عدد السور المكية والمدنية

عدد السور المكية والمدنية

القرآن الكريم

يُعرّف القرآن الكريم اصطلاحاً على أنه الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، والمكتوب في المصاحف، والمنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتواتر من غير شبهة، ولا بُد من الإشارة أن للقرآن الكريم خمساً وخمسين اسماً، منها: الكتاب، والفرقان، والنور، والهدى، والرحمة، والموعظة، والحكمة، والمبين، والذكر.[1]

وللقرآن الكريم العديد من الخصائص، ومنها أنه معجز ببلاغته، فقد تحدى الله -تعالى- العرب بالإتيان بمثله فلم يتمكّنوا، مصداقاً لقوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)،[2] بالإضافة إلى أن الله -تعالى- تكفّل بحفظ القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،[3] وقال القرطبي في شرح الآية الكريمة: (المراد بالذّكر القرآن، والمراد بالحفظ أن يحفظه من أن يزاد فيه أو ينقص منه)، وقد أنزله الله -تعالى- باللغة العربية، مصداقاً لقوله عز وجل: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ).[4][1]

عدد السور المكية والمدنية

تُقسّم سور القرآن الكريم من حيث المكي والمدني إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول هو السور التي أجمع العلماء على أنها مدنية، ويبلغ عددها عشرون سورة، والقسم الثاني هو السور التي اختلف العلماء في تصنيفها؛ فمنهم من صنّفها ضمن السور المكية، ومنهم من صنّفها ضمن السور المدنية، ويبلغ عددها اثنتي عشرة سورة، والقسم الثالث هو السور التي أجمع العلماء على أنها مكية، ويبلغ عددها اثنين وثمانين سورة.[5]

اصطلاحات العلماء في المكي والمدني

اختلف العلماء في المراد بالمكي والمدني، حيث اعتمدوا على ثلاثة اصطلاحات مختلفة في تحديد المكي والمدني من السور، ويمكن بيان الأقوال الثلاثة فيما يأتي:[6]

  • القول الأول: اعتمد القسم الأول على اصطلاح المكان في تحديد المكي والمدني، حيث أطلقوا اسم المكي على ما نزل في مكة المكرمة أو أحد ضواحيها؛ كعرفات، أو الحديبية، أو منى، حتى وإن كان نزوله بعد الهجرة، وأطلقوا اسم المدني على ما نزل في المدينة المنورة أو أحد ضواحيها؛ كبدر وأحد، وتجدر الإشارة إلى صعوبة تطبيق الخصائص المرتبطة بتطور الدعوة في ظل هذا التقسيم، لا سيّما أن الآيات المكية التي نزلت قبل الهجرة تختلف في الموضوع والأسلوب عن الآيات المكية التي نزلت بعد الهجرة، ولذلك يصعب دمجها في إطار نسق واحد موضوعي وأسلوبي.
  • القول الثاني: اعتمد الفريق الثاني من العلماء على اصطلاح الزمان في تحديد المكي والمدني من السور، حيث أطلقوا اسم المكي على ما نزل قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، وإن كان نزولها في المدينة، وأطلقوا اسم المدني على السور التي نزلت بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وإن كان نزولها في مكة المكرمة، ومن الجدير بالذكر أن هذا التقسيم هو الأشهر، ومن الأمثلة عليه قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[7] فعلى الرغم من نزول هذه الآية الكريمة في عرفة يوم حجة الوداع، إلا أنها تُصنّف من السور المدنية؛ لأن نزولها بعد الهجرة، وتجدر الإشارة إلى يُسر تطبيق الخصائص الزمانية المتعلقة بالمكي والمدني من السور في ظل هذا التقسيم.
  • القول الثالث: اعتمد الفريق الثالث من العلماء على اصطلاح المخاطَب في الآيات لتحديد المكي والمدني، حيث أطلقوا اسم المكي على الآيات التي خاطبت أهل مكة، وغالباً ما يبدأ الخطاب بقول الله تعالى: (يا أيها الناس)، إذ إن أغلب أهل مكة كانوا كفاراً، وأطلقوا اسم المدني على الآيات التي خاطبت أهل المدينة المنورة، وغالباً ما يبدأ الخطاب بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا)، لأن أغلب أهل المدينة المنورة كانوا من المؤمنين، كما نُقل عن ميمون بن مهران -رحمه الله- أنه قال: (ما كان في القرآن يا أيها الناس أو يا بني آدم فإنه مكي، وما كان يا أيها الذين آمنوا فإنه مدني).

فوائد معرفة السور المكية والمدنية

هناك العديد من الفوائد المكتسبة من معرفة المكي والمدني من السور، ويمكن بيان بعض هذه الفوائد فيما يأتي:[8]

  • معرفة الناسخ والمنسوخ: فإن معرفة المكي والمدني من سور القرآن الكريم وسيلة لمعرفة الناسخ والمنسوخ، ففي حال ورود حكم شرعي في الآيات المكية فيه تعارض مع حكم ورد في الآيات المدنية، يُحكم بنسخه إذا استحال الجمع بينهما.
  • فهم المنهج الصحيح للدعوة: حيث إن دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرت بمرحلتين، وهما المرحلة المكية والمرحلة المدنية، وكان لكل مرحلة منها فقهٌ خاص في الدعوة إلى الله، وبما أن الأمّة مأمورة بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بُد من معرفة هدي النبي في استعمال القرآن الكريم، لا سيّما أن القرآن الكريم كان ينزل معالجاً للواقع.
  • فهم التدرج في التشريع: فمن خلال معرفة المكي والمدني، يتم تحديد الأوقات التي نزلت فيها الأحكام الشرعية، لتتجلّى حكمة الله -تعالى- في التدرج في تشريع تلك الأحكام، فأول ما فُرض على الناس في مكة هو توحيد الله تعالى، ثم الصلاة، ثم الصوم، ثم الزكاة، ثم الحج، وكذلك أيضاً تتجلى حكمته -عز وجل- في تحريم بعض العادات السائدة في ذلك الوقت، كالتدرج في تحريم الخمر، وزواج المحارم، وغيرها من العادات القبيحة.

المراجع

  1. ^ أ ب " قرآن"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 24،23.
  3. ↑ سورة الحجر، آية: 9.
  4. ↑ سورة إبراهيم، آية: 4.
  5. ↑ " عدد السور المكية والمدنية"، www.fatwa.islamweb.net، الثلاثاء 7 ذو الحجة 1422 - 19-2-2002، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2019. بتصرّف.
  6. ↑ " المدخل إلى علوم القرآن الكريم"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة المائدة، آية: 3.
  8. ↑ الشيخ صلاح بن سمير محمد مفتاح (31/8/2017)، "إرشاد الذكي لمعرفة المكي والمدني من سور القرآن الكريم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-2-2019. بتصرّف.