خديجة أم المؤمنين

خديجة أم المؤمنين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

خديجة أم المؤمنين

كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- معروفاً بالصِّدق والأمانة لمّا تزوّج خديجة بنت خويلدٍ رضي الله عنها، وكانت خديجة بنت خويلد يومَها ممّن يملكون رؤوس الأموال، فلمّا سمعت عن صدق محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأمانته، وما يحوزه من أرباح عظيمة في التجارة، أرسلت في طلبه لتعرض عليه أن يُتاجر لها في أموالها؛ لِما يتحلّى به من صفات حميدة، فقدِم إليها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وعرضت عليه أن يخرج تاجراً في مالها إلى الشام، على أن تُعطيَه أفضل من غيره من التجّار، فوافق النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على عرضها.[1]

نسب خديجة أم المؤمنين

خديجة هي أمّ المؤمنين، أولى زوجات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وسيّدة نساء قريش، واسمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشيّة الأسديّة، وقد كانت السيّدة خديجة سيّدة نساء قريش، ومن أشرفهنّ نسباً، وأُطلِق عليها لقب الطاهرة.[2]

زواج خديجة أمّ المؤمنين

لمّا عاد محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- من تجارته إلى خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وباعت ما أحضره لها، وتضاعف مالها، كان النبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- قد مرّ بالمدينة المنورة التي هاجر إليها فيما بعد، وأسّس فيها دولةً للمسلمين، ومرّ أيضاً بالبلاد التي فتحها، ونشر فيها دعوة الإسلام.[1]

وقد حدّث ميسرةُ خديجةَ بنت خويلد -رضي الله عنها- عن حسن أخلاق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وسماحته، وكريم أخلاقه، فأسرّت إلى صديقتها نفيسة بنت أميّة بأنّها ترغب بالزواج من محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فذهبت نفيسة إلى محمد -صلّى الله عليه وسلّم- خِفيةً، وعرضت عليه أن يتزوّج من خديجة بنت خويلد، فقبل بذلك وتزوّجها، وكان عمر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- حينها خمساً وعشرين سنةً، وكانت خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- في الأربعين من عمرها، ولم تكن قد تزوّجت من قبل مع كثرة خطّابها، إلّا أنّها استأثرت الزواج من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.[1]

أولاد خديجة أمّ المؤمنين

أنجبت السيّدة خديجة أمّ المؤمنين ـرضي الله عنها- لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- غُلامين وأربع بناتٍ، فجميع أبناء الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الذكور من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها باستثناء إبراهيم، أمّا أولاد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من السيدة خديجة، فهم: القاسم، وهو أوّل أبناء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وبه كان يُكنّى، أمّا ابنه الثاني من السيدة خديجة بنت خويلد فهو: عبد الله، وكان لقبه الطّاهر، ولُقِّب كذلك بالطيّب، ومات وهو طفل صغير، وقد كانت وفاة القاسم وعبد الله قبل بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.[1]

أمّا بنات الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من السيّدة خديجة رضي الله عنها، فهنّ: زينب، ورقيّة، وأمّ كلثوم، وفاطمة، وقد توفّاهنّ الله قبل موت النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد إسلامهنّ وزواجهنّ إلّا فاطمة رضي الله عنها؛ فقد عاشت إلى ما بعد وفاة الرسول ـصلّى الله عليه وسلّم- بستّة أشهرٍ.[1]

إسلام خديجة أم المؤمنين

كانت السيّدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها من السبّاقين إلى الإسلام؛ بل كانت أول من آمن على الإطلاق من الرجال والنّساء بإجماع علماء المسلمين، فصدّقته، وآمنت بما جاء به من عند الله بمجرد أن أبلغها بما جاء به الوحي، ومن مواقفها الخالدة؛ لمّا جاء الوحي إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خفّفت عنه ما وقع في قلبه من خوفٍ، وهيبةٍ، وجزعٍ، وآزرته، وقالت له بأنّ الله -سبحانه وتعالى- لن يخزيَه أبداً.[2]

وفي ذكر موقف خديجة -رضي الله عنها- من الوحي، لمّا جاء إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غار حراء، فقد ورد فيه حديث صحيح رواه البخاري عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، أنّها قالت: (فرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوادِرُهُ، حتى دَخَل على خَدِيجَةَ، فَقَالَ: زَمِّلوني زَمِّلوني، فزَمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوْعُ، فقال: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَها الخبرَ، وقال: قد خَشِيتُ عَلَى نفسي، فقالَتْ له: كَلَّا، أَبْشِرْ، فواللَّهِ لا يُخْزيك اللهُ أبداً، إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحديثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْري الضيفَ، وَتُعينُ عَلَى نَوائبِ الحَقِّ، ثمّ انطَلَقَتْ به خَديجةُ حتى أَتَتْ به وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وهو ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أخو أبيها، وكان امْرَأً تَنَصَّرَ في الجاهليةِ، وكان يكتُبُ الكتابَ العربيَّ، فَيَكتُبُ بالعربيةِ من الإنجيلِ ما شاء اللهُ أن يَكتُبَ، وكان شَيْخاً كبيراً قد عَمِيَ، فقالتْ له خديجةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّ، اسمَعْ من ابنِ أخيكَ، فقال ورقةُ: ابنَ أخي ماذا تَرَى؟ فأَخبَرَهُ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما رَأَى، فقال ورقةُ: هذا النَّاموسُ الذي أُنزِلَ على موسى، يا لَيْتَني فيها جَذَعاً، أكونُ حَيّاً حينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ...).[3]

وفاة خديجة أمّ المؤمنين

بعد أن جهر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالنبّوة اشتدّ أذى قريش له، ولم يكن في تلك الفترة نصير للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مثل عمّه أبي طالب، وزوجته خديجة رضي الله عنها، فعمّه كان هو السند الاجتماعيّ للرسول صلّى الله عليه وسلّم، والنصير له في قومه، وخديجة كانت هي السند العاطفيّ والقلبيّ، وفي العام الذي حاصرت فيه قريش من آمن برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن آزره؛ اشتدّت المصائب عليه فمن مصيبة الحصار، إلى المحاولات الكثيفة من قريش لثني رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عمّا جاء يدعو إليه، ومحاولة إغرائه بالأموال والمناصب.[4]

وقد تبِعت ذلك وفاة عمّه أبي طالب، ووفاة زوجته خديجة، ورغم وفاتها إلّا أنّ مكانتها لم تتغيّر في نفس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فعنعائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا ذَكرَ خديجةَ أثنى فأحسَنَ الثَّناءَ، قالت: فغِرتُ يوماً، فقلتُ: ما أكثرَ ما تذكرُها حمراءَ الشِّدقينِ، قد أبدلَكَ اللهُ خيراً منها، قالَ: ما أبدلني اللهُ خيراً مِنها؛ قد آمنَتْ بي إذ كَفرَ بيَ النَّاسُ، وصدَّقتني إذ كذَّبني النَّاسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَنِيَ النَّاسُ، ورزقنيَ اللهُ أولادَها إذ حرمني أولادَ النَّساءِ).[5][4]

ولقد كانت وفاة السيّدة خديجة -رضي الله عنها- بعد حصار المسلمين في شعب أبي طالب، أمّا وقت وفاتها تحديداً فمُختلَف فيه عند المؤرّخين، فمنهم من قدّم وفاة أبي طالبٍ على وفاة خديجة بنت خويلد، وعليه تكون وفاته في شهر رجب من السنة العاشرة للبعثة، ثمّ كانت وفاة خديجة في شهر رمضان في ذات العام، وقال آخرون إنّ وفاتها -رضي الله عنها- كانت سابقةً لوفاة أبي طالبٍ التي كانت في شوّال، وبعد وفاة خديجة بخمسةٍ وثلاثين يوماً.[4]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "زواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بخديجة-رضي الله عنها"، WWW.articles.islamweb.net، 5-5-2010، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2017. بتصرّف.
  2. ^ أ ب يحيى بن موسى الزهراني، "خديجة بنت خويلد أم المؤمنين/رضي الله عنها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2017. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6982. صحيح.
  4. ^ أ ب ت راغب السرجاني (21-4-2010)، "عام الحزن-وفاة السيدة خديجة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2017. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الشوكاني، فيدر السحابة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 249، إسناده حسن.