خطوات الزواج في الإسلام

خطوات الزواج في الإسلام
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الزواج

الزواج لغةً

يطلق الزواج في اللغة على الاقتران والارتباط، وهي كلمه تطلق اليوم على العلاقة التي تربط الرجل والمرأة على سبيل الدوام والاستمرار بهدف التناسل والاستمتاع.[1]

الزواج اصطلاحاً

يطلق الزواج في الصطلاح على "عقد وضعه الشارع الحكيم ويفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة، وحل استمتاع المرأة بالرجل أصالة".[2]

خطوات الزواج

نظر الإسلام إلى عقد النكاح على أنه من أهم العقود التي يبرمها الإنسان في حياته، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)،[3] والمقصود: عهداً وثيقاً مؤكداً، يصعب نقضه، كالثوب الغليظ الذي يصعب شقه، وقال الزمخشري: (الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة، ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه)،[4]،ولذلك وضع الإسلام خطوات متعددة للزواج، وهي: الخِطبة، وعقد الزواج، وإعلان الزواج، وفيما يأتي بيان ذلك.[5]

الخِطْبة

وهي "إظهار الرغبة في الزواج بامرأة معينة، وإعلام المرأة وليها بذلك"، فإن وافقت المخطوبة ووافق أهلها، فقد تمت الخطبة بينهما، وترتبت على إثر ذلك الأحكام والآثار الشرعية، ولا بد في الخطبة من النظرة الشرعية للمخطوبه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للصحابي المغيرة بن شعبة عندما أعلمه أنه خطب إمرأة: (انظرْ إليها فإِنَّه أحرى أنْ يؤْدَمَ بينكُما)،[6] وقد حث الإسلام على اختيار المرأة الصالحة التي تصلح أن تكون زوجه صالحة وأم مناسبة تستطيع تربية أبنائها على الدين القويم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (تُنْكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداكَ)،[7] وحرصاً من الإسلام على العلاقات بين المسلمين؛ فقد حرَّم خطبة الرجل على خطبة أخيه، وذلك لأنها تورث العداوة والبغضاء بين الناس.[8]

عقد الزواج

يعتبر العقد من الخطوات الأساسية في الزواج، لذلك هناك أركان وشروط معينه لا بد أن تتوفر فيه وهي:

  • الإيجاب والقبول: اشترط العلماء أن عقد النكاح لا بد أن تتوفر فيه صيغة معينة، بحيث تحتوي على ألفاظ ينعقد بها الزواج، مثل: زوجت أو زوجني، فيجيب الطرف الآخر بالرضى، وهذا ما يعرف بالإيجاب والقبول، قال صاحب المنهاج في الفقه الشافعي: (إنما يصح النكاح بإيجاب وهو أن يقول: زوجتك أو أنكحتك، وقبول بأن يقول الزوج (ومثله وكيله) تزوجت أو نكحت، أو قبلت نكاحها).[9]
  • الشاهدان والولي: يفترض على المأذون الذي يعقد الزواج أن يطلب حضور الشاهدين والزوج وولي المرأة، لأن وجودهم يعتبر من أهم شروط عقد النكاح، ثم بعد ذلك يُجري عقد الزواج لكي يخرج من خلاف أهل العلم، وحتى يكون العقد صحيحاً عند جميع العلماء.[10]
  • موافقة الزوجه ورضاها: أولت الشريعه إذن المرأة ورضاها في زواجها أهمية كبيرة، بحيث منعت من إجبارها على الزواج؛ سواء سبق لها الزواج أم لا، وبدى ذلك جلياً في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُنْكَحُ البِكْرُ حتى تستأذنَ، ولا الثيبُ حتى تُسْتَأْمَرَ، فقيل: يا رسولَ اللهِ، كيف إذنُها؟ قال: إذا سكتت).[11][12]
  • وقوع الزواج على التأبيد: بمعنى أنه لا يجوز أن يؤقت عقد الزواج بوقت معين، إذ يعتبر هذا شرط باطل، يُبطل عقد الزواج، ويحوّله إلى زواج المتعة المحرم شرعاً، إذ لا بد أن يُبنى الزواج على الديمومة والاستمرار.[13]

إعلان الزواج

وهو ما يعرف اليوم بالعرس، وقد كان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتم بعمل وليمة تسمى وليمة العرس إعلاناً للزواج في البلد، وابتهاجاً بهذه المناسبة، التي من شأنها أن تدخل الفرح والسرور على الزوجين والأهل والأقارب، وتكريماً لمن حضر ودعا للزوجين بالخير والبركة، وجاء الحث عليها في قوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن عوف عندما أخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار: (أَوْلِمْ ولو بشاةٍ)،[14][15] ويجب على من يقوم بوليمة العرس الابتعاد عن المخالفات الشرعية التي قد ترافقها مثل: اجتماع النساء والرجال في مكان واحد، والغناء على آلات الطرب، وشرب الخمر.[16]

دليل مشروعية الزواج

دلّ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على مشروعية الزواج، وفيما يأتي بيان هذه الأدلة:

  • الدليل من القرآن الكريم: حثت كثير من الآيات القرآنية الكريمة على الزواج ورغبت به، وبينت مشروعيته، وبينت أنه من سنن المرسلين ومنها قوله تعالى: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً).[17][18]
  • الدليل من السنة النبوية: رغبت الأحاديث النبوية الشريفة بالزواج، بل وأمرت به، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشرَ الشبابِ، منِ استَطاع الباءَةَ فلْيتزوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصَرِ وأحصَنُ للفَرْجِ، ومَن لم يستَطِعْ فعليه بالصَّومِ، فإنه له وِجاءٌ).[19][20]

الحكمة من الزواج

يتضح الهدف من الزواج من خلال النقاط التالية: [21]

  • إكمال الدين، وإعفاف النفس، والاستمتاع، واحتساب الثواب في ذلك لله تعالى، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ).[22]
  • عمارة الأرض امتثالا لأمر الله سبحانه.
  • التناسل وتكوين الأسرة الصالحة.
  • الزواج يبعث الطمأنينة في النفس، ويحصل به الاستقـرار والسكن اـروحي.

الآثار المترتبة على عقد الزواج

تترتب على هذا العقد العظيم والميثاق الغليظ أمور متعددة، وأهمها ما يأتي:[23]

  • حِلّ المعاشره الزوجية في حال الطهر لا في حال الحيض والنفاس والإحرام، لقوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).[24]
  • حِلّ النظر إلى الزوجة، ولمسها، والاستمتاع بها في أي وقت.
  • ملك الزوج منع الزوجة من الخروج إلا بإذنه.
  • وجوب المهر المسمى على الزوج لزوجته.
  • وجوب النفقة على الزوج، وهو حق الزوجة، بحيث يشمل تأمين المأكل والملبس والمسكن لها، قال الله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّـهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)[25].
  • ثبوت حرمة المصاهرة بين الزوجين والأقارب.
  • ثبوت نسب الأولاد من الزوج.
  • ثبوت حق الميراث بين الزوجين.
  • وجوب العدل عند التعدد بين الزوجات، وهو حق للزوجات جميعاً على حد سواء.

المراجع

  1. ↑ محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح (الطبعة 128)، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 202.
  2. ↑ د محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح (الطبعة 128)، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 203.
  3. ↑ سورة النساء، آية: 21.
  4. ↑ د بدر هميسه، "الميثاق الغليظ"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2019. بتصرّف.
  5. ↑ أسامة بدوي (13-2-2018)، "نصائح عن الخطبة والزواج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2019.
  6. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم: 1087، حديث حسن.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466، صحيح.
  8. ↑ د وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق-سوريا: دار الفكر، صفحة من 6492-6506، جزء 9. بتصرّف.
  9. ↑ "صيغة الإيجاب والقبول في عقد النكاح"، fatwa.islamweb.net. بتصرّف.
  10. ↑ "حكم عقد النكاح بدون الشاهدين أو بدون ولي"، www.binbaz.org، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2019. بتصرّف.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6968، صحيح.
  12. ↑ عبد الحميد الدهيشي (13-2-2012)، "شروط عقد النكاح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2019. بتصرّف.
  13. ↑ "أقوال العلماء فيمن تزوج ينوي مدة معينة يطلق بعدها"، www.fatwa.islamweb.net، 15-2-2003، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2019. بتصرّف.
  14. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5153، صحيح.
  15. ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الرياض: بيت الأفكار الدولية، صفحة 75، جزء 4. بتصرّف.
  16. ↑ عبد الله علوان (1979)، آداب الخطبه والزفاف وحقوق الزوجين (الطبعة الأولى)، الرياض: دار السلام، صفحة 101. بتصرّف.
  17. ↑ سورة الرعد، آية: 38.
  18. ↑ محمد العثيمين (1425)، الزواج، الرياض: دار الوطن، صفحة 13. بتصرّف.
  19. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5066، حديث صحيح أخرجه البخاري واللفظ له .
  20. ↑ محمد العثيمين (1425)، الزواج، الرياض: دار الوطن، صفحة 14. بتصرّف.
  21. ↑ ياسر الفهيد (2010)، "الزواج.. الأهداف والفوائد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-2-2019. بتصرّف.
  22. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1006، صحيح.
  23. ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الرياض: بيت الأفكار الدولية، صفحة 56-57، جزء 4. بتصرّف.
  24. ↑ سورة البقره، آية: 222.
  25. ↑ سورة الطلاق، آية: 7.