كيفية محاسبة النفس

كيفية محاسبة النفس

محاسبة النفس

يفعل الإنسان خلال أيام حياته العديد من الأنشطة، كما ويتفوّه بالعديد من الكلمات المختلفة التي قد تكون موجهةً إلى الآخرين، قاصداً بها معاني معيّنةً، كما أنّه قد تضعه الظروف في موقفٍ سيقرّر فيه قراراً، بحيث يكون هذا القرار متعلّقاً بشخصٍ آخرٍ ربما يكون بعيداً عنه أو قريباً منه، كلّ هذه المواقف من شأنها أن تتراكم داخل النفس الإنسانية، وتترك آثارها سلباً أو إيجاباً، فإذا كان الآثر إيجابياً ارتاح الإنسان، وارتاح ضميره، وارتاحت نفسيته، أمّا إن كان الأثر سلبياً أرّق هذا الفعل الإنسان، وعذّب ضميره، فالقلب هو دليل الإنسان، والذي يستدلّ به على الخيرات، والذي يخبره بأن ما ارتكبه من أفعالٍ، أو ما قاله من أقوالٍ باطلةٍ يجب تصويبها.

معنى محاسبة النفس

يُمكن تعريف محاسبة النفس بعدّة تعريفاتٍ، وللوصول إلى معناها الدقيق والذي يجب الوصول إليه في هذه المقالة لا بدّ من بيان معنى جزئيات التعريف من الناحية اللغوية، وفيما يأتي بيان ذلك:[1]

  • معنى المحاسبة في اللغة: المحاسبة أو الحساب بمعنى عدّ الشيء، ومصدر الكلمتين يرجع إلى الفعل حَسَبَ، يُقال: حسب الشي،ء يحسبه، حسباً، وحساباً، وحسابةً؛ أي عدّه وأحصاه، كما يُقال: حسبت الشيء، أحسبه، حساباً، وحسبت الشيء: أحسبه حسباناً.
  • معنى النفس في اللغة: النفس هي ذاتها الروح، يُقال: خرجت نفس فلان؛ إذا خرجت روحه، ويُمكن تفسيرها بأنّها ما يجول في الخَلَد، أو في الروح، يُقال: في نفس فلانٍ أن يفعل كذا؛ أي أنّه يبحث في رُوعِه أن يفعل كذا، والنفس كذلك هي حقيقة الشيء، يُقال: قتل القتيل نفسه وأهلكها؛ أي أنّه أهدر حياته جميعها، وجمعها على هذا المعنى أنفس ونفوس.
  • معنى المحاسبة اصطلاحاً: هي استيفاء الأعداد فيما للمرء وما عليه، وذلك حسب تعريف المناوي لها.
  • معنى محاسبة النفس اصطلاحاً: عرّفها ابن الحاج بأنّها حبس الأنفاس، وضبط الحواس، ورعاية الأوقات، وإيثار المهمات.

كيفية محاسبة النفس

يرجع تكييف وكيفية محاسبة النفس إلى وقتها، فربما تكون محاسبة النفس قبل القيام بالعمل، سواءً أكان العمل صالحاً أم معصيةً، وربما تكون المحاسبة بعد فعل الفعل، وفيما يأتي بيان كيفية المحاسبة بناءً على الأمرين:[2][3]

  • محاسبة النفس قبل القيام بالعمل: وهو أن يقف المسلم إذا همّ بفعل شيءٍ، أو أراده له، فينظر إن كان العمل موافقاً لأمر الله، ومخالفاً لنهيه، وفق سنة رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّم، فإن كان كذلك أقدم على فعله، طالباً الأجر والمثوبة من الله، وإن كان في فعل ما ينوي القيام به مخالفةً لصريح القرآن، أو السنة، أو لما أمر به الله ورسوله، أو به موافقةً لما نهيا عنه؛ انتهى عنه، وتركه فوراً، ثمّ عليه أن ينظر إن كان في فعل ما فيه خير مصلحةٌ ونفعٌ أُخرويّ له؛ فإن كان فعله له خيرٌ من تركه فعله، وإن كان تركه أفضل تركه، خاصةً فيما يتعلّق بالرياء، والجاه، وطلب الثناء فعليه أن يبتعد عن ذلك الفعل، إن كان لأجل واحدةٍ من تلك الأمور.
  • محاسبة النفس بعد القيام بالعمل: وينقسم هذا النوع إلى ثلاثة أنواعٍ؛ بيانها على النحو الآتي:
  • محاسبة النفس على فعل طاعةٍ قصّر في فعلها، وهي من حقوق الله تعالى، فلم يقم بفعلها على الوجه الصحيح الذي عليه أن يقوم به لتكون تامةً.
  • أن يحاسب المرء نفسه على ما نهاه الله ورسوله عن فعله، فإن كان قد ارتكب شيئاً منها دون علمٍ أو دون قصدٍ تدارك ذلك بالتوبة، والعزم على ألّا يعود إليه، واستغفر، وفعل الطاعات التي تمحي ذلك الفعل، وتزيل أثره.
  • أن يحاسب المسلم نفسه على كلّ فعلٍ قام به، وكان تركه خيراً له من القيام به؛ لرياءٍ، أو جاهٍ، أو غير ذلك.
  • أن يحاسب نفسه على كلّ أمرٍ وفعلٍ مباحٍ قام به، أو كلّ فعلٍ اعتاد على فعله، وسبب فعله له، فإن كان منشأ الفعل رضا الله، ونيل الأجر منه كان ذلك الفعل له وأُجر عليه، أمّا إن كان أراد به الدنيا من خلال أي أمرٍ فيها فإنّه لا يُؤجر نتيجة ذلك، فيستغفر الله لنيّته.

فوائد محاسبة النفس

إنّ لمحاسبة النفس فوائداً جليلةً عديدةً، ومن تلك الفوائد على سبيل التمثيل لا الحصر ما يأتي:[1]

  • من يحاسب نفسه باستمرار يطلّع على عيوبها، ويدرك تقصيره في حقّ نفسه، فيندفع لفعل الطاعات، وترك الكسل والخمول، أمّا مَن لم يُحاسب نفسه فستعلق به ذنوبه؛ لعدم إداركه لتقصيره، فلا تزول عيوبه إلّا بأمر الله.
  • محاسبة المسلم لنفسه دليلٌ على أنّه يخاف الله، ويخشاه، ويستعدّ للقائه بالعمل الصالح، والبعد عمّا يُغضبه.
  • محاسبة النفس تبيّن للمؤمن حقيقة أعماله، إن كانت رابحةً أم خاسرةً من خلال إدراكه لحقيقة وسبب قيامه بتلك الأعمال حتى الصالح منها.
  • محاسبة النفس بعد فعل العمل في الدنيا تريح المسلم يوم القيامة، إذ يكون قد علم ما قام به من العلم الصالح، وما فاته من ذلك.
  • من يحاسب نفسه يمتثل لأوامر الله تعالى، وأوامر نبيه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ويلتزم بما طُلب منه فعله، وينتهي عمّا نهياه عنه.
  • محاسبة النفس تُبعد المسلم عن الغفلة، وتُبعده عن الاستمرار في فعل المعاصي والذنوب.
  • محاسبة النفس تعين المؤمن في استدراك ما ينبغي عليه فعله، ممّا افترضه الله عليه إن حصل فيها نقصاً.
  • محاسبة النفس ينتج عنها محبّة الله لعبده، ورضوانه عليه.

المراجع

  1. ^ أ ب مرفق مصلح ياسين (28-12-2012)، "محاسبة النفس"، www.jameataleman.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2018. بتصرّف.
  2. ↑ أمين بن عبد الله الشقاوي (5-1-2015)، "محاسبة النفس"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2018. بتصرّف.
  3. ↑ محمد صالح المنجد (19-10-2016)، "أهمية التفكّر ومحاسبة النفس"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2018. بتصرّف.