حكم اقتناء الكلاب

حكم اقتناء الكلاب
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الطهارة في الإسلام

حثّ الإسلام على الطهارة في كلّ الأمور؛ منها: طهارة العقيدة من الخرافات والأباطيل، وطهارة الأخلاق والقيم والمبادئ من المنكرات والفواحش، بالإضافة إلى طهارة اللسان من الكلام البذيء من الغيبة، والنميمة، والسب، والشتم، واللعن، وطهارة المسلم بجسده وثيابه ومكانه ممّا يعلق به من الأوساخ، إذ لا بدّ للمسلم أن يتميّز عن غيره من الناس، وقد بيّن الإسلام عدّة طرق وأساليب لجعل الطهارة في كلّ شيء، منها: إيجاب الوضوء، وإيجاب الغسل للجنب والحائض والنفساء، وندب الغسل للمحرم وللداخل إلى مكة المكرمة، وندب الغسل كلّ سبعة أيام، كما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التبوّل في الماء الراكد حفاظاً على نظافته وطهارته.[1]

كما أنّ الطهارة جُعلت شرطاً من شروط صحة الكثير من العبادات؛ منها: الصلاة إذ لا تصحّ دون الطهارة، لذا يجب على المسلم أن يهتمّ في الطهارة في كلّ حال من الأحوال، كما يعدّ ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تسرّح شعره وتطيّبه، وقد أمر الله تعالى المسلمين بالزينة عند الذهاب إلى المسجد، ويشار إلى أنّ للنظافة والطهارة العديد من الفوائد؛ منها: حماية الإنسان من الأمراض والوقاية منها، وأداء العبادات بسهولة ويسر، والإمداد بالقوة والنشاط والراحة.[1]

حكم اقتناء الكلاب

يختلف حكم اقتناء الكلب بحسب قصد من يريد أن يمتلكه، حيث أباح الإسلام اقتناء الكلاب لغرض الصيد أو لغرض الحراسة، ودليل ذلك ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اقتَنى كلباً لا يُغني عنه زَرعاً ولا ضَرعاً نقَص من عملِه كلَّ يومٍ قِيراطٌ)،[2] وقد أباح الإسلام أيضاً تدريب الكلاب وتعليمها، إذ إنّ ذلك يعدّ شرطاً أساسياً إن كان الكلب لغاية الصيد،[3] حيث رتّب الله تعالى عقوبة على من يقتني كلباً دون أيّ سبب مشروع بنقصان حسناته وأجره وثوابه مقدار قيراط أو قيراطين كلّ يوم، والقيراط لفظ يُستخدم ليدلّ على القدر الكبير من الحسنات والأجر، والجدير بالذكر أنّ نقصان الحسنات والأجور كحصول الإثم؛ حيث إنّ كلا الأمرين يدلّ على حكم التحريم،[4] وقد اختلف العلماء في حكم اقتناء الكلاب لحراسة البيوت، حيث ذهب بعض العلماء إلى عدم جواز اقتناء الكلاب لغير الصيد، وحراسة الزرع، والماشية، وذهب علماء آخرون إلى جواز ذلك قياساً على اقتناء الكلاب للحراسة والصيد، وقالوا بأنّ اقتناء الكلاب لحراسة البيوت أولى من اقتنائه لحراسة الماشية والزرع، ومن العلماء الذين قالوا بجواز اقتناء الكلاب لحراسة البيوت: النووي وابن عثيمين -رحمهما الله- وعلّلوا ذلك أيضاً بضرورة حفظ النفوس ودفع الضرر عنها.[5]

نجاسة الكلاب

نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- اختلاف العلماء في نجاسة الكلاب كما يأتي:[6]

  • القول الأول: قال الإمام مالك بن أنس إنّ الكلب طاهر بكلّ ما فيه.
  • القول الثاني: قال الإمام الشافعي والإمام أحمد في أحد قوليه إنّ الكلب كلّه نجس.
  • القول الثالث: قال الإمام أبي حنيفة والإمام أحمد في قوله الآخر إنّ النجاسة في الكلب محصورة في ريقه بينما شعره طاهر، وبناءً على ذلك إن أصاب شعر الكلب رطوبة لا يكون ذلك نجساً، والصحيح من الأقوال هو قول الإمامين أبي حنيفة وأحمد في أحد قوليه.

الطهارة من نجاسة الكلاب

ذهب العلماء إلى أنّ الطهارة من نجاسة الكلب تكون بتطهير الموضع سبع مرات، مع ضرورة أن تكون إحدى هذه المرات السبع بالتراب، ولكن اختلف العلماء في أيّ مرة تجب الطهارة بالتراب، إذ إنّ المقصود بالطهارة يحصل بأي مرة إلّا أنّ الأفضل أن تكون الطهارة بالتراب في المرة الأولى، وقد حصل الاختلاف بين العلماء بسبب اختلاف الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والطهارة بالتراب لها عدة طرق؛ منها: طهارة موضع النجاسة بالماء، ثمّ إلقاء التراب عليه، أو طهارة الموضع بالتراب، ثمّ تطهيره بالماء، أو بخلط التراب بالماء ثم تطهير الموضع بالخليط.[7]

أحكام متعلّقة بالكلاب

بيّن العلماء عدّة مسائل تتعلّق بالكلاب، وبيان بعضها فيما يأتي:[8]

  • ذهب جمهور العلماء إلى حرمة أكل لحم الكلاب؛ لأنّه يعد من الحيوانات ذوات الأنياب التي حرّم الإسلام تناول لحمها سواءً أكانت حيوانات أهلية أم مفترسة، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلُّ ذي نابٍ منَ السِّباعِ، فأَكْلُهُ حَرامٌ)،[9] بينما ذهب المالكيّة في حكم تناول لحم الكلاب إلى قولين؛ أحدهما يدلّ على الكراهة والآخر يدلّ على الحرمة، إلا أنّ ابن عبد البر رجّح القول بالتحريم، ولم يرد أيّ قول في المذهب المالكيّ يدلّ على إباحة تناول لحم الكلاب كما قال الفقيه الحطّاب.
  • ورد في المذهب المالكيّ، والحنبليّ، وفي أحد روايات المذهب الشافعيّ أنّ هبة الكلب صحيحة وجائزة؛ وعللوا ذلك بأنّها تعدّ تبرعاً، أمّا الرواية الأخرى في المذهب الشافعيّ، فدلّت على بطلان هبة الكلب قياساً على بطلان بيعه، وذلك كما صرّح النووي رحمه الله.
  • اختلف الفقهاء في حكم وقف الكلب؛ حيث ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى عدم جواز وقف الكلب، أمّا المالكية فذهبوا إلى جواز وقف ما جاز اتّخاذه من الكلاب، وقد ذهب الشافعية إلى عدم جواز وقف الكلب المعلّم أو القابل للتعلّم، كونه لا يعدّ مملوكاً، أمّا الكلب غير المعلّم فذهبوا إلى عدم جواز وقفه.

المراجع

  1. ^ أ ب "أهمية الطهارة والنظافة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سفيان بن أبي زهير الأزدي، الصفحة أو الرقم: 3325، صحيح.
  3. ↑ "حكم تربية الكلاب وبيعها في التفصيل"، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "هل مسّ الكلب ينجّس يد لامسه"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "تحريم اقتناء الكلاب إلا ما استثناه الشرع"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  6. ↑ "اقتناء الكلب ولمسه وتقبيله"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  7. ↑ "كيفية تطهير نجاسة الكلب"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  8. ↑ "لموسوعة الفقهية الكويتية"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1933، صحيح.