أثر الإيمان في حياة الإنسان

أثر الإيمان في حياة الإنسان
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الإيمان

يُعرّف الإيمان بأنّه الاعتقاد والتصديق الجازم بما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وحتى يكون إيمان المرء صادقاً وكاملاً لا بُدّ أن يتبع هذا الاعتقاد القلبي أفعالٌ تؤكّد ذلك، فالأصل أن يدفع الإيمان القلبي صاحبه إلى العمل المُستقيم والسلوك الصحيح، ومن جهةٍ أخرى فإنّ العمل بدون إيمانٍ كأن يقول المرء بلسانه ما ليس في قلبه من علامات النفاق، فهكذا كان حال المُنافقين حين يُراؤون الناس ولا يُصدّقون بقلوبهم، ولذلك حريٌّ بالمسلم أن يسعى إلى طلب الإيمان سائلاً الله -تبارك وتعالى- أن يهديه إلى ذلك، وعليه يمكن القول إنّ الإيمان كسبيٌّ ووهبيٌّ؛ فسلوك المسلم الطريق الصحيح هو تحقيقٌ لمفهوم الإيمان الكسبيّ، ووهبيّ يعني أنّ الله -تعالى- وفّق العبد إليه لصدق نيّته وطلبه، وممّا يدل على ذلك ما جاء في قول الله تبارك وتعالى: (قُل يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَكُمُ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَنِ اهتَدى فَإِنَّما يَهتَدي لِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِوَكيلٍ).[1][2]

أثر الإيمان في حياة الإنسان

يترتّب على الإيمان آثارٌ جمّةٌ في حياة الإنسان، ومن ذلك ما جاء في قول الله تبارك وتعالى: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ)،[3] ومن هذه الآية يُستدلّ على أنّ الإيمان بالله -تعالى- ينال به المرء فلاح الدنيا والآخرة، وسعادة الدارين، ففي الدنيا ينشرح صدر المؤمن بإيمانه، ويصلح باله، ويكفيه الله -تعالى- الفتن ما ظهر منها وما بطن، وفي الآخرة يبعثه آمناً، ويُهوّن عليه الحساب، ويُبدل سيّئاته حسنات، ويُدخله الجنة في نهاية المطاف،[4] ويمكن بيان الآثار بتفصيلٍ أكبر فيما يأتي:[5][6]

  • التصديق بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حتى وإن لم يكن مُوافقاً للعقل البشري في ظاهره، وقد ضرب الصحابي الجليل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أروع الأمثلة في ذلك يوم صدّق حادثة الإسراء التي جرت مع النبي عليه الصلاة والسلام، مع أنّها كانت خارج قدرة استيعاب العقل البشريّ، وفي ظلّ هذا الحديث يجدر التنبيه إلى أنّ العقيدة هي السلاح السليم والصادق في التصدّي لكلّ ما يُحاول إنكاره المُلحدون والمُشكّكون؛ فثبات العقيدة وسلامة الإيمان تدفعان بالإنسان إلى برّ الأمان.
  • استشعار رقابة الله -تعالى- في السر والعلن، ويترتّب على هذا الأمر صلاح المجتمع بأكمله؛ فاستشعار مراقبة الله -تعالى- يدفع كلّ موظفٍ للإخلاص في عمله وأدائه على الوجه الذي يُرضي الله تعالى، وهذا ما يرفع المجتمع إلى القمم.
  • العِزّة والقوّة؛ فالمؤمن عزيزٌ بعزة الله -تعالى- وقويٌّ بعظمته، فقد وعد الله -تعالى- أهل الإيمان وأصحاب هذا الدين العظيم بالنصرة ورفعة الشأن، والله -تعالى- لا يُخلف وعده أبداً.
  • كسب الهداية من الله -تعالى- والفوز بتوفيقه.
  • الاستخلاف في الأرض والتمكين، وممّا يدل على ذلك قول الله تبارك وتعالى: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).[7]
  • بعث الرغبة في العمل الصالح ابتغاء رضا الله سبحانه، وبعث الرهبة في النفس من ارتكاب المعاصي والذنوب خوفاً من الله -تعالى- ممّا يترتب على ذلك.
  • الطهارة؛ فالمؤمن طاهرٌ دائماً لا ينجس.
  • عصمة الدم، والمال، والعِرض.
  • الفوز بجنةٍ عرضها السماوات والأرض ونعيمها، ففيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على بال أحد، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قول الله تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ).[8][4]

أسس الإيمان

يمكن تلخيص الإيمان بثلاثة قواعد رئيسية؛ أمّا القاعدة الأولى في معرفة القلوب، وأما الثانية فهي إقرار اللسان، والثالثة فهي تطبيق الأركان، ويُقصد بمعرفة القلوب استشعار مراقبة الله -تعالى- وأنّه مُطّلعٌ علينا، وأنّه سبحانه معنا في كل حين، مع التصديق بكامل أسمائه وصفاته سبحانه، حتى يطمئن القلب ويكون الإنسان من الداخل متماسكاً، وأمّا الإقرار باللسان؛ ويُقصد به الجهر بالإيمان والحق، وإنكار الباطل على مرتكبيه، والدفاع عن الحق، وذلك بشروط اختيار الوقت والمكان المناسبين لتكون الدعوة إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمّا القاعدة الثالثة فتعني العمل بالأركان وكل ما يتضمّنه الإيمان.[9]

أسباب تُعين على الإيمان

توجد مجموعةٌ من النصائح التي تُقدّم للتلذّذ بحلاوة الإيمان واستشعار القرب من الله تبارك وتعالى، ويمكن بيانها فيما يأتي:[10]

  • تعويد النفس على طاعة الله -تعالى- وعبادته ومجاهدتها على ذلك؛ فالنفس بطبيعتها تميل إلى الراحة والملذّات، فهنيئاً لمن زكّاها وجاهدها على عبادة الله -تعالى- على الوجه الذي يُرضيه.
  • المحافظة على صلوات الفرائض والإكثار من النوافل؛ فقد جعل الله -تعالى- الصلاة سكينةً للقلب ومصدراً لسعادة النفس، وهي بابٌ لدفع البلاء، وكشف الكروب، وفتح أبواب الرزق، وتيسير أمور الحياة كلها، وهي شرطٌ من شروط نصر الأمّة وتمكينها، ويجدر بالمسلم الإكثار من أداء صلوات النوافل اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، وطلباً لموالاة الله تعالى، ونيل هداه ورضاه.
  • قراءة القرآن الكريم بتدبّرٍ، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قول الله -تبارك وتعالى- في محكم كتابه الكريم: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا).[11]
  • ذكر الله تعالى؛ فهذا من أفضل الأعمال، وأزكاها، وأعلاها مرتبةً عند الله تعالى، وإنّ المؤمن ليتسشعر بذكر الله -تعالى- حلاوةً عظيمةً تُغنيه عن الدنيا وما فيها، وحريٌّ بالمرء أن يُكثر من دعاء الله -تعالى- كذلك.
  • اختيار الرفقة الصالحة الطيبة، والتحلّي بأخلاقهم، والتأسّي بأفعالهم الطيبة، والانتفاع بحديثهم، فهذا كلّه ينعكس إيجاباً على حياة المسلم.
  • الإحسان إلى الناس.

المراجع

  1. ↑ سورة يونس، آية: 108.
  2. ↑ "الإيمان هبة من الله وكسب من العبد"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة النحل، آية: 97.
  4. ^ أ ب "ما هي نتائج اقتران الإيمان بالاستقامة ؟"، 19-4-2019، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف
  5. ↑ "آثار الإيمان في حياة المسلم"، 15-10-2003، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف
  6. ↑ د. محمود الدوسري (5-2-2018)، "أثر الإيمان في حياة الإنسان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة النور، آية: 55.
  8. ↑ سورة فصلت، آية: 30-31.
  9. ↑ "حقيقة الإيمان"، 3-4-1992، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف
  10. ↑ د. بدر هميسه، "إنها حلاوة الإيمان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
  11. ↑ سورة الإسراء، آية: 82.