صفات المتقين

صفات المتقين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

مفهوم التقوى

عرّف الشيخ ابن باز التقوى، فقال: "تقوى الله سبحانه، هي عبادته، بفعل الأوامر وترك النواهي عن خوف من الله، وعن رغبة فيما عنده، وعن خشية له سبحانه، وعن تعظيم لحرماته، وعن محبةٍ صادقةٍ له سبحانه ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم"، فالتقوى تتحقق بفعل ما أمر الله -تعالى- به، وترك ما نهى عنه من المحرمات، خشيةً من الله، وخوفاً منه ومحبةً له، وتشمل التقوى أكثر من ذلك، فيدخل فيها كل ما في القلب من الخشية، والتوقير، والتعظيم، والمراقبة، وغيرها، والتقوى لها جانبان: فعل الطاعات، واجتناب معصية الله، وكله صادر عن أمر الله بالطاعة، ونهيه عن المعصية، والمتقي لله يريد بتقواه الأجر من الله، والنّجاة من عذابه.[1]

صفات المتقين

يتصف المتقون بصفاتٍ كثيرةٍ، فمن توافرت فيه هذه الصفات كانت فيه حقيقة التقوى، حيث بيّنها القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وفيما يأتي بعض هذه الصفات:[2]

  • القيام بأركان الإسلام وأركان الإيمان؛ وذلك لأن الإحسان أخصّ من الإيمان والإسلام، والأخص لا يتحقق إلا عندما يتحقق الأعم، وعليه لا بدّ من تحقق الإسلام والإيمان حتى يتحقق الإحسان.
  • الصدق مع الله ومع النّاس، والوفاء بالوعد والعهد.
  • حب المسلم لأخيه ما يُحب لنفسه، وإيثار الخير له.
  • تجنّب أذى المسلمين.
  • العدل والاتزان في الغضب والرضا.
  • كظم الغيظ، والعفو عن النّاس، والإحسان إليهم.
  • التوبة، والاستغفار، والصبر في البأساء والضراء.
  • تعظيم شعائر الله.
  • الأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر.
  • الحرص على تجنب الشبهات، والشهوات وجميع مزالق الشيطان.

أهمية عمل القلب

يعدّ القلب الموضع الأصلي للإيمان، وإيمانه أهم جزء من أجزاء الإيمان، وعليه فإنّ عمل الجوارح لا تنفع دون إيمان القلب، ثمّ إنّ العقلاء جميعهم متفقون بأنّ الأفعال التي تصدر من الإنسان لا تكون دون إرادةٍ من القلب، وإلا لكان فاعلها مجنوناً، أو فاقداً للإرادة، فالقلب هو مصدر التوجيه، والأساس الذي يصدر عنه الخير والشر، فإن كانت إرادته إيمانيةً كانت الأفعال إيمانيةً، وإن كانت إرادته الكفر والنّفاق كانت الأفعال كذلك، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ألا وإنَّ في الجسد مُضغةً: إذا صلحت صلح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلبُ)،[3] فالمنافق لا يسمى مؤمناً حتى مع كثرة ما يصدر منه من صلاةٍ وصيامٍ وغيرها.[4]

مراتب التقوى

إن للتقوى ثلاث مراتب مجتمعة في قوله الله تعالى: (ثُمَ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ)، [5] فأعلى مرتبة من مراتب التقوى؛ أن يكون المؤمن سابقاً بالخيرات؛ بأداء الفرائض، وترك المحرمات، والاجتهاد في أنواع الخير، ثمّ تأتي مرتبة الأبرار المقتصدين، فهؤلاء قاموا بأداء الواجبات، واجتناب المحرمات، لكنهم لم يسابقوا بفعل الخيرات، وإنّما اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرمات، ويقال لهم المقتصدون أو الأبرار، أمّا أدنى مراتب التقوى فهي مرتبة الموحد لله عزّ وجلّ، لكنه ظالمٌ لنفسه بارتكاب بعض السيئات والمعاصي، ولهذه المرتبة درجاتٌ تختلف باختلاف المعاصي التي يرتكبها الإنسان، وكلما قلّ ارتكابه للمعاصي كان ظلمه لنفسه أقل، وكلما زاد كان ظلمه لنفسه أكبر.[6]

معيار التفاضل بين الناس

أوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالتقوى، فقال عليه الصلاة والسلام: (أُوصيكُم بتقْوى الله عزَّ وجلَّ)،[7] حيث إنّ الكثير من النّاس لا يهتمّون لأمر التقوى، ولا يجعلونه مقياساً للتفاضل فيما بينهم، وميزاناً للاحترام والتقدير، فالكثير منهم يقدّرون ويحترمون ويتودّدون لصاحب الجاه والمال والسلطان، وليس هناك جاهٌ ولا سلطانٌ إلا لله، فالمقياس الحقيقي والشرعي للتمييز بين النّاس هو التقوى، كما قال الله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، [8] فأكرم النّاس وأقربهم إلى الله هم الأتقياء، والتقوى خير ما يتزود به الإنسان لآخرته ويوم رحيله، والله -عزّ وجلّ- جعل كل الخير في التزامها، كما جعل فيها صلاح أمر المرء، فكلما صلح القلب بالتقوى صلحت سائر جوارح جسده، وعليه فإنّ من آثارها ولوازمها؛ صلاح عمل الجوارح، وما يظهر عليها من الخير، فذلك يدل على أنّ القلب ممتلىء بتقوى الله، ثمّ بعد ذلك يتولّى الله البواطن والسرائر؛ بحفظها من الوقوع بالذنوب والمعاصي.[9]

فضائل التقوى وثمراته

إنّ التقوى خير زادٍ يتزوّد به العبد، كي يحقق مصلحته في الدنيا والآخرة، وقد رتّب الله -تعالى- على التقوى فضائل وثمرات عديدة في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الفوائد:[10]

  • التقوى سبب الاهتداء في القرآن الكريم، والفلاح، والانتفاع بالمواعظ، فقد قال الله تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ). [11]
  • نيل المثوبة من الله -تعالى- إذا اجتمعت التقوى مع الإيمان، كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).[12]
  • معية الله الخالصة، والأمن من عقابه.
  • خير زاد يتزود به العبد، فقد قال الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).[13]
  • الرفعة بالتقوى يوم القيامة على النّاس، وذلك الثواب هو خير من الدنيا وما فيها من الشهوات.
  • التقوى سببٌ من أسباب زيادة العلم النافع.
  • ثواب المتقين جنّات تجري من تحتها الأنهار، ونيل محبة الله تعالى.
  • الحماية من العدو، حيث قال تعالى: (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا).[14]
  • تحقيق شكر الله -تعالى- بالتقوى.
  • سبب الإمداد بالملائكة، قال الله تعالى: (بَلَىٰ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).[15]
  • نيل الأجر والمغفرة والرحمة من الله تعالى، وقبول الأعمال، وتكفير السيئات.
  • الآخرة خير من الدنيا للمتقين، وبها ينتفي الحزن والخوف عن المتقين.

المراجع

  1. ↑ عمر الأشقر، التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها (الطبعة الأولى)، صفحة 9-11.بتصرف.
  2. ↑ عبد السلام الشمراني، "التقوى وثمارها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 52، صحيح.
  4. ↑ "أهمية عمل القلب"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة فاطر، آية: 32.
  6. ↑ "مراتب التقوى"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
  7. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن عرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم: 17/ 482، إسناده صحيح.
  8. ↑ سورة الحجرات، آية: 13.
  9. ↑ عبد المنعم نعيمي (28-1-2015)، "التقوى معيار الاحترام والمفاضلة بين الناس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-3-2019. بتصرّف.
  10. ↑ محمد العثيمين، فوائد التقوى من القرآن الكريم ، صفحة 9-14. بتصرّف.
  11. ↑ سورة البقرة، آية: 2.
  12. ↑ سورة البقرة، آية: 103.
  13. ↑ سورة البقرة، آية: 197.
  14. ↑ سورة آل عمران، آية: 120.
  15. ↑ سورة آل عمران، آية: 125.