حكم صيام يوم الجمعة

حكم صيام يوم الجمعة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

يوم الجمعة في الإسلام

اختصّ الله سبحانه وتعالى المسلمين بيوم الجمعة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (أضلَّ اللهُ عن الجمعةِ مَن كان قبلَنا، فكان لليهودِ يومُ السَّبتِ، وكان للنَّصارَى يومُ الأحدِ، فجاء اللهُ بنا، فهدانا اللهُ ليومِ الجمعةِ، فجعل الجمعةَ والسَّبتَ والأحدَ، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامةِ، نحن الآخِرون من أهل الدُّنيا والأوَّلون يومَ القيامةِ المقضيُّ لهم قبل الخلائقِ)،[1] ففي يوم الجمعة عند المسلمين خصائص عديدة منها ما قاله صلى الله عليه وسلم في حديثه: (خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ؛ فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخِل الجنَّةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجمعةِ).[2][3]

سنّ الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين قراءة سورتَي السجدة والإنسان في صلاة الفجر من يوم الجمعة، وقد نقل ابن القيم عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله في الحِكمة من ذلك أن هاتين السورتين تضمنتا في آياتهما ذكر خلق آدم عليه السلام، وحشر الناس يوم الحشر، وكذلك ذكر المعاد، وهذا كلّه مما كان وسيكون في يوم الجمعة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفائدة من ذلك أن يتذكر الإنسان ويستعدّ ويتقوّى على العمل والطاعات، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك أن في يوم الجمعة ساعة يستجيب الله سبحانه وتعالى فيها دعاء المسلم على وجه الخصوص، واختلف العلماء في تحديدها، فمنهم من قال هي ما بين جلوس الإمام على المنبر وحتى انتهائه من الصلاة، وبعضهم قال هي بعد صلاة العصر، وبعضهم قال هي الساعة الأخيرة قبل غروب الشمس، كما ذكر بعضهم أنها لم تُحدد للمسلمين حتى يجتهدوا في تحصيلها سائر اليوم كما في إخفاء ليلة القدر من رمضان.[3][4]

حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم وشرع للمسلمين قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، كما أرشدهم إلى الإكثار من الصلاة عليه فيها، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من أفضلِ أيَّامِكُم يومَ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ فأكْثِروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ)،[5] وقال ابن القيم في سبب ذلك إنّ يوم الجمعة هو خير الأيام وسيّدها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيّد الأنام وأفضلهم، فذكره والصلاة عليه في يوم الجمعة له ميزة خاصة، كما أن يوم الجمعة هو يوم عيد للمسلمين في الدنيا، ويوم إجابة الله عز وجل لدعواتهم، وهو في الآخرة يوم بعثهم إلى قصورهم في الجنة وزيادة النعيم لهم فيها، ولولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما علموا ذلك كله وحصلوا عليه، فكان من المناسب أن يكثروا من الصلاة عليه فيه.[3]

حُكم صيام يوم الجمعة

ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيه عن إفراد يوم الجمعة بالصيام، وقد جاء ذلك في عدد من الأحاديث، منها قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجمُعةِ إلا يومًا قبلَه أو بعدَه)،[6] ولذلك فقد أفتى العلماء مثل ابن تيمية والنووي وابن عثيمين بكراهة صيام يوم الجمعة مفرداً، أما إن صام المسلم يوماً قبله أو يوماً بعده معه فتزول الكراهة حينها، وكذلك إن وافق يوم الجمعة عادةَ صيامه، كأن يكون ممن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو أن يوافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء فلا حرج حينها بصيامه مفرداً، وكذلك من نذر أن يصوم يوم شفاء ابنه مثلاُ فكان ذلك يوم جمعة، فلا كراهة في صيامه لأداء نذره، كما أجاز العلماء لمن كان عليه قضاء شيء من صيام الفرض -أي صيام رمضان- أن يقضيه يوم الجمعة دون كراهة في ذلك.[7]

الأيام المنهيّ عن صيامها

ورد في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن صيام بعض الأيام لحِكم معينة، وفيما يلي بيان هذه الأيام:[8]

  • يوما العيد؛ يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى؛ وقد حرّم العلماء صيامهما بالإجماع، وقالوا إنه لا يجوز صيامهما لا لكفّارة ولا لنذر ولا لتطوع ولا لغير ذلك، روت عائشة رضي الله عنها قائلة: (نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن صومَينِ : يومِ الفطرِ ويومِ الأضْحَى).[9]
  • أيام التشريق الثلاثة التي تلي عيد الأضحى؛ وهذه الأيام مما يحرم صيامه، ولا يرخّص في صيامها إلا للحاجّ الذي لم يجد هدياً، قال تعالى في ذلك (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ)،[10] واختلف العلماء في صيامها من أجل القضاء أو النذر.
  • يوم السبت إن صامه الإنسان تطوعاً؛ والكراهة في إفراده بالصيام، فإن صام معه الإنسان يوماً قبله أو بعده، أو إن جاء السبت موافقاً لعادة صيامه جاز له الصيام.
  • آخر يوم من شهر شعبان وهو يوم الشكّ؛ أما إن وافق عادة صيام الإنسان فلا بأس بصيامه.
  • صيام الدهر؛ والمقصود به أن يصوم الإنسان أبداً فلا يفطر، وقد اختلف العلماء في حكمه بين من رأى أنه مكروه، ومن رأى أنه جائز لمن أخرج منه يومي العيد وأيام التشريق، وبين من قال باستحبابه لمن استطاع فعله ولم يضرّه ذلك.
  • صيام المرأة يوماً للتطوع دون إذن زوجها؛ إما إن كان غائباً عنها فيجوز لها أن تصوم ولو تطوعاً، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يحِلُّ للمرأةِ أن تَصومَ وزَوجُها شاهِدٌ إلَّا بإذنِه).[11]

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 856، صحيح.
  2. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 854، صحيح.
  3. ^ أ ب ت حسام بن عبد العزيز الجبرين (2011-6-15)، "من خصائص يوم الجمعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-18. بتصرّف.
  4. ↑ "ساعة الإجابة يوم الجمعة"، www.fatwa.islamweb.net، 2000-5-24، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-18. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو، الصفحة أو الرقم: 1047، صحيح.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1985، صحيح.
  7. ↑ "حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام"، www.islamqa.info، 2001-10-21، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-18. بتصرّف.
  8. ↑ الشيخ عادل يوسف العزازي (2012-8-17)، "الأيام المنهي عن صيامها من تمام المنة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-18. بتصرّف.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1140، صحيح.
  10. ↑ سورة البقرة، آية: 196.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5195، صحيح.