علامات القيامة الصغرى

علامات القيامة الصغرى
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

يوم القيامة

اختص الله -تعالى- بالعديد من الأمور في علم الغيب عنده، ولم يُطلع عليها أحداً من خلقه، مصداقاً لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ)،[1] واقتضت حكمة الله -تعالى- أن يكون موعد يوم القيامة من علم الغيب الذي استأثر بعلمه، ولم يُطلع عليها لا نبياً مرسل، ولا ملكاً مقرب؛ حتى يبقى الناس على استعداد دائم، ويتزوّدوا من الأعمال الصالحة لذلك اليوم العظيم، ومن الجدير بالذكر أن الإيمان بعلامات يوم القيامة جزءٌ من الإيمان باليوم الآخر الذي يُعدّ الإيمان به ركن من أركان الإيمان،[2] وينبغي الإشارة إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر عن العلامات التي تدل على اقتراب يوم القيامة، وقسّم العلماء هذه العلامات إلى علامات صغرى وكبرى، ويمكن القول أن العلامات الصغرى هي التي تقع قبل قيام الساعة بزمن بعيد، وتكون عبارة عن أحداثٍ معتادة للبشر؛ كشرب الخمر، والتطاول في البنيان، وقبض العلم.[3]

علامات القيامة الصغرى

اصطلح أهل العلم على تقسيم العلامات الصغرى إلى ثلاثة أقسام وهي: العلامات الصغرى التي وقعت وانقضت، والعلامات التي وقعت ولا تزال تتكرر، والعلامات التي لم تقع بعد، وفيما يأتي بيان كل قسم منها.[4]

العلامات التي وقعت وانقضت

أخبر رسول -صلى الله عليه وسلم- عن الكثير من علامات يوم القيامة، فحدثت في الماضي كما أخبر عنها، وفيما يأتي بيان بعض هذه العلامات:[5]

  • بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- ووفاته: كانت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول علامات يوم القيامة، مصداقاً لما رُوي عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أنه قال: (رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: بإصْبَعَيْهِ هَكَذَا، بالوُسْطَى والَّتي تَلِي الإبْهَامَ بُعِثْتُ والسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ)،[6] وكذلك وفاته -عليه الصلاة والسلام- كانت من علامات يوم القيامة، مصداقاً لما رُوي عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا).[7]
  • انشقاق القمر: تُعد حادثة انشقاق القمر علامة من علامات القيامة الصغرى، ومن أعظم معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لقول الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)،[8] وقد أجمع العلماء على أن انشقاق القمر وقع في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، واستدلوا على ذلك بالعديد من الروايات الصحيحة التي نُقلت عن الصحابة -رضي الله عنهم- الذين شاهدوا تلك المعجزة، ومنها ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث ذكر أنه شاهد انشقاق القمر عندما كان يجلس مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في منى، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشْهَدُوا).[9]
  • نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى: حيث أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خروج نارٍ من أرض الحجاز تُشاهد في بصرى كعلامة من علامات يوم القيامة، حيث قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى)،[10] وبصرى هي مدينة بالقرب من دمشق، وقد وقعت هذه الآية العظيمة في سنة ستمائة وأربعة وخمسين للهجرة، وقد نقل العديد من العلماء الذي عاصروا ذلك الحدث ما عاينوه، ومنهم الإمام النووي رحمه الله، حيث ذكر في شرحٍ لصحيح مسلمٍ أن النار التي ذُكرت في الحديث النبوي الشريف قد خرجت في المدينة المنورة في سنة ستمائة وأربعة وخمسين للهجرة، وتواتر العلم بها في بلاد الشام.

العلامات التي وقعت ولا تزال مستمرة

هناك العديد من علامات القيامة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقعت ولا زالت في تتابع وتكاثر، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[11]

  • كثرة القتل: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كثرة القتل من علامات يوم القيامة، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ)،[12] ومن الجدير بالذكر أن هذه العلامة قد وقعت منذ زمنٍ بعيدٍ، ولا زالت مستمرةً إلى زماننا الحاضر.
  • ظهور مدّعي النبوة: حيث إن خروج أدعياء النبوة من علامات يوم القيامة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذّابُونَ قَرِيبٌ مِن ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسولُ اللَّهِ)،[13] وقد وقعت هذه العلامة وما زالت تتكرر، حيث ظهر من أدعياء النبوة في أواخر حياة النبي عليه الصلاة والسلام؛ ومنهم مسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وسجاح، وطليحة الأسدي، ومنهم من رجع للإسلام، ومنهم من قُتل، وظهر بعض مدّعي النبوة في عهد الصحابة رضي الله عنهم، وفي العصور التي بعدهم، ولا زال أمثالهم يظهرون في العصر الحاضر كذلك.
  • كثرة المال: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كثرة المال من علامات يوم القيامة، وقد وقعت هذه العلامة في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- بسبب كثرة الفتوحات وغنيمة أموال الروم والفرس، ووقعت أيضاً في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، حتى كان بيت المال يفيض ولا يجدون من يأخذ الصدقة، وستتكرّر هذه العلامة في آخر الزمان، وبالتحديد في عهد المهدي، وعيسى بن مريم -عليه السلام- عندما يعود العدل بين الناس.

العلامات التي لم تقع بعد

هناك العديد من علامات الساعة الصغرى التي أخبر عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم تقع إلى الآن، ولكنها ستقع حتماً كما أخبر الصادق المصدوق، وفيما يأتي بيان بعضها:[14]

  • انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن انحسار ماء نهر الفرات وظهور جبل من الذهب في آخر الزمان كعلامة ليوم القيامة، حيث قال: (يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ به النَّاسُ سَارُوا إلَيْهِ، فيَقولُ مَن عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ منه لَيُذْهَبَنَّ به كُلِّهِ، قالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عليه، فيُقْتَلُ مِن كُلِّ مِئَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ).[15]
  • إحراز الجهجاه الملك: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ظهور رجل اسمه الجهجاه في آخر الزمان يغلب الناس بالقوة فينقادون له ويطيعونه، حيث قال: (لا تَذْهَبُ الأيَّامُ واللَّيالِي، حتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقالُ له الجَهْجاهُ).[16]
  • محاصرة المسلمين إلى المدينة: من علامات الساعة الصغرى التي أخبر عنها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تقع إلى الآن؛ انهزام المسلمين وانحصارهم إلى المدينة المنورة، مصداقاً لما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يوشك المسلمون أن يحاصروا إلى المدينة، حتى يكون أبعدَ مسالحِهم سلاحٌ).[17]

المراجع

  1. ↑ سورة هود، آية: 123.
  2. ↑ عبد الله بن سليمان الغفيلي (1422هـ)، أشراط الساعة (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 15-20. بتصرّف.
  3. ↑ "أشراط الساعة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2019. بتصرّف.
  4. ↑ "ما هي علامات الساعة الصغرى التي لم تقع إلى الآن؟"، www.islamqa.info، 29-06-2008، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2019. بتصرّف.
  5. ↑ عمر سليمان الأشقر (2014-09-12)، "علامات الساعة التي وقعت وانقضت"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-3-2019. بتصرّف.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 4936، صحيح.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 3176، صحيح.
  8. ↑ سورة القمر، آية: 1-2.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2800، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7118، صحيح.
  11. ↑ الشيخ محمد طه شعبان (13-5-2017)، " علامات للساعة ظهرت ولا تزال تتتابع وتتكاثر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-3-2019. بتصرّف.
  12. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157، صحيح.
  13. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 157، صحيح.
  14. ↑ عمر بن سليمان الأشقر (1411 هـ - 1991 م)، القيامة الصغرى (الطبعة الرابعة)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 199-203. بتصرّف.
  15. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 2895، صحيح.
  16. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2911، صحيح.
  17. ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5354، إسناده صحيح.