كيف تؤدى العمرة

كيف تؤدى العمرة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

العمرة

إنّ العمرة من الأسباب والأعمال التي تكفّر ذنوب ومعاصي العباد، إلّا أنّ العلماء اختلفوا في حكمها، فمنهم من ذهب إلى أنّها واجبةٌ، واستندوا في ذلك إلى قول الرسول -صلّى لله عليه وسلّم- فيما روته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: (يا رسولَ اللهِ هل على النساءِ جِهادٌ؟ قال نعم عليهنَّ جهادٌ لا قتالَ فيهِ: الحَجُّ والعمرةُ)،[1] فالحديث يدلّ على أنّ العمرة واجبةٌ كما أنّ الحجّ واجبٌ، وللعمرة العديد من الفضائل، حيث قال النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا)،[2] إلّا أنّ العمرة يجب أن تكون على صفةٍ مخصوصةٍ ومحدّدةٍ، كما أنّه يتعلّق بها العديد من الأحكام، وبيان ذلك فيما يأتي.[3]

كيفيّة أداء العمرة

تؤدّى العمرة بالقيام بإتيان أركانها المخصوصة، وهي أربعةٌ: الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، ثمّ الحلق أو التقصير، ويبدأ المعتمر بالاغتسال والتطيّب قبل الإحرام، ثمّ صلاة ركعتين، ثمّ على المعتمر أن ينوي أداء العمرة، فيقول: (لبيك عمرة)، أو يقول: (لبيك اللهمّ عمرة)، ثمّ يبدأ المعتمر بالتلبية إلى أن يصل إلى الحرم، ويجب على المتعمر الابتعاد عن بعض الأفعال التي تُفسد إحرامه، وهي ما يطلق عليها في اصطلاح العلماء محظورات الإحرام، وهي: حلق شعر الرأس، أو شعر البدن بشكلٍ عامٍّ، قصّ أظافر اليدين أو القدمين، ولبس المخيط من الملابس بالنسبة للرجال، تغطية الرأس بما يلتصق به، كالعمامة مثلاً، ولا بأس بالمظلّة أو الخيمة، كما لا بأس بحمل المتاع أو نقله على الرأس، كما يحظر على المحرم التطيّب، والطيب يُطلق على كلّ ما له رائحةٌ طيّبةٌ، سواءً كان يستعمل في البدن أو الثوب، وسواء كان من المسك أو من غيره، كما يحرُم على المُحرم اصطياد الحيوانات البريّة قصداً وعمداً، وكذلك يحرم عليه قطع الأشجار، والنكاح، والجِماع بزوجته، أو المباشرة بالتقبيل أو اللمس بشهوةٍ، وغير ذلك، وبعد الإحرام بالعمرة يدخل المعتمر إلى البيت الحرام، مع الحرص على نيّة الاعتكاف في المسجد سواءً للصلاة أو للجلوس، وقول الدعاء الخاصّ بدخول البيت الحرام، وتقديم الرجل اليمنى في خلع الحذاء، ثمّ يشرع المعتمر بالطواف حول الكعبة المشرفة، بدءاً من الحجر الأسود، مع رفع اليد اليمنى تجاهه، والحرص على الإسراع في الطواف في الأشواط الثلاثة الأولى، ويقول المعتمر بين الركن اليماني والحجر الأسود في كلّ شوطٍ من الطواف: (ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ)،[4] وذلك دون رفع اليدين أو الإشارة إلى شيءٍ، ثمّ يؤدي المعتمر ركعتين خلف مقام إبراهيم، وذلك بعد الانتهاء من الطواف، يقرأ في الركعة الأولى منها سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص وذلك بعد قراءة سورة الفاتحة في كلٍّ منهما، ثمّ يرتوي المعتمر من ماء زمزم متّجهاً إلى القبلة، داعياً الله تعالى بما شاء من الأدعية، ثمّ على المعتمر أن يسعى بين الصفا والمروة، تالياً قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)،[5] ويبدأ السعي من الصفا، وآخر أركان العمرة يتمثّل بالحلق أو التقصير، وذلك بالأخذ من جميع أجزاء الشعر بالنسبة للرجل، أمّا المرأة فتأخذ من شعرها بقدر عقدة الإصبع.[6]

بيّن العلماء عدّة أمورٍ تتعلّق بالعمرة، يجب على المعتمر تعلّمها، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:[7]

  • لا يجوز للمعتمر أن يتجاوز الميقات المكاني الخاص به دون أن يُحرم منه، وبيّن الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- المواقيت المكانية الخاصّة بأهل كلّ منطقةٍ، فيمقات ذي الحليفة خاصٌّ بأهل المدينة المنوّرة، وميقات الجحفة خاصٌّ بأهل الشام، وميقات قرن المنازل لأهل نجد، وميقات يلملم خاصٌّ بأهل اليمن، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَن أَتَى عليهن من غيرِ أهلِهِن، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعمرةَ، فمن كان دونَهن فمُهَلُّهُ من أهلِهِ، وكذلك حتى أهلُ مكةَ يُهِلُّون منها)،[8] والمقصود بالإهلال رفع الصوت بالتلبية، فإن كان المتعمر يستقرّ ويسكن بين المواقيت ومكّة المكرّمة بحيث إنّه لا يمرّ بالمواقيت خلال مسيره إلى مكّة المكرّمة، فإنّ إحرامه للعمرة يكون من مكان سكنه، وذلك إن كان المعتمر مستقرّاً في مكّة المكرّمة، وذلك ما ذهب إليه فريقٌ من العلماء، إلّا أنّ الجمهور من العلماء ذهبوا إلى القول بأنّ المعتمر من أهل مكّة المكرّمة عليه أن يخرج إلى أدنى الحلّ ليُحرم منه، وذلك بالخروج من مكّة المكرّمة، واستدلّوا بأمر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لعائشة -رضي الله عنها- بالخروج إلى التنعيم للإحرام.
  • إنّ صلاة ركعتين للإحرام من الأمور غير المشروعة، ولا دليل على صحّتها، ولكن إن كان الوقت وقت صلاةٍ مفروضةٍ فلا بأس من الإحرام بعدها، وذلك ما ورد من فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولكن إن لم يوافق وقت الإحرام وقت صلاةٍ مفروضةٍ فلا صلاة للإحرام.
  • يفضّل للرجل المعتمر أن يلبس ثياباً بيضاء للإحرام؛ لأنّها أفضل وأحسن الثياب، إلّا أنّه إن لبس لوناً آخر فلا بأس أو حرج في ذلك، كما أنّه لا يشترط في الملابس أن تكون جديدةً، ويكفي فيها أن تكون نظيفةً.
  • تبدأ مناسك العمرة عند الجزم بالنيّة.

المراجع

  1. ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 981، صحيح.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
  3. ↑ "فضل العمرة وصفتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-20-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 939، أخرجه في صحيحه.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 158.
  6. ↑ "خطوات العمرة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2018. بتصرّف.
  7. ↑ "صفة الحج والعمرة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2018. بتصرّف.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1526، صحيح.