كيف تكون سجدة السهو

كيف تكون سجدة السهو
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

سجود السهو

يسعى الشيطان لتشويش الصلاة وتشتيت أفكار المصلّي بالعديد من الخواطر والأفكار، ممّا قد يُوقع المصلي في النقص من الصلاة أو الزيادة عليها، وإن حصل ذلك في الصلاة فيشرع للمصلي السجود للسهو، والمقصود بالسهو النسيان، وقد وقع من النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك لتعليم الأمة الإسلامية أحكام السهو في الصلاة، وفي ذلك قال أحمد بن حنبل رحمه الله: (يحفظ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم خمسة أشياءٍ سلّم من اثنتين فسجد، وسلّم من ثلاثٍ فسجد، وفي الزيادة والنقص، وقام من اثنتين ولم يشهد)، وذهب الجمهور من العلماء إلى القول بأنّ سجود السهو واجبٌ، ودليلهم في ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا شك أحدُكم في صلاتِه، فليتحرَّ الصوابَ فليُتِمَّ عليه، ثم ليُسلِّمْ، ثم يَسجُدْ سجدتين)،[1] وتجدر الإشارة إلى أنّ سجود السهو يشرع عند النقص من الصلاة، أو الزيادة فيها، أو الشك في الزيادة أو النقص.[2]

كيفية سجود السهو

يكون السجود للسهو بالسجود مرتين، فيكبّر المصلّي ثمّ يسجد، ثمّ يكبّر ويرفع رأسه من السجود، ويفعل للسجدة الثانية ما فعل في السجدة الأولى، ثمّ يجلس ويسلّم إن كان السجود للسهو قبل السلام من الصلاة، ولكن إن سجد للسهو بعد الصلاة فعليه الجلوس والتشهّد ثمّ السلام، وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء اختلفوا في وقت سجود السهو بالنسبة للصلاة، وبيان ذلك بشكلٍ مفصّل فيما يأتي:[3]

  • ذهب فقهاء الحنفية وغيرهم إلى القول بأنّ سجود السهو يكون بعد التسليم من الصلاة مطلقاً، والدليل في ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قال عن النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكروني، وإذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه فليتحرَّ الصوابَ، فلْيُتِمَّ عليه، ثم لِيسجدْ سجدتين).[1]
  • ذهب الإمام الشافعي وغيره من الفقهاء إلى أنّ سجود السهو يكون قبل السلام من الصلاة في الأحوال جميعها.
  • فرّق المالكية بيّن سجود السهو إنّ كان بسبب النقص من الصلاة أو بسبب الزيادة فيها، فقالوا بأنّ سجود السهو يكون قبل السلام من الصلاة إن كان السبب له النقص، ويكون بعد السلام إنّ كان السبب الزيادة في الصلاة.
  • ذهب كلٌّ من الحنابلة والظاهرية إلى القول بأنّ سجود السهو يكون بحسب ما وردت الأحاديث النبوية في شأنه، فذهب الحنابلة إلى أنّ سجود السهو يكون بعد السلام في ثلاث حالاتٍ وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهي عندما سلّم من ركعتين، وعندما سلّم من ثلاث ركعاتٍ، والحالة التي نصّ عليها الحديث السابق المُروي عن ابن مسعود رضي الله عنه، والظاهرية قالوا بأنّ سجود السهو يكون بعد السلام من الصلاة، إلّا أنّ الساهي مخيّرٌ في حالتين من حالات السهو، وهما: إن نسي المصلّي التشهّد الأوسط، وإن شكّ المصلّي في عدد الركعات التي أدّاها، وفي هذه الحالة يبني المصلّي صلاته على العدد الأقل من الركعات، ثمّ يخيّر بين الإتيان بسجود السهو أم لا.
  • تجدر الإشارة إلى أنّ العلماء متفقين على أن المصلّي لو سجود للسهو بعد التسليم أو قبله، سواءً أكان سببه الزيادة في الصلاة، أم لجبر النقص الذي حصل بها لا يبطل لا يفسد صلاته، والخلاف الذي تم بيانه آنفاً خلافاً في الأفضلية والخيرية.

بيّن العلماء العديد من الاحكام المتعلّقة بسجود السهو، وفيما يأتي بيان البعض منها بشكلٍ مفصّلٍ:[4]

  • إن سها المصلّي عن سجود السهو، ولم يؤده، فلا يترتب عليه شيءٌ، وصلاته صحيحةٌ لا تبطل، فالسهو عن السهو لا يُبطل الصلاة.
  • إن سها المصلّي أكثر من مرة في الصلاة الواحدة، فيسجد سجدتين فقط لجميع ما وقع من سهو في صلاته، وذهب بعض العلماء إلى القول بأنّه يسجد سجدتين عن كلّ سهوٍ، إلّا أنّ الحديث الذي استدلّوا فيه حديثٌ ضعيفٌ، كما بيّن ذلك الإمام النووي، كما أنّه قال: (ولو كان صحيحاً لَحُمِل على أن المراد: يكفي سجدتان)، كما قال الإمام المناوي: (كلَّ مَن سها في صلاته بأيِّ سَهْوٍ كان يسجد سجدتين ولا يَخْتَصَّان بالمَواضِع التي سها فيها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا بالأنواع التي سها فيها، فلا حجة فيه لِمَن قال بتَعدُّد السجود بتعدُّد مُقتَضِيه).
  • بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنّ جمهور العلماء من الإمام أحمد والإمام الشافعي والإمام مالك ذهبوا إلى القول بأداء سجود السهو بعد التسليم من الصلاة والكلام، مستدلّين بما رواه عبد الله بن مسعود أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أدّاه بعد السلام والكلام، إلّا أنّ الحنفية قالوا بأنّ سجود السهو لا يكون بعد الكلام، لأنّ الكلام ينافي الصلاة، فهو كالحدث.
  • ذهب ابن تيمية -رحمه الله- إلى القول بأنّ الإمام الذي لم يجلس للتشهّد الأول رغم تسبيح بعض المصلّين، وسجد للسهو قبل التسليم من الصلاة فلا حرج عليه، ولا يترتب عليه أي شيءٍ، وذلك ما صحّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإن سها الإمام في عدد الركعات فقام مثلاً لأداء الركعة الخامسة للصلاة الرباعية في الأصل، رغم أنّه لم يعتبر بالتسبيح الصادر عن المصلّين الذين معه، فعلى المصلين انتظار الإمام بأن يبقوا جالسين منتظرين تسليم الإمام ليسلّموا معه، ويجوز لهم أن يسلّموا قبله، إلّا أن الانتظار أفضل في حقّهم.

المراجع

  1. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 401، صحيح.
  2. ↑ "سجود السهو: تعريفه وأسبابه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "سجود السهو"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "سجود السهو مسائل وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2018. بتصرّف.