ما مقدار المبيت بمنى

ما مقدار المبيت بمنى
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

فريضة الحجّ

الحجّ ركنٌ من أهم أركان الإسلام، وهو فرضٌ من فروض الدين، وسنّة أنبياء الله والمرسلين، وقصدُ الحجّ شعيرةٌ من شعائر المُتقين، وهو رحلةٌ إيمانيّةٌ ومؤتمرٌ إسلاميٌّ مهيبٌ، حيث تشتاق إليه أرواح وقلوب المُحبين، فهناك تعلو صيحات التهليل والتلبية، وتصدح أصوات الموحّدين، معلنةً براءتها إلى الله ورسوله من الشرك والمشركين، وقد حجّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حجّة الإسلام، وأخذ عنه المسلمون مناسك الحج وأحكام المفردين والقارنين والمتمتعين، وقد فصّل العلماء في مناسك الحجّ؛ فبينوا أركانه وواجباته وسننه وآدابه، ويعدّ المبيت بمنى وما يتخلّله من أعمال فيها من المعالم والشعائر الهامّة في نسك الحجّ، فما مقدار المبيت بمنى، وما الأعمال المقترنة بهذا المكان؟

مقدار المبيت بمنى وأحكامه

المبيت بمنى له أحكام تتعلق بوقته ومقداره ومفهومه، وقد بيّن العلماء الأحكام والمسائل المتعلّقة بمنى؛ من حيث تفصيلات المبيت فيها، والأعمال التي يؤدّيها الحجّاج فيها، وفي ما ياتي تفصيلها.

مقدار المبيت بمنى

بعد طواف الإفاضة في اليوم العاشر من ذي الحجّة يَرْجِع الحاج فيَبِيت بمِنى أيام التشريق، وهي ثلاث ليال: ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجّة، وهنّ ليلة الثاني، وليلة الثالث، وليلة الرابع من عيد الأضحي إن لم يتعجّل، أمّا إن تعجّل، فله أن يبيت ليلتَين فقط، مع ضرورة أن يخرج الحاج من منى قبل غروب الشمس من اليوم الثالث، وإلاَّ لزمه المبيت ليلة اليوم الرابع، والرمي فيه؛ لقول الله تعالى: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)،[1] وقد ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أفاض رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حينَ صلَّى الظُّهرَ، ثمَّ رجَع إلى منًى فأقام بها أيَّامَ التَّشريقِ الثَّلاثَ، يرمي الجِمارَ حتَّى تزولَ الشمس بسَبْعِ حصَياتٍ كلَّ جمرةٍ، ويُكبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ تكبيرةً، يقِفُ عندَ الأولى وعندَ الوسطى ببطنِ الوادي؛ فيُطيلُ المُقامَ، وينصرِفُ إذا رمى الكبرى، ولا يقِفُ عندَها).[2][3][4]

أحكام ومسائل المبيت بمنى

يتعلّق بالمبيت بمنى أحكامٌ ومسائل يجدر بالحاجّ معرفتها والقيام بها، ومن هذه المسائل:[4]

  • مفهوم المبِيت بمِنى: يقصد بالمبيت بمنى المُكْث بها، وليس النوم شرطاً، وإن كان متضَمَناً في معنى المكث.
  • حكم المَبِيت بمنى: جمهور الفقهاء على أنّ المبيت بمِنى واجبٌ من واجبات الحجّ، واستندوا إلى أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد رخَّص للرُّعَاة أن يتركوا المبِيت بمنى، وفي هذا دلالة على وجوبه في حقّ غيرهم، ولا يجوز لهم ترك المبِيت، ثمّ اقتداءً بصفة حجّ النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث بات بمنى، وقال: (يا أَيُّها الناسُ خُذُوا عَنِّي مناسكَكم)،[5] في حين ذهب الحنفية وابن حزمٍ إلى القول بأنّه سنَّةٌ.
  • وقت المبيت بمنى: لم تفصّل الروايات في وقت المَبِيت من الليل بمنى على وجه التحديد، والراجح أنّه يُجزيء الحاج إن بات بمنى في أولّ الليل، أو آخره، أو الليل كله أو بعضه، حيث إنّ المبيت بمنى ليس بذلك العمل المؤكّد مثل الرمي مثلاً.
  • ما الذي يقتضيه عدم المبيت بمنى: جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنّ من لم يبت بمنى لزمه دمٌ؛ وذلك لتركه واجباً من واجبات الحج، وهذا في حقّ من ترك المبيت الأيام الثلاثة كلّها، أمَّا من تركه ليلة مثلاً فلا يلزمهُ دمٌ؛ لأنّه وإن لم يبت ثلاثة أيامٍ إلا أنّه أتى بجنس المبيت، مع فوات الأكمل في حجّه، في حين ذهب من خالف الجمهور في المسألة إلى أنّه أساء ولا يلزمه شيءٌ، والخلاف ناشيءٌ عن حكم المبيت بمنى أصلاً.
  • رخصة ذوي الأعذار في ترك المبيت: حيث رخّص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لعمه العبّاس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة من أجل السِّقَاية، وذهب كثيرٌ من العلماء إلى أنّ هذه الرخصة تعمّ أصحاب الحاجات، ومن تقتضي طبيعة أعمالهم مغادرة منى كالذين يشتغلون بمصالح الحجاج، ونحوهم.
  • المبيت بمنى ليلة الوقوف على صعيد عرفات: أي في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، فهو سنّةٌ من فعلها مأجورٌ مبرورٌ، ومن ترك المبيت فيها وصعد على عرفاتٍ دون المرور أو المبيت بمنى فلا بأس عليه.[6]

أعمال الحاجّ في منى

بعد وصول الحاجّ إلى منى يشرع في عدّة أعمال:[3]

  • يرمي جمرة العقبة بسبع حصياتٍ متتالياتٍ يوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم النحر، وإن استطاع استقبال القبلة عند رمي الجِمار كان أفضل، ويُستحبُّ أن يكون الرمي من بعد شروق الشمس إلى زوالها.
  • يقوم بذبح الهدي، ويمكنه التوكيل لجهةٍ موثوقةٍ تقوم بذلك نيابةً عن الحاجّ.
  • الحلْق، أو التقصير.
  • بعد إتمام طواف الإفاضة في البيت الحرام يعود الحاجّ إلى منى؛ للمبيت بها ثلاث ليالٍ ما لم يتعجّل، وذلك حسب ما تمّ إيضاحه سابقاً.
  • رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة، وهى الأيّام المعدودات الواردة في قوله الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ).[1]
  • ثاني يوم النحر يقوم الحاجّ القادر برمي الجمرات الثلاث تباعاً، بحيث تُرمى كلّ جمرةٍ بسبع حصياتٍ متتالياتٍ، مع التكبير عند رمي كلّ حصاةٍ، ويُستحبُّ أن يكون الرمي من بعد الزوال إلى المغرب، ثمّ يُكرِّر الحاج رمي الجمرات باقي أيام التشريق.
  • ثالث أيام التشريق وهو رابع يوم العيد ويسمى يوم النفر الثاني، فبعد الرمي لمن تأخر تنتهي مناسك وأعمال الحجّ في منى، ويغادر الحاجّ إلى مكة، ولا يُشرع لأحدٍ المكث في منى بعد رمي يوم الرابع عشر من شهر ذي الحجّة.[7]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة البقرة، آية: 203.
  2. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 3868 ، أخرجه في صحيحه.
  3. ^ أ ب صلاح سلام (26-11-2009)، "رحلة الحج في خطوات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2018. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عادل العزازي (14-11-2013)، "المبيت بمنى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2018. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 7882 ، صحيح.
  6. ↑ عبد العزيز الداود (27-12-2015)، "الذهاب إلى منى في اليوم الثامن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2018. بتصرّف.
  7. ↑ طارق حجازي (19-9-2015)، "الأيام التي تؤدى فيها مناسك الحج ستة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2018. بتصرّف.