كم عدد سجدات التلاوة في القرآن الكريم

كم عدد سجدات التلاوة في القرآن الكريم
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

مشروعية سجود التلاوة

يستحبّ سجود التلاوة لمن قرأ أو سمع آية سجدة،[1] وهو ليس واجباً فمن تركه لا إثم عليه سواء أكان إماماً أو منفرداً، ويجوز أداؤه في أوقات النهي؛ لأنّ سجود التلاوة لا يُعطى أحكام الصلاة العادية، كما يجوز أن يومئ بالسجود العاجز أو من لم يستطع لانشغاله أو كوّنه يركب سيارة،[2] وقال بعض العلماء بوجوبه لكنّ الصواب أنّه ليس بواجب ودلّ ذلك على عدم وجوبه.[3]

عدد سجدات التلاوة ومواضعها

جاء سجود التلاوة في القرآن في خمسة عشر موضعاً، فعن عمرو بن العاص: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقرأَهُ خمسَ عشرةَ سجدةً في القرآنِ العظيمِ مِنْهَا ثلاثةٌ في المُفَصَّلِ)،[4] وهي:[1]

  • قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩).[5]
  • قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ۩).[6]
  • قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).[7]
  • قوله تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا).[8]
  • قوله تعالى: (إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩).[9]
  • قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩).[10]
  • قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩).[11]
  • قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ۩).[12]
  • قوله تعالى: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ).[13]
  • قوله تعالى: (إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩).[14]
  • قوله تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩).[15]
  • قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).[16]
  • قوله تعالى: (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ۩).[17]
  • قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ۩).[18]
  • قوله تعالى: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩).[19]

آراء العلماء في عدد سجدات التلاوة

اختلف العلماء في عدد سجدات التلاوة فمنهم من قال أنّها إحدى عشرة سجدة، ومنهم من قال بإنّها أربع عشرة سجدة، ومنهم من قال إنّها خمس عشرة سجدة، وفي هذه الفقرة بيان حجّة كل فريقٌ منهم ثمّ نورد ردّ ابن قدامة في كتابه (المغني) على كل حجّة كما أوردها هو، وفيما يأتي بيان رأيٍّ كل فِئةٍ وأدلّة القائلين به:[20]

  • القول بأنّها أربع عشرة سجدة، وهذا هو المشهور وقد قال به كلٌّ من الشافعي وأبي حنيفة في أحد قوليهما، وهو مروٌّ عن أبي بكر وعمر، وعن ابن مسعود، وعمّار، وأبي هريرة وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وهو أيضاً قول جماعةٍ من التابعين، وقول إسحاق، فقد قالوا: إنّ في المُفصّل ثلاثُ سجدات.
  • القول بإنّها خمس عشرة سجدة، منها سجدة (ص)، وهذا مروي عن الإمام أحمد في قوله الآخر، وهو أيضاً قول عقبة بن عامر وإسحاق، فقد رُوي عن عمرو بن العاص: (أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرأه خمسَ عشرة سجدةً في القرآن منها ثلاثَ عشرة في المفصَّل، وفي سورة الحجِّ سجدتان).[21]
  • القول بإنّها إحدى عشرة سجدة، وقد قال به مالك في رواية عنه والشافعي في أحد قوليه فجاء عنهم أنّ: (عزائم السجود إحدى عشرة سجدة ليس منها شيءٌ من المُفَصّل)، وهو قول ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب، وابن جبير والحسن وعكرمة ومجاهد وعطاء وطاوُس ومالك وطائفةٌ من أهل المدينة، وقد استدلّت هذه المجموعة بلحديثٍ منكرٍ نسب إلى عبدالله بن عباس قوله: (انَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ لَم يسجُد في شَيءٍ من المُفَصَّلِ مُنذُ تحوَّلَ إلى المدينةِ).[22]

فنّد ابن قدامة هذه الآراء وردّ عليها فقال:

  • إنّ هنالك العديد من الأحاديث التي وردت عن أبي هريرة كقول أبي رافع: (صلَّيتُ معَ أبي هُرَيرَةَ العتَمَةَ فقرَأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجَد، فقلتُ: ما هذه السَّجدَةُ؟ قال: سجَدتُ بها خَلفَ أبي القاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلا أَزالُ أسجُدُ بها حتى أَلقاه)،[23] وما جاء عن أبي هريرةَ قوله: (سجدنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[24] وأبو هريرة أسلم بالمدينة في السنة السابعة لذلك أحاديثه أولى من ابن عباس؛ لأنّها أحاديث صحيحة في حين أنّ حديث ابن عبّاس الوارد هنا إسناده واهٍ، كما أنّ ما رواه أبو هريرة جاء بصيغة الإثبات في حين أنّ ما رُوي عن ابن عبّاس جاء بصيغة النفي، إضافةً إلى أنّ ابن عباس قد كان في حياة النبي صبيّاً، وهو بذلك نفى شيئًا لم يحضره.
  • إنّ قول ابن عبّاس يُستدل به على أنّ عدد آيات السجود في غير المُفصّل إحدى عشرة سجدة وهذا مما لا خلاف فيه.
  • إنّ عدم سجود النبي بشيء من سور المُفصّل دليلٌ على كون السجود فيها ليس واجباً.
  • إنّ الرواية القائلة بالسجود في خمس عشرة موضعاً قد بُنيت على أنّ سجدة سورة (ص) من عزائم السجود فقد رُوي عن عمر وابنه أنّهم سجدوا فيها، وهذا أيضاً قول الحسن ومالك والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي، وقد جاء عن ابن عبّاس أنّ النبي قد سجد فيها، والصحيح أنّها ليست من عزائم السجود وهذا قول علقمة والشافعي، وبذلك يكون سجود النبي في (ص) سجود شكر وبهذا تضعف الرواية القائلة إنّ السجود للتلاوة كان في خمس عشرة موضعاً في القرآن الكريم.

المراجع

  1. ^ أ ب السيد سابق، فقه السنة، القاهرة: دار مصر للطباعة، صفحة 156_158، جزء الثاني. بتصرّف.
  2. ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2006)، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الطبعة الأولى )، الرياض_المملكة العربية السعودية: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، صفحة 163، 166، 167، جزء الثاني المجلد السادس فقه(الصلاة). بتصرّف.
  3. ↑ العلامة محمد بن صالح العثيمين (2006)، فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (الطبعة الأولى )، القاهرة: المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، صفحة 215، جزء الثاني. بتصرّف.
  4. ↑ رواه العيني، في عمدة القاري، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم: 7/139، صحيح.
  5. ↑ سورة الأعراف، آية: 206.
  6. ↑ سورة الرعد، آية: 15.
  7. ↑ سورة النحل، آية: 49.
  8. ↑ سورة الإسرء، آية: 107.
  9. ↑ سورة مريم، آية: 58.
  10. ↑ سورة الحج، آية: 18.
  11. ↑ سورة الحج، آية: 77.
  12. ↑ سورة الفرقان، آية: 60.
  13. ↑ سورة النمل، آية: 25.
  14. ↑ سورة السجدة ، آية: 15.
  15. ↑ سورة ص، آية: 24.
  16. ↑ سورة فصّلت، آية: 37.
  17. ↑ سورة النجم، آية: 62.
  18. ↑ سورة الانشقاق، آية: 21.
  19. ↑ سورة العلق، آية: 19.
  20. ↑ ابن قدامة (1997)، المغني (الطبعة الثانية)، الرياض_المملكة العربية السعودية: دار عالم الكتب، صفحة 352_355، الجزء الثاني. بتصرّف.
  21. ↑ رواه ابن القيم، في أعلام الموقعين، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم: 2/298، صحيح.
  22. ↑ رواه ابن عبدالبر، في التمهيد، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 19/120، منكر.
  23. ↑ رواه ابن عبدالبر، في التمهيد، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 19/122، صحيح.
  24. ↑ رواه ابن عبدالبر، في التمهيد، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 19/121، صحيح.