مظاهر جمال الرسول

مظاهر جمال الرسول
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الرسول صلى الله عليه وسلم

يُعرّف الرسول لغةً بأنّه إنسان يبعثه الله -تعالى- بشرعٍ يبلغه ويعمل به، ويُقصد من إطلاق لفظ الرسول في القرآن الكريم؛ محمد -صلى الله عليه وسلم- كما في قول الله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ )،[1][2] وهو سيّد ولد آدم، وخاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، وُلد في مكّة المكّرمة في عام الفيل، ونشأ يتيماً، فقد مات والده وأمه حامل به، حيث بعثه جدّه عبد المطلب إلى ديار بني سعد لترضعه حليمة السعدية، وبقي عندها أربعة أعوام، ثمّ أرجعته إلى أمه آمنة بنت وهب بعد حادثة شق الصّدر، ولمّا بلغ السادسة من العمر توفيت أمه، فأصبح يتيم الأم والأب، وكفله جدّه، وبعد وفاة جدّه، تولّى أمره عمه أبو طالب الذي رعاه وأحسن إليه.[3]

ولمّا بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشدّه، خرج متاجراً بأموال خديجة بنت خويلد، وبرفقته غلام لها يُدعى ميسرة، ولمّا عاد ميسرة من رحلة الشام أخبر سيدته خديجة بما رآه من حُسن خُلق النبي -عليه الصلاة والسلام- وصدقه وأمانته، حتى أنّه كان يُعرف في قريش بالصّادق الأمين، فعرضت عليه الزّواج فتزوجها، ولمّا بلغ الأربعين من عمره نزل عليه الوحي في غار حراء، وبعثه الله -تعالى- ليخرج النّاس من الظلمات إلى النور، ويأمرهم بإفراد الله -تعالى- بالعبادة، واجتناب الشّرك بعبادة الأوثان.[3]

مظاهر جمال الرسول

اصطفى الله تعالى رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- من بين البشر، وميّزه بالعديد من الصفات العظيمة التي لم يشهد التاريخ لغيره بمثلها، وخصّه بجمال الخلقة وحُسن الخُلق بما يعجز اللسان عن وصفه، فامتلأت قلوب الصحابة رضي الله عنهم حباً وتعظيماً له، حتى كانوا لا يبالون في الموت في سبيل الدفاع عنه ونصرته، وقد وصفوا ما عاينوه من الجمال، كما في قول البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه وصف الرسول فقال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا).[4][5]

الجمال الخَلقي للرسول

وصَف الصحابة -رضي الله عنهم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصفاً دقيقاً، ونقلوا مظاهر جماله الخَلقي، ومنها أنّه كان أزهر اللون، وهو البياض المشرّب بالحمرة، مصداقاً لما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان أَبْيَضَ، مُشْرَبًا بحُمْرَةٍ)،[6] وكان -عليه الصلاة والسلام- أسيل الوجه ومسنون الخدين، ولم يكن مستديراً بشكل كامل، بل كان وجهه الشريف بين الإسالة والاستدارة، وعندما يتبسم ينير وجهه كأنه فلقة القمر، مصدقاً لما رُوي عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وجْهُهُ، حتَّى كَأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ).[7][8]

وكان رسول الله أكحل العينين، أهدب الأشفار، واسع الجبهة، ضخم الرأس، عظيم الهامة، مصداقاً لما رُويّ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه وصف النبي فقال: (كانَ عظيمَ الهامةِ، أبيضَ، مُشربًا بِحُمرةٍ، عَظيمَ اللِّحيةِ، ضَخمَ الكَراديسِ، شَثنَ الكفَّينِ والقدَمينِ، طويلَ المسرَبةِ، كثيرَ شعرِ الرَّأسِ راجِلَهُ)،[9] وكان -عليه الصلاة والسلام- واسع الفم، أبيض الأسنان، حسن الشّفتين، متباعد الثّنايا والرباعيّات، وكان إذا تكلم كأنّ النور يخرج من فمه الشّريف.[8]

الجمال البياني للرسول

كان الأسلوب اللغوي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهم مظاهر جماله، حيث تميّز بالفصاحة، وعذوبة المنطق، ويمكن القول أن الفصاحة صفة تجمع بين حُسن اختيار الكلمات من غير تكلفٍ أو توعرٍ، وسلامة النّطق، وجمال الموضوع، وقد تحقّقت كلها في محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان فصيح اللسان بسبب نشأته البدويّة القرشيّة الخالصة، وقد اتّفقت الروايات التي تدلّ على تنزيه نطقه من عيوب الحروف ومخارجها، وقدرته على إيقاعها في أحسن مواقعها، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- سليم الكلام والمنطق.[10]

وأما موضوع كلامه فقد كان وحي من الله تعالى، مصداقاً لقوله عز وجل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)،[11] وأما المنطق العذب الذي كان يميّز كلامه فقد كان له تأثيرٌ خاصٌ على مستمعيه، وجذب أسماعهم، وفتح عقولهم وقلوبهم، كما قال ابن القيم رحمه الله: (إن كلامه يأخذ القلوب، ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه، وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل، مبيّن، يعدّ العاد ليس بهذا مسرع، ولا يحفظ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام، بل هديه فيه أكمل الهدي).[10]

الجمال الخُلُقي للرسول

إن الجمال الخُلُقي للنبي -عليه الصلاة والسلام- يعد من أهم الأمور عند الحديث عن مظاهر جماله، فقد شهد الله -تعالى- بعِظم أخلاقه عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[12] وقد وصفت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قالت: (لم يَكُن فاحِشًا ولا مُتفَحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواقِ، ولا يَجزي بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولَكِن يَعفو ويَصفَحُ)،[13] وأما حياء النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد كان شديد الحياء، مصداقاً لما رُوي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، وإذَا كَرِهَ شيئًا عُرِفَ في وجْهِهِ).[14][15]

وكان من أهم صفات الرسول الخُلقية الشّجاعة والثّبات، فقد ثبت في المواقف التي فرّ الشّجعان والأبطال من أهوالها، وكان يُقبل على العدو في الأوقات التي يُدبر فيها أشدّ الرجال وأشجعهم، حتى أن الصّحابة -رضي الله عنهم- كانوا يحتمون به إذا اشتدّ البأس، واحمرّت الحدق، وفي غزوة بدر وأُحد كان أقرب النّاس إلى العدو، وقد وصفه ابن عمر -رضي الله عنهما- قائلاً: "ما رأيت أشجع ولا أبحر ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم".[15]

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 170.
  2. ↑ "تعريف و معنى الرسول في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أحمد بن عبد العزيز الحمدان (23/12/1421هـ)، "المصطفى من سيـرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 2337، صحيح.
  5. ↑ "الجمال الخَلْقي والخُلُقي للنبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.articles.islamweb.net، 20/01/2013، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
  6. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 4621، صحيح.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3556، صحيح.
  8. ^ أ ب "النبي كأنك تراه"، www.islamstory.com، 2008/03/10، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
  9. ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن نافع بن جبير، الصفحة أو الرقم: 2/190، إسناده صحيح.
  10. ^ أ ب د. مصطفى عطية جمعة ( 11/11/2017 ميلادي - 23/2/1439 هجري)، "مظاهر فصاحة الرسول -صلى الله عليه وسلم-"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
  11. ↑ سورة النجم، آية: 3-4.
  12. ↑ سورة القلم، آية: 4.
  13. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2016، حسن صحيح.
  14. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3562، صحيح.
  15. ^ أ ب "عظمة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-"، ar.islamway.net، 2014-12-10، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.