عدد المذاهب في الإسلام

عدد المذاهب في الإسلام
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

المذاهب الفقهيّة

يُعرّف المذهب لغةً على أنه مجموعة من الآراء والنظريات العلمية والفلسفية، ترتبط مع بعضها بطريقة تجعلها وحدة منسقة،[1] أما الفقه فقد اختلف العلماء في تعريفه لغةً؛ حيث قيل إنه مطلق الفهم، وقيل إنه فهم غرض المتلكم من كلامه، وقال آخرون إنه فهم الأشياء الدقيقة، أما اصطلاحاً فيُعرّف الفقه على أنه العلم بالأحكام الشرعية العملية من خلال استنباطها من أدلّتها التفصيلية،[2] ومن الجدير بالذكر أن المذاهب الفقهية قد تختلف في بعض المسائل الاجتهادية، وتُجمع على أخرى، وهذا الخلاف ليس أمراً مذموماً، فقد أقره الشرع، حيث جعل للمجتهد المصيب أجران، وللمجتهد المخطئ أجر واحد، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ فَلَهُ أجْرانِ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ).[3][4]

عدد المذاهب الفقهيّة في الإسلام

هناك أربعة مذاهب فقهية مشهورة في الإسلام، وقد انتشرت هذه المذاهب في القرن الثالث الهجري، وتشمل كلاً من المذهب الحنفي؛ نسبة إلى الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، والمذهب المالكي؛ نسبة للإمام مالك بن أنس رحمه الله، والمذهب الشافعي؛ نسبة للإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، والمذهب الأحمدي؛ نسبة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، ومن الجدير بالذكر أن نشأة المذهب الحنفي والمذهب المالكي ترجع إلى القرن الثاني للهجرة، بينما اشتهر مذهب الإمام أحمد والشافعي في القرن الثالث وما بعده.[5]

المذهب الحنفي

المذهب الحنفي هو أول المذاهب الفقهية نشأةً، حيث تأسس هذا المذهب في العراق، ونُسب إلى الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي، الذي وُلد في العام ثمانين للهجرة في عهد صغار الصحابة، وقد رأى أنس بن مالك -رضي الله عنه- لمّا ذهب إلى الكوفة، وروى عن الشعبي، وعطاء بن أبي رباح الذي كان يُعد أكبر شيوخه، وغيرهم الكثير، وقد اشتهر -رحمه الله- بالفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، بالإضافة إلى فصاحة اللسان، وعذوبة المنطق، حتى وصفه تلميذه أبو يوسف قائلاً: (كان أحسن الناس منطقا وأحلاهم نغمة، وأنبههم على ما يريد)، وعُرف أيضاً بالتقوى، والورع، والزهد في الدنيا، حيث عُرضت عليه المناصب والأموال العظيمة فرفضها، وقد تأسس المذهب الحنفي بالاعتماد على اجتهاد الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- في فهم أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث كان يُفتي الناس بما توصّل إليه من الأدلة، ثم أخذ تلاميذه وأتباعه تلك الفتاوى، وقاسوا عليها ونشروها، ووضعوا لها القواعد، والضوابط، والأصول، حتى تكوّن المذهب الفقهي.[6]

المذهب المالكي

يعدّ المذهب المالكي أحد المذاهب الأربعة المشهورة، ويمكن القول إنه المدرسة التي اتخذت من أقوال الإمام مالك بن أنس الذي توفي عام 179 للهجرة مرجعاً للعمل والفتوى والتقليد، وجعلت أصوله وفروعه مناط الاتّباع والدراسة، مع بعض الاجتهاد من أئمة المذهب المجتهدين، ومن الجدير بالذكر أن الإمام مالك -رحمه الله- كان من أشهر الأئمة في زمانه، حيث كان الناس يتوجهون إلى مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليسألوه ويرجعوا إليه، وقد انتشر المذهب المالكي بفضل جهود تلاميذ الإمام مالك رحمه الله، ومن أهم الخصائص التي تميز بها المذهب المالكي: توسع مصادر التشريع لتشمل العرف، وشرع من قبلنا، والاستصلاح وغيرها، مما أدى إلى المرونة التي جعلت للمذهب صلاحية ظاهرة للحكم والتقنين، وقد بيّن الإمام القرافي المالكي أصول المذهب؛ وهي القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، وإجماع أهل المدينة، والقياس، وقول الصحابي، والمصلحة المرسلة، وسد الذرائع، والعرف والعادات، والاستحسان، والاستصحاب.[7]

المذهب الشافعي

يمكن تعريف المذهب الشافعي على أنه اجتهادات الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله- في الأصول والفروع التي أملاها على تلاميذه ودوّنوها في مؤلفاتهم؛ كمختصر المزني والبويطي، أو التي ضمنها في مصنفاته؛ كالأم والرسالة، وقد وُلد الإمام الشافعي بمدينة غزة في فلسطين عام 150 للهجرة، وتوفّي والده في صغره، فتربى في كنف أمه التي انتلقت به للعيش في مكة المكرمة، وحرصت على تربيته تربيةً إسلامية، فتعلم الرمي، وبرع باللغة العربية والشعر، ثم أحب تعلم الفقه، فأخذ العلم عن سفيان بن عيينة، وخالد الزنجي مفتي مكة المكرمة، وداود العطار، وعمه محمد بن علي بن شافع -رحمهم الله- جميعاً، ثم ارتحل إلى المدينة، حيث حفظ الموطأ، وأخذ العلم من بعض علماء اليمن ومنهم: مطرف بن مازن، وهشام القاضي، ثم انتقل إلى العراق، حيث طلب العلم في بغداد عند فقيه العراق محمد بن الحسن الشيباني، ثم تفرغ للتدريس فيها، ومن هناك بدأ علمه بالانتشار، وكثر طلابه، ثم انتقل إلى مصر عام 199 للهجرة وأقام فيها إلى أن توفي في عام 204 للهجرة.[8]

المذهب الحنبلي

بدأ الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- بطلب العلم وحفظ القرآن الكريم وطلب الحديث النبوي منذ صغره، حيث وُلد في بيت كريم من بيوت بني شيبان في بغداد، ولما اشتد عوده انتقل لطلب العلم عند أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة رحمه الله، وبقي متابعا لحلقات أبي يوسف أربع سنوات كاملة، دَوّن خلالها كل ما أخذه عن الشيخ، أما رحلة الإمام أحمد -رحمه الله- في طلب الحديث النبوي الشريف؛ فقد بدأت في العام 186 للهجرة، بعد أن بلغ الثانية والعشرين من العمر، حيث تنقّل بين البصرة، والكوفة، والرقة، واليمن، والحجاز، وتلقى العلم عن كبار علماء الأمة وأئمتها؛ كيحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وسفيان بن عيينة، والإمام الشافعي الذي كان يقول عنه: (ما رأيت أحدًا أفقه في كتاب الله من هذا الفتى القرشي).[9]

وفي سنة 204 للهجرة تفرغ الإمام أحمد للتدريس والفتيا، وكان له حلقتان؛ الأولى في منزله ويقصدها طلابه المميزون، ومن أشهرهم؛ أبو بكر المروزي الذي كان من المقربين للإمام أحمد رحمه الله، والثانية في المسجد ويقصدها عامة الناس، ومن الجدير بالذكر أن الإمام أحمد لم يدوّن مذهبه الفقهي، ولم يأمر أحداً من تلاميذه بذلك، بل كان يكره أن يُكتب شيء من فتواه وآرائه، إلى أن قام أبو بكر الخلال الذي كان أحد تلاميذ أبي بكر المروزي بجمع الفقه الحنبلي، بعد أن جاب الأفاق باحثاً عن فتواه وآراءه الفقهية، ثم صنفها في كتاب الجامع الكبير، وجلس في جامع المهدي في بغداد لتدريسه، ومن هناك بدأ انتشار المذهب الحنبلي.[9]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى المذهب في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "معنى الفقه لغة واصطلاحاً"، www.fatwa.islamweb.net، 25-1-2003 م، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم: 7352، صحيح.
  4. ↑ " اختلاف العلماء في مسائل الفقه اختلاف رحمة"، www.aliftaa.jo، 30-07-2013، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2019. بتصرّف.
  5. ↑ الإمام ابن باز، "صحة المذاهب الأربعة وتاريخ نشأتها"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2019. بتصرّف.
  6. ↑ "نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة"، Www.islamqa.info، 08-03-2004، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2019. بتصرّف.
  7. ↑ "أقوال العلماء في خصائص مذهب المالكية"، www.islamqa.info، 03-01-2015، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2019. بتصرّف.
  8. ↑ د. فارس العزاوي (11/6/2009)، "التعريف بالشافعية ومؤلفاتهم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2019. بتصرّف.
  9. ^ أ ب أحمد تمام، "أحمد بن حنبل.. إمام أهل السنة (في ذكرى وفاته: 12 من ربيع الآخر 241هـ)"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2019. بتصرّف.