معلومات عن سورة النور

معلومات عن سورة النور
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

سورة النّور

سورة النّور سورةٌ مدنيّة، عدد آياتها أربعٌ وستّون آية، وترتيبها رقم أربعة وعشرين في القرآن الكريم، وموقعها في الجزء الثّامن عشر من أجزاء القرآن، وسمّيت بهذا الاسم لورود لفظ النّور في قوله تعالى: (اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)،[1][2] ولكثرة ذكرها للآداب والأحكام والفضائل، والتي تُعدّ قبساً وإشعاعاً من نور الله -سبحانه وتعالى- على عباده،وسورة النور من السور التي تتناول الأحكام التشريعية، وتُعنى بأمور التشريع والتوجيه والأخلاق، وتهتم بالقضايا العامة والخاصة التي ينبغي أن يُربّى عليها المسلمون أفراداً وجماعاتٍ وأسراً.[3]

موضوع سورة النور

إن مقصود سورة النور مأخوذ من اسمها الذي يشير إلى ما فيها؛ وذلك لما فيها من أحكامٍ اجتماعيةٍ تفصيليةٍ عظيمةٍ نحتاجها في اليوم والليلة، فهي تنير حياة الناس وبصائرهم؛ كأحكام العفاف والستر وبعض الآداب والفضائل الإنسانية، فسورة النور سورة تتحدث عن الآداب الاجتماعية خاصةً داخل جدران البيوت، فهي سورة للعائلات وللبيوت وللمجتمع، ونستطيع أن نقول عنها أنها سورة الأخلاق والقيم؛ فالأخلاق بها نتعايش ونستمر ونبقى، والمحور الذي تدور عليه أحداث الآيات هو محور التربية ورفع المقاييس الأخلاقية للحياة، مما يهذّب النفس البشرية ويقوّمها، وينوّر طريق الحياة الاجتماعية.[4]

وقد تناولت السورة معظم الأحكام التشريعية المبيّنة للآداب والفضائل الواجب على المسلمين اتباعها في حياتهم، ومعالجة قضاياهم العامَّة والخاصَّة، كما شرعت الأحكام والقواعد التي يقوم عليها المجتمع السوي، وكانت سورة النور من السور التي تناولت موضوع الأسرة، وتحدثت عن القضايا المتعلقة بها على مستوى الفرد والجماعة، وما يعترض طريقها من عقبات ومشاكل تؤدي بها إلى الانهيار، وكان فيها من الآداب السامية والتوجيهات الرشيدة الموصلة إلى أسس الحياة الفاضلة الكريمة؛ إذ إن الأسرة هي الأساس الأول لبناء المجتمع وتحقيق صلاحه.[5]

محاور سورة النّور

تدور آيات سورة النّور بالإجمال حول موضوع تربية النّفس الإنسانيّة، وهو أهمّ محورٍ بها، وأهمّ مقاصدها ذكر أحكام العفاف والسّتر للمرء، ويجري سياق السورة حول محورها الأصيل في خمسة أشواط:[4][6]

  • الشوط الأول: يبدأ بإعلان حاسم عن تقرير هذه السورة وفرضها بكل ما فيها من الحدود والتكاليف والآداب والأخلاق المنزلة من عند الله سبحانه، وذلك لتحقيق مصالح عباده الدنيوية، ويليه تجريم عقوبتي الزنا والقذف، والتشنيع على فاعلهما، وبيان حديهما، ثم ذكر قصة الإفك، وتأصيل خلق حسن الظن بالمسلم، ثم التحذير من إشاعة الفاحشة في المجتمع التي تهدم تماسكه وتخرق نسيجه.
  • الشوط الثاني: يتحدث عن وسائل الوقاية من الجريمة وكيف تتجنب النفس أسباب الإغراء والغواية؛ فيتناول آداب الاستئذان على البيوت وأهلها، والأمر بغض البصر، والنهي عن إبداء الزينة للمحارم، والحض على الزواج، والتحذير من دفع الفتيات إلى البغاء، وهذه كلها أسباب وقائية لضمان التعفف والطهر.
  • الشوط الثالث: يُلمّح من خلال الآيات إلى أهمية بيوت الله ودورها في طهارة القلوب وصلاح المجتمع، ويبيّن منزلة روّادها والقلوب المعلقة بها، كما يتوسط مجموعة من الآداب التي تتضمنها السورة فيربطها بنور الله، ثم توجّه السورة الأنظار إلى فيوض من نور الله في الآفاق وفي خضوع الوجود له تعالى؛ فيبّن ذلك في تسبيح الخلائق كلها له، وفي إزجاء السحاب، وفي تقليب الليل والنهار، وفي خلق كل دابة من ماء، وكل ذلك وَفْق مشيئته بانتظامٍ وبقدَرٍ وبحكمةٍ.
  • الشوط الرابع: يبيّن مجافاة المنافقين للأدب الواجب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطاعة والتحاكم، ويصور أدب المؤمنين الخالص وطاعتهم، ويبيّن وعده تعالى لعباده المؤمنين المطبّقين لشرعه بالاستخلاف في الأرض، والتمكين في الدين، والنصر على الكافرين.
  • الشوط الخامس: يعود إلى الحديث عن آداب الضيافة والاستئذان، وذلك في محيط البيوت والأقارب والأصدقاء، بالإضافة إلى آداب الجماعة المسلمة مع رئيسها ومربّيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتختم السورة بإعلان ملكية الله لما في السماوات والأرض، وإحاطته بعلم كل شيء، وفي ما يخص واقع الناس وأمرهم.

بعض خصائص سورة النور

افتتاحيتها

انفردت سورة النور بافتتاحية لم تشاركها سورة أخرى من سور القرآن الكريم؛ حيث ابتدأت بما يشير إلى فضلها ومنزلتها؛ مما يستدعي الانتباه للنظر فيما جاءت به من مواضيع وأحكام والحث على العمل بمقتضاها، قال تعالى: (سورة أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).[7]ففي السورة الكثير من أسس الحياة المنزلية، وآداب الحياة الزوجية، والآيات البيّنة التي لو تذكّرها المسلم ولزمها؛ حفظته وحمَتْه من مزالق النفس وضعفها ودخائلها، وحمَتْه من مسالك الشيطان والهوى.[8]

حادثة الإفك

نزلت مجموعة من الآيات في شأن السيدة عائشة رضي الله عنها، وبرّأتها مما أرجفه عليها أهل النفاق من الإفك والبهتان، وبيّنت عقابهم هم والذين شاركوهم في التحدث به؛ حيث تواطئوا على نشر الكذب والإفك والطعن بعائشة رضي الله عنها، وتكاتفوا على إشاعة ذلك بمكر وسوء نية، فأنزل براءتها صيانةً لعرض الرسول صلى الله عليه وسلّم.[9]وقد نفى الله -تعالى- في الآيات الكريمة هذه الافتراءات الكاذبة والكذب والبهتان عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وبيّن صفاتها الطيبة، وربّت الآيات الكريمة المؤمنين على حسن الظن، وزجرتهم عن حب إشاعة الفواحش بين المؤمنين والمؤمنات.[10]

أحكام سورة النور

تقدّمت السورة ببيان مجموعة من الأحكام التي شُرعت تطهيراً للمجتمع من الفساد، والفوضى، والانحلال الخلقي، وحفظاً للأمة من عوامل التردي في بؤرة الإِباحية والفساد؛ وأهم هذه الأحكام؛ حد قذف المحصنات، وأحكام اللعان، وأحكام مكاتبة الرقيق، وأحكام الأمر والحث على الزواج، وأحكام غض البصر، وأحكام الزيارة والاستئذان، وأحكام لباس وزينة المرأة، وأحكام معاشرة الرجال للنساء، وآداب المسلمين والمسلمات في المخالطة، وإفشاء السلام، وتحريم البغاء، والأمر بالعفاف.[11] فأحكامها تبيّن أن تشريعات الله نور للمجتمع، لكن هذا النور يحتاج لمن يحافظ عليه بتحقيق الضمانات الأخلاقية حتى يبقى النور مشعّاً،وهذه التوجيهات تبيّن أن هذا الدين يحتوي من الآداب السامية ما يحفظ المسلم ومجتمعه، ويصون حرمته، ويحافظ عليه من عوامل التفكك الداخلي والانهيار الخلقي الذي يدمر الأمم، وهذه كلها ضمانات لحماية المجتمع.[12]

المراجع

  1. ↑ سورة النور، آية: 35.
  2. ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 139، جزء 18. بتصرّف.
  3. ↑ العز بن عبد السلام، تعليق: أحمد فتيحي، تفسير العز بن عبد السلام، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 3، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سيد قطب، في ظلال القرآن، القاهرة: دار الشروق، صفحة 2485-2487، جزء 18. بتصرّف.
  5. ↑ "سورة النور ودورها في بناء الأسرة المسلمة"، islamweb، 1-1-2002، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2019. بتصرّف.
  6. ↑ "مقاصد سورة النور"، islamweb، 16-2-2014، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة النور، آية: 1.
  8. ↑ محمد حجازي، التفسير الواضح، بيروت: دار الجيل الجديد، صفحة 649-650، جزء 2. بتصرّف.
  9. ↑ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، الرياض: دار طيبة للنشر، صفحة 19-20، جزء 6. بتصرّف.
  10. ↑ محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط، القاهرة: دار نهضة مصر للنشر والتوزيع، صفحة 98-99، جزء 10. بتصرّف.
  11. ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 140، 141، جزء 18. بتصرّف.
  12. ↑ أنوار عمر الجرف، الوقفات التربوية في سورة النور، صفحة 12. بتصرّف.