-

كيف تصلي صلاة الضحى ومتى

كيف تصلي صلاة الضحى ومتى
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

النوافل

تُعرّف النافلة لغةً على أنها ما زاد عن الفرض، أو الحق، أو النصيب،[1] وتجدر الإشارة إلى أهمية النوافل، حيث إن النوافل تجبر نقص الفرائض وتُتمّها، فعلى الرغم من أن أداء الفرائض أحب ما يتقرب به العبد إلى ربه عز وجل، إلا أن النقص قد يعتريها في بعض الأحيان بسبب خلل في صدق النية، والخشوع، والإخلاص، أو خلل في أركانها، وسننها، وواجباتها، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ العبدَ لَيُصلِّي الصَّلاةَ ما يُكتَبُ له منها إلَّا عُشْرُها، تُسعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصْفُها)،[2] ولذلك فإن النوافل تجبر النقص في الفرائض، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلَّى صلاةً لم يُتِمَّها؛ زِيدَ عليها من سُبْحاتِه حتى تَتِمَّ)،[3] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في جامع المسائل: (من قصر في أداء الفوائت، فليكثر من النوافل؛ فإن الله يحاسب بها يوم القيامة).[4]

صلاة الضحى

تُعرّف صلاة الضحى على أنها الصلاة التي تؤدّى في أول النهار، وهو وقت الضحى، وتجدر الإشارة إلى أن فقهاء المذاهب الأربعة؛ وهم الإمام أحمد، والشافعي، وأبو حنيفة، ومالك -رحمهم الله- جميعاً قد أجمعوا على استحباب صلاة الضحى، والدليل على مشروعية صلاة الضحى ما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قل: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى).[5][6]

كيفية صلاة الضحى

سُئل فضيلة الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن كيفية صلاة الضحى، فأجاب بأن صلاة الضحى تُؤدى ركعتان، أو أربع، أو أكثر من ذلك، ويُشرع قراءة الفاتحة وما تيسّر من القرآن الكريم في كل ركعة، والتسبيح في الركوع بقول: "سبحان ربي العظيم"، وفي السجود بقول: "سبحان ربي الأعلى"، ووضّح أنّه في حال أدائها ركعتين يُسلّم المصلي مرة واحدة، وفي حال أدائها أربع ركعات يسلم تسليمتين، وفي حال أدائها ست ركعات يُسلّم ثلاث تسليمات، وفي حال أدائها ثماني ركعات يُسلم أربع تسليمات، ولو صلى عشرة أو عشرين أو ثلاثين ركعة يُسلّم كل ركعتين، واستدل -رحمه الله- بما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ)،[7] واستدل أيضاً بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث صلّى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات، وكان -عليه الصلاة والسلام- يُسلّم كل ركعتين.[8]

وقت صلاة الضحى

تؤدّى صلاة الضحى في الفترة الزمنية الممتدة من ارتفاع الشمس قدر الرمح؛ أي بعد انتهاء وقت النهي، إلى قبيل الزوال؛ أي قبل دخول وقت الظهيرة بعشر دقائق تقريباً، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ، فإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بيْنَ قَرْنَيْ شيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فإنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ).[9][10]

ومن الجدير بالذكر أن أفضل وقت لأداء صلاة الضحى هو حين ترمض الفصال، أي في آخر وقتها، والدليل على ذلك ما رواه زيد بن أرقم -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ)،[11] وقد بيّن الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن الفصال هي أولاد الإبل، وترمض أي يشتد عليها حرارة الشمس، وفيه أفضلية تأخير صلاة الضحى لآخر وقتها، وأكد الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن المقصود بقوله -عليه الصلاة والسلام- ترمض الفصال أي تقوم من شدة الحر، وهذا لا يكون إلا قبيل الزوال بعشر دقائق تقريباً.[10]

حكم صلاة الضحى

على الرغم من إجماع الفقهاء الأربعة على استحباب صلاة الضحى، إلا أن ثمة خلاف في حكم المحافظة على أدائها، حيث ذهب الجمهور إلى استحباب المحافظة عليها، مصداقاً لما رُوي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: (أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ ما عِشْتُ: بصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لا أَنَامَ حتَّى أُوتِرَ)،[12] وما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أَحَبُّ العَمَلِ إلى اللهِ ما دَاوَمَ عليه صَاحِبُهُ، وإنْ قَلَّ)،[13] بينما خالفهم الحنابلة؛ حيث يرون أن ترك أدائها أحياناً أفضل من المحافظة عليها دائماً، لأن في المحافظة على أدائها تشبيه لها بالفرائض، واستدلوا على قولهم بما رُوي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: (كان نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقولَ لا يدعُ ويدعُها حتى نقولَ لا يصلي).[14][15]

فضل صلاة الضحى

وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تدل على فضل صلاة الضحى وعِظم أجرها، ويمكن بيان بعض فضائلها فيما يأتي:[16]

  • وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: فقد وصّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر الغفاري -رضي الله عنه- بالمحافظة على أدائها، كما ورد في الحديث الذي سبق ذكره.
  • صلاة الأوابين: فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يحافِظُ على صلاةِ الضُّحى إلَّا أوَّابٌ قالَ وَهيَ صلاةُ الأوَّابينَ)،[17] وقد بيّن الإمام المناوي -رحمه الله- أن الأوّاب هو الرجّاع إلى الله -تعالى- بالتوبة، وردّ في الحديث السابق على من قال بكراهة إدامتها.
  • غنيمة عظيمة: حيث رُوي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث سَرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فأخذ الناس يتحدثون عن كثرة غنيمتهم، وقرب مغزاهم، وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألَا أدُلُّكم على أقرَبَ منه مَغزًى وأكثرَ غَنيمَةً وأَوشَكَ رَجعَةً؛ مَن توَضَّأ ثم غَدا إلى المَسجِدِ لِسُبحَةِ الضُّحَى فهو أقرَبُ مَغزًى وأكثَرُ غَنيمَةً وأَوشَكُ رَجعَةً).[18]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى النافلة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  2. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن عمار بن ياسر، الصفحة أو الرقم: 7/267، صحيح.
  3. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائذ بن قرط، الصفحة أو الرقم: 3186، إسناده صحيح رجاله ثقات .
  4. ↑ "النوافل طريق المحبة"، www.ar.islamway.net، 2016-08-17، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 720، صحيح.
  6. ↑ "صلاةُ الضُّحى"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 719، صحيح.
  8. ↑ "صلاة الضحى.. حكمها وصفتها ووقتها"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن عبسة، الصفحة أو الرقم: 832، صحيح.
  10. ^ أ ب الشيخ د. عبد الله الفريح (15-8-2015)، "فضل صلاة الضحى ووقتها وعدد ركعاتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم: 748، صحيح.
  12. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 722، صحيح.
  13. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 782، صحيح.
  14. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 477، حسن غريب.
  15. ↑ "القراءة في صلاة الضحى"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  16. ↑ د : أحمد عرفة، "تذكير المسلمين بصلاة الأوابين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
  17. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1/321، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  18. ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 10/125، صحيح.