كيف تتقرب إلى الله أكثر

كيف تتقرب إلى الله أكثر
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

محبّة الله

تطلق المحبّة على ما يميل إليه الإنسان ويوافق قلبه، وقد تكون المحبّة بسبب الإحسان واللطف في المعاملة، حيث إنّ النفس الإنسانيّة تميل إلى حبّ من أحسن وتفضّل عليها، والحبّ يتفاوت ويتغيّر لدى الناس؛ تَبَعاً لاختلاف درجة المعرفة لديهم؛ فالحبّ من ثمرات الإدراك والمعرفة، والحبّ يكون بسبب العديد من الأمور، فإمّا أن يصدر من المحبوب العديد من الأفعال والصفات التي تدعو إلى محبّته، مع شعور المحبّ بتلك الصفات، وقد تكون المحبّة بسبب التوافق بين المحبّ والمحبوب، والمحبّة تكون على عدّة أنواعٍ؛ فمنها ما يكون غريزيّاً، ومن ذلك حبّ المال والأهل والولد، وهي مباحةٌ إن لم تلهِ العبد عن طاعة الله تعالى، ولم تؤدّي إلى معصيته، وقد تكون المحبّة شركيّةً؛ كمحبّة العبد للأنداد الذين اتخذهم من غير الله تعالى، بحيث تكون محبّتهم في قلب العبد كمحبّته لله تعالى، وهناك محبّة النفاق؛ وهي المتعلّقة بحبّ الباطل وأهله، والعمل على نشر الفاحشة بين الناس، وفي المقابل فهناك المحبّة الإيمانيّة الشرعيّة؛ وهي المتمثّلة بحبّ الله تعالى، وحبّ رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- والصالحين، فحبّ الله تعالى أصل أنواع الحبّ الأخرى، فهو المتّصف بجميع صفات الكمال، وهو المتفضّل والمنعم على عباده بمختلف أنواع النِعم، وإنّ الجدير بالعبد أن يقدّم محبّة الله تعالى على أيّ محبّةٍ أخرى.[1]

وسائل التقرّب من الله

يُمكن للعبد أن يتقرّب من ربّه تعالى بالعديد من الأمور التي تحقّق ذلك، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:[2]

  • تحقيق الإيمان الخالص لله تعالى، والقيام بالأعمال الصالحة، فالأولاد والأموال مهما كثرت لا تقرّب العبد من الله تعالى، بل قد تُبعد العبد عن طاعة الله تعالى، وذكره، والجهاد في سبيله، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا)،[3] فالإيمان والأعمال الصالحة والعبادات والطاعات هي التي تقرّب العبد من الله تعالى، وممّا يدل هلى ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه).[4]
  • الصلاة؛ حيث إنّها من أعظم الوسائل التي تحقّق قرب العبد من ربّه، فقد قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ)،[5] فالسجود من أعظم اللحظات التي يكون فيها العبد قريباً من الله تعالى؛ ليسأله من فضله العظيم، وكرمه غير المحدود، وورد عن علي بن عبد الله بن عباس أنّه كان يسجد في اليوم ألف سجدةٍ، حتى أُطلق عليه السجّاد.
  • ذكر الله تعالى ودعاؤه، حيث قال الله في الحديث القدسيّ الذي رواه البخاري في صحيحه عن الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: (أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرَنِي، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم)،[6] ممّا يدلّ على أنّ ذكر االله تعالى من الأسباب التي تُوصل العبد إلى القرب منه، كما أنّ مداومة العبد على ذكر الله يزرع في نفسه الحياء من الله تعالى، والخوف منه، وإجلاله وتقديره، والاستشعار بمراقبته له دائماً في كلّ الأوقات والأحوال.
  • يتقرّب الله تعالى من عباده، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، فقد يكون قرب الله تعالى من العبد عند إجابة دعائه، حيث قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[7] كما أنّ الله تعالى يتقرّب من عبده الطائع العابد له، الداعي له دعاء التّضرع والثناء والحمد.

عباداتٌ تقرّب العبد من الله

يتقرّب العبد من الله تعالى بالعديد من العبادات والطاعات التي تحقّق ذلك، ومنها:

  • يعدّ الدعاء من أعظم أنواع العبادة التي يقوم بها العبد المسلم، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (الدُّعاءُ هو العبادةِ)،[8] فالله تعالى أمر عباده بالدعاء، ووعدهم باستجابة دعواتهم، فالله تعالى أثنى على الأنبياء والرسل بسبب دعائهم، حيث قال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)،[9] ويخصّ الأمر بدعاء الله تعالى عند وقوع المصائب والشدائد والكروب، فهو وحده الذي يكشف الكروب والمحن ويزيلها عن عباده، وفي المقابل فإنّ العباد الذين لا يدعون الله ولا يتقرّبون إليه بذلك عند وقوع المصائب والشدائد بهم مذمومون، ومن الجدير بالذكر أنّ الله تعالى غنيٌّ عن عباده، ولا يحتاج لهم، ومع ذلك فإنّه يأمرهم بالدعاء ويحثّهم عليه؛ لأنّهم محتاجون لذلك، حيث قال الله تعالى: (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ)،[10] إلّا أنّ الدعاء مشروطاً بعددٍ من الشروط، منها: الحرص على أداء الفرائض من العبادات، والابتعاد عن ارتكاب المعاصي والمحرّمات من الأفعال، وتجنّب أكل الحرام، وعدم الإخلاص في الدعاء.[11]
  • الإخلاص لله تعالى في العبادات، ويتحقّق ذلك بالتجرّد إلى الله تعالى عند أداء العبادة، والحرص على عدم وجود ما ينغّص العبادة من الشوائب، بإفراد الله تعالى بالعبادة والطاعة، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)،[12] إلّا أنّ الشيطان يعمل على إفساد جميع أعمال العباد، ومن الجدير بالذكر أنّ النفس الإنسانيّة تميل إلى حبّ الظهور والمدح، وتركن إلى الراحة والكسل، وتزيّن للعبد الحياة الدنيا بما فيها من الأموال والأولاد والنساء، فإخلاص العبادة ليس بالأمر الهيّن على العبد، وإنّما يتطلّب منه العمل والجدّ والاجتهاد حتّى يحقّقه ويصل إليه.[13]

المراجع

  1. ↑ "محبة الله عز وجل "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2018. بتصرّف.
  2. ↑ "فإني قريب"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2018. بتصرّف.
  3. ↑ سورة سبأ، آية: 37.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 482، صحيح.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7405، صحيح.
  7. ↑ سورة البقرة، آية: 186.
  8. ↑ رواه النووي، في الأذكار، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 478، إسناده صحيح.
  9. ↑ سورة الأنبياء، آية: 90.
  10. ↑ سورة محمد، آية: 38.
  11. ↑ "أعظم أنواع العبادة"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2018. بتصرّف.
  12. ↑ سورة البينة، آية: 5.
  13. ↑ "من أسباب محبة الله تعالى عبدا الإخلاص في العبادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2018. بتصرّف.