كيفية معرفة قبلة الصلاة

كيفية معرفة قبلة الصلاة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

قبلة الصلاة

حُوّلت قبلة الصلاة إلى الكعبة المشرفة؛ لجعل الجزيرة العربية محور الأهداف والأحداث، ولربط المسلمين بالنبيّ إبراهيم عليه السّلام، ولفسح الطريق أمام فتح مكة، والقضاء على الأوثان في مكّة المكرّمة، فأصبحت مقرّ توحيد الله تعالى، ممّا جعل الأمّة الإسلاميّة تتميّز عن غيرها من الأمم، وميّزت أيضاً العبادة في الإسلام عن العبادة في الأديان الأخرى، فالمسلمون أطاعوا أمر الله تعالى واستجابوا له، أمّا المشركون فقالوا: كما رجع النبيّ إلى القبلة الخاصة بهم، فسيرجع إلى دينهم، إلا أنّ اليهود قالوا: إنّ محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- خالف قبلة الأنبياء؛ ممّا يدلّ على أنّه ليس نبيّاً، وقال المنافقون: إنّ محمداً ترك الحقّ؛ إن كانت القبلة الأولى هي الحقّ، وإنّه كان على باطلٍ؛ إن كانت القبلة الثانية هي الصواب.[1]

كيفيّة معرفة قبلة الصلاة

يعدّ الاتجاه إلى القبلة في الصلاة شرطاً من شروط صحتها، ومن الطرق المعتمدة في تحديد القبلة: الاعتماد على الشمس، وذلك يعتمد أولاً على تحديد جهة الشروق والغروب، ثمّ تحديد الجهات الأربعة؛ الشمال والجنوب والشرق والغرب، ثمّ تُحدّد القبلة، فإن كانت الكعبة بالنسبة للمصلّي تقع في جهة الشرق، توجّه إلى الشرق، وإن كانت الكعبة إلى الشمال منه، جُعلت جهة الشرق إلى يمينه مع استقبال جهة الشمال، ولا يصحّ الاعتماد على الطريقة السابقة، إلا إن عُلم اتجاه القبلة بالنسبة للمصلّي، مع ضرورة تحديد الاتجاهات الأربعة، إلا أنّ العلماء استحدثوا طريقةً جديدةً في تحديد القبلة؛ وذلك بالاستفادة من تعامد الشمس على مكّة المكرّمة؛ حيث إنّ مكّة المكرّمة تقع إلى الشمال من خطّ الاستواء، والشمس تتحرك إلى الشمال والجنوب من خطّ الاستواء خلال فصلي الصيف والشتاء، وبناءً على ذلك؛ فإنّ الشمس ستمرّ مرّتين على مكّة المكرّمة في السنة الواحدة، ممّا يجعل الشمس عموديّةً على مكّة المكرّمة عند دخول وقت صلاة الظهر، والناظر إلى الشمس وهي في الحالة سابقة الذكر يكون متّجهاً نحو القبلة؛ لأنّ الشمس تكون عموديّةً على مكّة المكرّمة، وذلك خلال يومين فقط في العام الواحد، إلا أنّ الطريقة السابقة مقتصرةٌ على من يعاين الشمس وهي عموديّةٌ على مكّة المكرّمة، والبعض يكون الوقت عنده ليلاً بحيث لا يستطيع معاينة الشمس،[2] ومن الوسائل الحديثة المستخدمة في تحديد القبلة: البوصلة، كما أنّ بعض ساعات اليد تحدّد القبلة، مهما كان مكان الشخص الذي يحملها.[3]

أحكامٌ تتعلّق بالقبلة

تعدّ القبلة شرطاً لصحّة الصلاة بإجماع العلماء، ويتعلّق بها عدّة أحكامٍ، وفيما يأتي بيان بعضها:

  • لا يجوز الانحراف والميل عن القبلة قصداً، وخاصّةً في المساجد؛ حيث إنّ القبلة لا تتغير فيها، كما أنّ تحرّي وتحديد القبلة في المساجد تكون بدقّةٍ بالغةٍ؛ حتى لا يحصل أيّ خطأ، ويبقى الناس على الخطأ إلى أن يتمّ اكتشافه.[3]
  • إنّ الصلاة أمام النار مكروهةٌ؛ كالمدفأة والمواقد التي تشعل في فصل الشتاء، أو الشمع؛ مخالفةً لطائفة المجوس الذين يعبدون النار، كما أنّ النار تُفقد الخشوع في الصلاة، إلا أنّ ابن رجب الحنبلي قال بأنّ البخاري نصّ على عدم كراهة الصلاة أمام النار، كما أنّ ابن عثيميين قال: إنّ النار التي لا يجوز الصلاة أمامها هي: النار ذات اللهب، أمّا إن كانت النار غير ملتهبةٍ فالصلاة أمامها غير مكروهةٍ، كما أنّ الناس بحاجةٍ إلى التدفئة في فصل الشتاء، غير أنّ وسائل التدفئة توضع في العادة أمام المأمومين وليس أمام الإمام، ومن القواعد الفقهية المقرّرة: أنّ الحاجات تُبيح المكروهات.[4]
  • نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن استقبال القبلة عند التبوّل والتغوّط، ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، حيث قال: (لقد نهانا أن نستقبلَ القبلةَ لغائطٍ أو بولٍ، أو أن نستنجيَ باليمينِ، أو أن نستنجيَ بأقلَ من ثلاثةِ أحجارٍ، أو أن نستنجيَ برجيعٍ أو بعظمٍ)،[5] غير أنّ الحكم السابق محصورٌ في قضاء الحاجة في الفضاء، فإن كان قضاء الحاجة في البيت والعمران، فلا حرج في ذلك، وإن كان ثمّة سترةٌ بين من يقضي حاجته وبين القبلة فلا بأس.[6]
  • كلّما كان صفّ المصلّين قريباً من الكعبة المشرّفة، كان أقصر، ويصبح طويلاً شيئاً فشيئاً بالابتعاد عنها، فلو كان الصفّ طويلاً بحيث يزيد عن الكعبة، فالصلاة صحيحةٌ ولا حرج في ذلك، وكذلك إن كان الصفّ بشكلٍ مستقيمٍ؛ حيث إنّ استقبال الكعبة لا يقصد منه استقبال عينها.[7]
  • يجوز التطوع في الصلاة على راحلة السفر، دون القيام أو استقبال القبلة، حيث كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يتطوّع في الصلاة وهو على الراحلة مهما كانت وجهتها، كما أنّ العلماء اتّفقوا على صحة الصلاة على الراحلة دون قيامٍ واستقبالٍ للقبلة.[7]
  • اتّفق العلماء على أنّ من شاهد الكعبة وكان قريباً منها فعليه أن يقصدها في صلاته، أمّا من كان بعيداً عنها فعليه قصد وإصابة جهة الكعبة وليس عينها؛ إذ إنّ العلماء اتّفقوا على صحة صلاة الصفّ المستطيل الذي لا يوجد فيه انحناءٌ أو تقوّسٌ إن كان يزيد عن حدود الكعبة.[7]
  • من لم يعلم اتجاه القبلة الصحيح، وأدّى صلاته ثمّ علم الاتجاه الصحيح لها، وكان مخالفاً للاتجاه الذي صلّى إليه، فليس عليه إعادة الصلاة عند جمهور العلماء من مالك وأحمد وأبي حنيفة، إلا أنّ المشهور عند الشافعي أنّ عليه إعادة الصلاة، وذلك ينطبق على من عجز عن معرفة اتجاه القبلة.[7]

المراجع

  1. ↑ "تحويل القبلة دروس وعبر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
  2. ↑ "تحديد القبلة بواسطة الشمس"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "تحديد القبلة في الصلاة"، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "الصلاة باتجاه النار أو المدفأة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 262، صحيح.
  6. ↑ "استقبال القبلة عند قضاء الحاجة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث "من شروط الصلاة استقبال القبلة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.