معنى العولمة

معنى العولمة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

العولمة

نالت العولمة اهتماماً بالغاً من قِبَل المؤسّسات العالَميّة، والوطنيّة على حَدٍّ سواء، كما أنّها جذبت اهتمام وسائل الإعلام، والحكومات، والرأي العام إليها، وعلى الرغم من الآراء المختلفة، والمُتبايِنة في ما يتعلَّق بالاستجابة لها، أو التأنّي في الالتحاق برَكبها، ما بين مُؤيِّدٍ، ومُعارض، إلّا أنّها صارت عنواناً لواقع عالَمي يحيط بالمجتمعات، وينمّي تأثيراته في المجالات جميعها،[1] ولهذا كان لا بُدّ من التطرُّق إلى مفهوم العولمة بشيءٍ من التفصيل، وبيان أنواعها، وتوضيح الفرق بينها، وبين العالَميّة.

معنى العولمة

تُعرَّف العولمة في قاموس المعجم الوسيط على أنّها: مصدر (عَولَمَ)، حيث نقول: عَوْلَمَ الشَّيْءَ؛ أي أَعْطاهُ طابَعاً عالَمِيّاً، وهي تعني لغة: حُرِّية انتقال المعلومات، وتدفُّق رؤوس الأموال، والسِّلَع، والتكنولوجيا، والأفكار، والمُنتَجات الإعلاميّة، والثقافيّة، والبَشَر أنفسهم بين المجتمعات الإنسانيّة جميعها، حيث تجري الحياة في العالَم كمكان واحد، أو قرية واحدة صغيرة، حيث ترفع الشركات العملاقة شعار العولمة؛ لتستطيع التَّوغُّل داخل الدُّول جميعها بلا قَيْد،[2] أمّا اصطلاحاً، فإنّ العولمة في عصرنا الحاضر تُعَدُّ أحد المفاهيم، والقضايا المُعاصِرة، وعلى الرغم من وجود الكثير من الكتابات التي تتعلَّق بها، إلّا أنّ الباحثين لم يتّفقوا على تعريف مُحدَّد لها، كما أنّ مناهجهم في تعريفها مُتعدِّدة؛ حيث إنّ منهم من عرَّفها تِبعاً لانسجامها مع موقفه تجاهها، سواء بالقبول، أو الرفض، ومنهم من اقتصر في تعريفه لها على جانب مُعيَّن منها، وبالنظر إلى العولمة كمفهوم، نجد أنّ الصيغة الصرفيّة لها هي (فَوْعَلة)، وهي تفيد تحويل الشيء من حالة إلى حالة أخرى، فنقول: عولمة؛ أي وضعه على مستوى العالَم، علماً بأنّها لفظ تمّ فَرْضه على اللغة العربيّة؛ تبعاً لمُستجدّات العصر، كما أنّ العولمة ترجمة لكلمة (Globalization)، بمعنى: توسيع دائرة الشيء، وتعميمه،[3] وفي ما يأتي بعضٌ من أبرز هذه التعريفات:

  • عرَّفها (رونالد روبرتسون) على أنّها: " اتّجاه تاريخيّ نحو انكماش العالَم، و زيادة وَعي الأفراد، والمُجتمعات بهذا الانكماش؛ أي تقليص المسافات بين الأفراد في أنحاء العالَم كُلِّه، والوعي هو إدراك لفكرة القرية الكونيّة، و نَفْي وجود الصراع المُؤدِّي للانقسام".[4]
  • عرَّفها (إسماعيل صبري) على أنّها: "التداخُل الواضح لأمور الاقتصاد، و الاجتماع، والسياسة، والثقافة، و السلوك، دون اعتدادٍ يُذكَر للحدود السياسيّة ذات السيادة، أو الانتماء إلى وطن مُحدَّد، أو دولة مُعيَّنة".[4]
  • عرَّفها (أنتوني جيدنز) على أنّها: "مرحلة جديدة من مراحل الحداثة، وتطوُّرها، تتكاثف فيها العلاقات الاجتماعيّة على الصعيد العالَميّ، وحدوث تلاحُم بين الداخل، والخارج، والرَبط بـين المَحلِّي، والعالَميّ بروابط اقتصاديّة، وسياسيّة، وثقافيّة، وإنسانيّة، ولا يعني هذا إلغاء المَحلِّي، والداخليّ، ولكن أن يصبحَ العالَم الخارجيّ له حضور العالَم الداخليّ نفسه في تأثيره في سلوكيّات الأفراد، وقناعاتهم، وأفكارهم، والنتيجة هي بروز العامل الداخليّ، وتقويته".[1]

وعلى الرغم من التعريفات السابقة جميعها، إلّا أنّنا يمكن أن نعتمد تعريف الصندوق الدوليّ الذي عرَّفها على أنّها: "تزايد الاعتماد الاقتصاديّ المُتبادَل بين بُلدان العالَم بوسائل، منها: زيادة حجم، وتنوُّع معاملات السِّلع، والخدمات عبر الحدود، والتدفُّقات الرأسماليّة الدوليّة، وكذلك من خلال سرعة، ومدى انتشار التكنولوجيا".[5]

أنواع العولمة

تمّ تقسيم العولمة إلى عدّة مجالات، هي:[4]

  • العولمة الاقتصاديّة: ويُقصَد بها: جَعل العالم دولة واحدة، بحيث تنتقل فيها رؤوس الأموال، والعَمالة بحُرّية، من خلال إزالة العوائق الاقتصاديّة، ورفع القيود الجمركيّة عن الخدمات، والسِّلَع. وهي تُقسَم إلى نوعين، هما:
  • العولمة الثقافيّة والإعلاميّة: ويتمثّل هذا النوع من العولمة بإعطاء الحرّية للثقافات المُتعدِّدة؛ بهدف التعبير عن نفسها، والتوجُّه نحو العالَميّة ضمن الفرص المتكافئة، ممّا يعني امتزاج هذه الثقافات، وتفاعلها، إلّا أنّ الواقع لا يتوافق مع ما سبق؛ حيث إنّ تبادل الثقافات يتمّ في اتّجاه واحد، وتحديداً من الغرب إلى دول العالم الأخرى؛ بسبب تفوُّقه التكنولوجيّ، والإعلاميّ، وغيرها من الأمور.
  • العولمة السياسيّة: حيث إنّ العولمة تبدو أكثر وضوحاً في الميدان السياسيّ، وذلك عن طريق رفع الشعارات التي تتعلَّق بهذا الميدان، كالديمقراطيّة، واحترام الرأي، والأقلّيات، والتعدُّدية، وغيرها، ممّا يعني التساوي بين أفراد المجتمعات جميعهم في الواجبات، والحقوق.
  • العولمة الإداريّة: بحيث يتمّ التعامل مع مُسوِّقين، وموظَّفين، ومُسخدمين من عدّة جنسيّات، وثقافات، وحضارات، ممّا يعني التحلّي بالمقدرة على التحدُّث بعدّة لغات، علماً بأنّ هذا النوع من العولمة يُعنى بعولمة الأنشطة المعلوماتيّة، والتسويقيّة، والماليّة، والإنتاجيّة، والتكنولوجيّة.
  • عولمة الإنتاج، والتي تتشكَّل من خلال الاستثمار الأجنبيّ المباشر، وعولمة التجارة الدوليّة.
  • العولمة الماليّة، والتي يتمّ الاستدلال عليها من خلال التطوُّر في تداول النقد الدوليّ على مستوى العالَم، بالإضافة إلى التطوُّر في حجم المعاملات عن طريق السندات، والأسهم.

الفرق بين العالَميّة والعولمة

على الرغم من الخلط المُستمرّ بين مصطلحَي العالَميّة، والعولمة، إلّا أنّهما يختلفان عن بعضهما، وذلك على النحو الآتي: [3]

  • العالَميّة (بالإنجليزيّة: Universality): وتعني الاختلاط بالحضارات، والثقافات المختلفة، والانفتاح على كلّ ما هو كونيّ، وعالَميّ، في الغرب، والشرق، بالعطاء، والأخذ، كما أنّها تعني التفاعل المُتبادل الذي تحكمه القِيَم الإنسانيّة بين الكلّ، والجزء؛ تبعاً للأسس التي تحكم تفاعل الحضارات، ممّا يعني التعاون، والعمران، والتعارف.
  • العولمة (بالإنجليزيّة: Globalization): وتعني نفي الآخرين، وإبعاد للخصوصيّة، من خلال السيطرة على العالَم، ممّا يؤدّي إلى إلغاء الثقافة الذاتيّة لأيّ مجتمع، وطمس هويّته القوميّة، والشخصيّة، ومن الجدير بالذكر أنّ العولمة الاقتصاديّة تُعَدُّ بداية العولمة، حيث تمّ التوصُّل إلى دمج الدُّول عبر نموذج يتَّخذ من التقنية، والمال، والتجارة، والإعلام، وغيرها أموراً من شأنها فرض سُلطة أصحابها.

المراجع

  1. ^ أ ب د. عبدالعزيز المنصور، العولمة..والخيارات العربية المستقبلية، سوريا: جامعة دمشق، صفحة 562، 560. بتصرّف.
  2. ↑ "تعريف و معنى عولمة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2018.
  3. ^ أ ب محمد الهواري (2013)، العولمة الثقافية وأثرها على الهوية العربية الإسلامية، الجزائر: مؤسسة كنوز الحكمة للنشر والتوزيع- مجلة الحكمة للدراسات الاجتماعية، صفحة 156، 153-151. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ياسين ساقع (2013/2014)، العولمة وأثرها على الأنشطة التسويقيّة في المؤسّسة الاقتصاديّة الجزائريّة، الجزائر: جامعــة قسنطينة، صفحة 17-15، 11-10. بتصرّف.
  5. ↑ ماشي بن صاحب بن علي العمري (1432/1433هـ)، دور المؤسسات التربوية في مواجهة بعض مظاهر العو لمة من منظور التربية الإسلامية، السعوديّة: جامعة أم القُرى، صفحة 31. بتصرّف.