل على محبّة العبد لله -تعالى- حين يقبل إليه بالدّعاء والذّكر وقراءة القرآن الكريم وكلّ النّاس مستغرقين في نومهم، وإذا استغلّ العبد وقت الليل بالعبادات والطّاعات يكون قد نال أجراً عظيماً وبركةً وقُرباً من الله تعالى، وفي فضل ذلك قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (أفضلُ الصلاةِ، بعد الصلاةِ المكتوبةِ، الصلاةُ في جوفِ الليل)،[1] وجاء جبريل -عليه السّلام- إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ليعلّمه بعض الكلمات؛ منها: (يا مُحمَّدُ شَرفُ المؤمِنِ قيامُ اللَّيلِ وعزُّهُ استِغناؤُهُ عنِ النَّاسِ)،[2] فقيام الليل يعدّ سبب رئيسيّ لعلوّ شأن المسّلم وشرفه ونجاحه في الدنيا والآخرة.[3]

كيفيّة صلاة الليل

كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقوم الليل ويُوصي أصحابه -رضي الله عنهم- به، وكان يصلّي عدّة ركعات وكا يبدؤها بركعتين خفيفتين ثمّ يكمل باقي الصّلاة بركعاتٍ طويلة ثمّ يختمها بصلاة الوِتْر؛ وفيما يأتي بيان صفة وكيفيّة صلاة الوِتْر:[4]

كيفيّة صلاة الليل

تُصلّى صلاة الليل ركعتين ركعتين كما دلّ على ذلك الحديث النبويّ، ويسلّم المصلّي بعد كلّ ركعتين، ووورد عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنّه سأل الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن صلاة الليل؛ فقال: (صلاةُ الليلِ مَثْنى مَثْنى، فإذا رأيتَ أنَّ الصبحَ يُدركُك فأَوتِرْ بواحدةٍ، فقيل لابنِ عمرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قال: أن تُسلِّمَ في كلِّ ركعتَينِ)،[5] وقال ابن عباس -رضي الله عنه- إنّه شهد صلاة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ذات ليلة: (فصلى ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ ركعتين، ثمّ أَوْتَرَ، ثمّ اضطجَعَ حتى جاءه المؤذنُ، فقام فصلّى ركعتين خفيفتين، ثمّ خرَجَ فصلى الصبحَ)،[6] والعدد المسّنون لركعات صلاة الليل هو أحد عشر أو ثلاثة عشر ركعة، تُستفتح بركعتين خفيفتين، وقالت عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يفتتح قيامه لليل بركعتين خفيفتين وأوصى أصحابه بذلك، وفي المُقابل كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يُطيل القيام في بعض الرّكعات، وورد في صحيح مسلم أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- استفتح بسورة البقرة حتّى أكملها، ثمّ افتتح سورة النّساء فأكملها، ثمّ سورة آل عمران فأكملها ثمّ ركع.[7][4]

صفة صلاة الوِتْر

صلاة الوِتْر تكون في نهاية ركعات القيام، وتكون ركعة واحدة أو ثلاث ركعات أو خمس أو سبع أو تسع، فإذا صُلّيت ثلاث ركعات كانت الرّكعات متّصلة دون الجلوس بعد الرّكعة الثّانية للتشهّد الأوّل، وقد تكون شفعاً، أي بصلاة ركعتين ثمّ التشهّد الأوّل ثمّ صلاة ركعة مع النيّة على أنّ جميع الرّكعات وِتْر، وجاء في روايات مرفوعة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يصلّي صلاة الوِتْر ثلاث ركعات، وكان يقرأ فيهنّ سورة الأعلى ثمّ سورة الكافرون ثمّ سورة الإخلاص ثمّ تختم بالتشهّد والسّلام، وصلّى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الوِتْر خمس ركعات وروت عائشة -رضي الله عنها- ذلك؛ حيث قالت: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يوتِرُ بخَمسٍ لا يجلِسُ في شيءٍ مِن الخَمسِ إلَّا في آخِرِهنَّ يجلِسُ ثمَّ يُسلِّمُ)،[8] وكذلك تكون صلاة سبع ركعات للوِتْر، وصلاة الوِتْر تسع ركعات تكون بوصل ثماني ركعات ثمّ الجلوس للتشهّد، ثمّ صلاة الرّكعة التّاسعة ثمّ الجلوس للتشهّد والسّلام.[4]

أجر صلاة الليل

كتب الله -تعالى- الأجر العظيم لأهل قيام الليل وفضّل وقتها على سائر أوقات الصّلاة، وفيما يأتي بيان الأجور التي ينالها المستمرّ في صلاة الليل:[9]

  • وصف الله -تعالى- أجر قائمين الليل يوم القيامة بأنّه عظيم، حيث قال الله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).[10]
  • وصف الله -تعالى- قائمين الليل بالمتّقين، حيث قال: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).[11]
  • وعد الله -تعالى- قائم الليل بالأجر العظيم وبعدم مساواته بمن لم يكن من أهل القيام ووأهل الاستغفار بالأسحار، حيث قال: ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[12]
  • جعل الله -تعالى- قيام الليل مفتاحاً لدخول الجنّة، ورد في الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ).[13]
  • خصّ الله -تعالى- وقت السَّحَر باستجابة الدّعاء ومغفرة الذّنوب، فقال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ يُمْهِلُ، حتى إذا ذهب ثلثُ الليلِ نزل إلى السماءِ الدنيا، فيقول: هل من مستغفرٍ، هل من تائبٍ، هل من سائلٍ، هل من داعٍ، حتى ينفجِرَ الفجرُ).[14]

أمور تُعين على صلاة الليل

يجب على المسّلم أن يجتهد في صلاة الليل ويأخذ بالأسباب التي تُعينه على الاستيقاظ ليلاً، ومن الأمور التي تُعين على قيام الليل:[9]

  • ترك المعاصي والابتعاد عنها؛ لأنّ الذّنوب تُبعد الإنسان عن الله -تعالى- وتُشغله عن الذّكر وعن العبادات.
  • قلّة الأكل وخاصّة قبل النوم؛ لأنّ الطعام يثقل الإنسان ويُكسّله عن القيام.
  • التوجّه إلى الله -تعالى- بأن يُعين العبد على قيام الليل.
  • الأكل الحلال والابتعاد عن مواطن الشُّبهات في كسب وطلب الرّزق.
  • الإكثار من ذكر الله عزّ وجلّ.

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
  2. ↑ رواه الحاكم، في المستدرك، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 5\463، صحيح.
  3. ↑ "شرف المؤمن قيام الليل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-11. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "كيفية قيام الليل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-12. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4571، صحيح.
  7. ↑ "مقدار القراءة في صلاة الليل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-12. بتصرّف.
  8. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2440، صحيح.
  9. ^ أ ب "فضل قيام الليل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-12. بتصرّف.
  10. ↑ سورة السجدة، آية: 16-17.
  11. ↑ سورة الذاريات، آية: 17-18.
  12. ↑ سورة الزمر، آية: 9.
  13. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن سلام، الصفحة أو الرقم: 2485، صحيح.
  14. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 758، صحيح.