مفهوم الصلاة في الإسلام

مفهوم الصلاة في الإسلام
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الصلاة

تتراوح منازل العبادات في الإسلام حتى بين الفرائض ذاتها، ومن بين العبادات جميعها تحتل الصلاة منزلة عالية جداً، فهي ثاني أركان الإسلام، وعمود الدين، وأوّل العبادات التي أوجبها الله تعالى على المسلمين، وهي اوّل ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله، والطريقة التي أوجب الله تعالى بها الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم تتميز أيضاً عن باقي العبادات كلّها، فكانت عن طريق رحلة الإسراء والمعراج مباشرة من الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم.

تعريف الصلاة في الإسلام

عرّف الشيخ سيد سابق الصلاة في كتاب فقه السنّة بأنّها: (عبادة تتضمن أقوالاً وأفعالاً مخصوصة، مفتتحة بتكبير الله تعالى، مختتمة بالتسليم)، وهذه الأقوال والأفعال الموجودة في الصلاة تنقسم كباقي العبادات إلى فرائض وسنن، وتبدأ فرائض الصلاة بالنيّة كباقي العبادات أيضا، ونية الدخول بالصلاة لا يتلفظ بها إنّما محلها بالقلب، وبعد ذلك تأتي تكبيرة الإحرام بقول: الله أكبر، وبعد ذلك يأتي القيام في الفرض لمن قدر عليه، وقراءة الفاتحة في جميع الركعات، والركوع، والرفع منه، والسجود، والقعود الأخير، والتشهد، والسلام.

يجب على من أراد الصلاة الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وسنن الصلاة كثيرة كدعاء الاستفتاح والقراءة بعد الفاتحة في أوّل ركعتين وغيرها، أمّا الصلوات الواجبة فهي خمس أوجبها الله تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين في رحلة الإسراء والمعراج، فلا يجب على المرء منذ البلوغ ترك أي من هذه الصلوات إلّا بعذر شرعي كالجنون اللحظي كالصرع أو الدائم، أو المرض، أو السفر، أو لدى الحائض.

مقاصد الصلاة

لا تقتصر الصلاة على أنّها عبادة يؤديها العبد، فالمقصد من الصلاة أوسع من هذا بكثير، فالقصد من العبادات جميعها هو التقرب من الله تعالى فهو المقصد الأكبر الذي يسعى إليه كلّ عبد عرف الله تعالى وأحبّه، والصلاة هي قمّة العبادات الشعائرية التي من خلالها يستطيع الإنسان التقرب إلى الله عز وجلّ بها، ففي الصلاة تتوجه إلى الكعبة المشرفة كما في الحج، وكما تزكي مالك من خلال الزكاة فإنّك تزكي وقتك من خلال الصلاة، والوقت أعظم من المال برأي كبار الأغنياء والعلماء وغيرهم، إذ إنّ الدقيقة التي تذهب من حياة الإنسان لا تعود أبداً إلى يوم القيامة، فالمصلي ينشغل عن ماله والكسب وغيرها من ملذات الحياة الدنيا من أجل الصلاة، كما أنّ المصلي ينقطع عن الكلام والحركة كما ينقطع الصائم عن الطعام والشراب.

في الصلاة معان كثيرة وروحانية، إذ إنّ المصلي يستعين بالله تعالى من خلال الصلاة على جميع أمور حياته فيناجيه بقراءة الفاتحة التي فيها الحمد والشكر وطلب العون من الله تعالى، وفيها يتصّل الإنسان بخالقه خمس مرات في اليوم على الأقل، ولهذا كلّما خشع بالصلاة أكثر وتذكّر قربه من الله تعالى بالصلاة ومراقبة الله تعالى له في سائر وقته حقّق الإنسان المقصد الآخر من الصلاة وهو ما ذكره الله تعالى في قوله: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].

في الصلاة يجدد الإنسان العهد مع الله تعالى لهذا لم تفرض الصلاة كي يؤديها الناس كالجماد حيث يقومون بحركات سريعة من دون خشوع من أجل إسقاطها عن كاهلهم والمسارعة إلى أعمالهم مرة اخرى، لكن فُرضت الصلاة كي تنعكس على حياة المسلم كلّها وكي تكون واضحة في أخلاقه؛ فتنهاه عن كلّ معصية، أو فعل فاحش، أو قول بذيء، ويتذكر بها المسلم أنّه قريب من ملك الملوك وخالق الدنيا فيستعين بذلك على الدنيا كلّها.