بحث عن الفن التجريدي

بحث عن الفن التجريدي

مفهوم الفن التجريدي

يُعرف الفن التجريدي بالمدرسة الفنية البصرية التي لا تجعل من الأشياء المرئية أحد عناصرها، ولذا يطلق عليه أحيانًا الفن غير التمثيلي أو غير الموضوعي، نظرًا لعدم وجود موضوع واضح من العالم الحقيقي، حيث تطغى الوظيفة المجردة كالألوان والخطوط والملمس على وظيفة التعبير في الإنتاج الفني التجريدي، ويُلخص أحد الفنانين التجريديين مفهوم تلك المدرسة بقوله بأننا يجب أن نتذكر أن اللوحة قبل أن تكون حصانًا على سبيل المثال، فإنها بالأساس سطح مستو مغطى بألوان جُمعت بترتيب معين، وقد استعان الفنانون بالعناصر التجردية لتوضيح أو وصف الطبيعة والحضارة الإنسانية.[1]

تاريخ الفن التجريدي

  • بدأ ظهور الفن التجريدي في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث كان فنانوا الحركة الرومانسية يؤكدون على اللاوعي والخيال في عملية الإبداع، وينبذون التقاليد الكلاسيكية كالمحاكاة والمثالية في الفن، وبِحلول العقدين الاولّين القرن العشرين كانت مُعظم المدارس الفنية الجديدة كالتعبيرية والتكعيبية والمستقبلية تركز إظهار على الفجوة بين المنتج الفن والمظاهر الطبيعية.[1]
  • يَعتبر العديد من مؤرخي الفن "فاسيلي كاندينسكي" بأنّه رائد الفن التجريدي في القرن العشرين، وذلك بإنتاجه أول لوحة تجريدية في العالم في عام 1911م، إلا أن الرسامة السويدية "هيلما كلينت" كانت قد انتهت من لوحتها التجريدية الأولى قبله بخمسة أعوام أي في عام 1906م في مدينة ستوكهولم، وذلك بمحاولتها رسم القوى غير المرئية في الطبيعة، حيث كانت مهتمة بالأمور الروحية ورأت كعديد من فناني عصرها بأنه يمكنها محاولة تمثيل تلك القوى عن طريق الفن، سواء بالرسم أم الموسيقى.[2]
  • كان الفنان "كاديسكي" مُحركه الأساسي لرسم لوحته التجريدية الأولى هو رؤيته للوحة عيد الغطاس لمونيه، بالإضافة إلى معاناته من حالة مرضية من ارتباك الحواس تجعله يرى ألوان عند الاستماع إلى الموسيقى، وهو ما جعله يرى أن محاولاته التجريدية هي تعبير عن الحقيقة الروحية.[3]
  • يٌعتبر الفنان "بيت موندريان" من أشهر الفنانين الذين اتجهوا إلى التجريد، وذلك بعد تأثره بالمدرسة التكعيبية، وبدأ لوحاته التجريدية في عام 1917م في باريس، وبعد عامين استطاع تطوير لغته البصرية المميزة والشهيرة للغاية لدى محبي الفنون، والتي تمثل شبه شبكة من الخطوط تتخللها مساحات بيضاء أو مساحات من اللون الأساسي للوحة، وخلال السنوات القليلة التالية ظهرت اتجاهات من مجموعات من الفنانين نحو التجريد، ففي ألمانيا عمل كانديسكي كمعلم للفن بداية من عام 1922م، بينما ظهرت في باريس مجموعة من الفنانين الذين أطلقوا على أنفسهم السرياليين في عام 1920م، وحاولوا إنتاج لوحات تمثل التعبير عن أفكارهم اللاوعية، وعلى رأس سرياليوا تلك المرحلة "جوان ميرو" الذي أنتج العديد من اللوحات بين عامي 1925، و1927م.[3]

فهم اللوحات التجريدية

الاستمتاع باللوحات الفنية التقليدية كلوحات دافنشي التي تمثل مشاهد من الطبيعية أو بورتريهات لأشخاص أمر طبيعي لدى أغلب الأشخاص، إلا أن الاستمتاع باللوحات التجريدية يمثل أمرًا غريبًا على البعض، وذلك لعدم التأكد من موضوع اللوحة وبالتالي التشتت وعدم الاستجابة، إلا أن هناك بعض الأمور التي يمكنها المساعدة على فهم طبيعة اللوحات التجريدية، وأهمها ما اثبتته دراسات علم الأعصاب عن كيفية معالجة الدماغ للفنون البصرية، ومفاد الدراسة أن المنطقة الجدارية الخلفية من المخ منخرطة بشكل أكبر في التعرف على الكائنات، بينما يعمل فص الجبهة الأمامي على التعرف على كل من الموضوعي والمجرد، وهو ما يعني أن المخ يستطيع معالجة الفن البصري التجريدي، كما أن الدماغ يميل للاستماع أكثر في حالة معرفة السياق.

ينطبق هذا على الفن بطبيعة الحال، وتشير الأبحاث إلى أن وجود معلومات مسبقة عن الفن أو الثقافة لدى الإنسان يعطي متعة أكبر عن مشاهدة الأعمال الفنية ومنها المجردة، ولذلك فإنه من الطبيعي أن يميل الفنانون إلى الاستمتاع باللوحات التجريدية أكثر من غيرهم لوجود خلفية فنية قوية تساعدهم على تذكر اللوحات الفنية الأخرى وفهم اللوحات، والأمر الأخير الذي تشير إليه دراسات علم الأعصاب أن المخ يمكنه محاكاة ضربات الفرشاة للوحة فنية، وكان من المعروف سابقًا أن الخلايا المسؤولة عن تلك العملية تعمل فقط خلال رؤية الحركة ومراقبتها، إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أنه يمكن للإنسان توقع حركة الفرشاة على لوحة فقط من خلال النظر إليها.[4]

نقد الفن التجريدي

يتجه نقاد الفن إلى نقد الفن التجريدي في نقطتين أساسيتين، أولهما أن الفن التجريدي ليس فنًا بالمعنى المفهوم، ولك ببساطة لأن الشعور بالجمال بسبب شئ ما لا يجعل من هذا الشئ عملًا فنيًا، فرؤية زهرة برية مبللة بالندى، أو شروق الشمس على الشاطئ لا يجعل منهما إلا مظاهر جمالية يمكن تقديرها.

بينما العمل الفني يتميز بصفة أساسية وهي الانتقائية لغرض التعبير، حيث يعمل الفنان على انتقاء عناصر من الواقع ويعيد ترتيبها بطريقة تُعطي انطباع ما عن العالم، وبذلك فإن التجريد لا يمكن أن يعد فنًا لأن موضوعه الأساسي هو المبدأ الأساسي من الرسم أو الشعور خلف ضربات الفرشاة والألوان. والأمر الثاني أنه برغم المتعة المستمدة من مشاهدة جماليات بعض تلك الأعمال، إلا أنه لا يمكن كذلك إطلاق صفة مجردة عليها، حيث انها لا تمثل تجريدًا حقيقيًا لشئ في العالم الواقعي، ولا مغزى حقيقي من وجودها حيث أنه لا يوجد نشاط عقلي كبير وواضح أثناء إنتاج اللوحات الفنية سوى عمليات خلط الألوان بصورة جمالية.[5]

المراجع

  1. ^ أ ب "Abstract art", britannica, Retrieved 6-9-2018. Edited.
  2. ↑ Julia Voss (20-5-2013), "The first abstract artist? (And it's not Kandinsky)"، tate, Retrieved 6-9-2018. Edited.
  3. ^ أ ب "Abstract art timeline: colour and shape", bbc, Retrieved 6-9-2018. Edited.
  4. ↑ "How do we understand abstract art?", bbc, Retrieved 6-9-2018. Edited.
  5. ↑ Fred Ross, "Abstract Art Is Not Art and Definitely Not Abstract"، artrenewal, Retrieved 6-9-2018. Edited.