قصة مي زيادة

قصة مي زيادة

نشأة مي زيادة

ولدت ماري إلياس زيادة في الحادي عشر من شهر فبراير عام 1886م لأب لبناني وأم فلسطينية، وكانت وحيدة أبويها، كما التحقت بمدرسة الراهبات اليوسفيات بفلسطين، وكان عقلها نيّراً يغامر لأجل الوصول لغايته، وانتقلت ووالداها إلى لبنان فأكملت الدراسة التمهيدية هناك واطلعت إلى جانب اللغة العربية على اللغة الإنجليزية والفرنسية، فكانت ذات ميلٍ واضح للفرنسية، ثمّ ارتحلت مي مع أسرتها إلى القاهرة عام 1907م إذ كان والدها رئيساً لجريدة المحروسة آنذاك، وانتسبت إلى كلية الآداب جامعة القاهرة لتدرس اللغة العربية وآدابها على خطى والدها الذي زرع فيها حب اللغة.[1]

مي الأديبة

اطلعت مي على التاريخ الإسلامي وتعمقت في الفلسفة وأتقنت الفرنسية، والإنجليزية والإيطالية، والألمانية، والرومانية، والسريانية، والإسبانية، فبدأت الملامح الأولى في حياة الأديبة تتشكل في باحات جامعة القاهرة بفضل مجهودها الشاق وعملها المُتقن، فذاع صيت قلمها في الأوساط الصحفية والأدبية تحت اسم ميّ زيادة،[1] وبعد أن سطع نجمها في سماء الأدب العربي أخذ يجتمع في دارها نخبة من العلماء والشّعراء وقادة الفكر المصريين كلّ أسبوع بعد ظهر الثّلاثاء، إذ كانوا يخوضون الأحاديث ويتبارون في مختلف البحوث العلمية والفنية، كما برعت ميّ في إدارة الصالون بلفظها الرّشيق وبيانها النّاصع، وكان كل من إسماعيل صبري، ومصطفى صادق الرافعي، وولي الدين يكن، وأحمد شوقي، وخليل مطران، وشبلي شميل أكثر الشعراء تردداً عليها.[2]

علاقة مي بجبران خليل جبران

أعجبت مي بكتابات جبران وشعرت أنها تنم عن عاطفة إنسانية عالية ونادرة أيضاً، وكانت تهتم بأخباره وما ينشر بشكل كبير، وبعد أن قرأت قصته (مرتا البانية) كتبت إلى جبران أول رسالة عام 1912م وعرفته باسمها الحقيقي ونشاطها الأدبي، وتلمس جبران في كلمات مي روحاً أدبية موهوبة فلم يهمل رسالتها، وكتب ردّاً عليها، كما بدأت العلاقة بين ميّ وجبران علاقة فكرية أدبية ثم تطورت إلى صداقة، وبعدها الى تلميح بالحب ثمّ إلى الغرام الصريح، لكن انقطع البريد بينهما خلال الحرب العالمية الأولى ثمّ عاد كما كان، وكان جبران قلقَا مثل مي من انقطاع الرسائل فيما بينهما، إذ كانت تلك الرسائل تخفف عليه بلواه وتسلّيه في غربته وتلهمه في كثير من أعماله، وبعد انتهاء الحرب سارع جبران إلى كتابة رسالة لميّ مرفقة بنسختين من كتابيه: (المجنون)، و(المواكب)، ومن الجدير بالذكر أنّ مي لم تلتقي بجبران في حياته إلا في رسائله إليها، واستمرت بمراسلة جبران إلى أن توفي عام 1931م.[3]

مرض ووفاة مي زيادة

توالت المحن على مي فقد رحل والدها عام 1929م بعد صراع مع داء عِضال، وعام 1931م رحل جبران حبها الوحيد، ورحلت والدتها عام 1932م، فدخلت ميّ في عُزلة نفسية وعانت وتألمت طويلًا، لكنها عادت للأدب والكتابة وانغمست فيهما مرة أخرى، ولكن شعور الوحدة الذي عصف بمي بشدة جعلها تبتعد عن الناس شيئًا فشيئاً، وفي عام 1936م ذهبت مي Yلى لبنان بعد زيارة من أحد أقاربها ودعوته لها، لكنّه لم يسمح لها بالرجوع لمصر كما وقعها على توكيل بأموالها، وعندما احتجت مي على ذلك استجلبوا طبيباً وأودعوها مستشفى الأمراض النفسية، فظلت ميّ معذبة في المستشفى سبعة أشهر بعد أن تخلى الجميع عنها، ولما وصلت الأخبار للصحافة والإعلام ذهب للقائها الأديب أمين الريحاني، وقصت عليه المؤامرة الخبيثة كاملة، وأخيراً تمكنوا من نفي ما نُسب إليها، فخرجت واستكملت حياتها الأدبية إلى أن عادت إلى مصر، وتوفيت مي بعد أن تدهورت صحتها وأدخلت إلى مستشفى المعادي بالقاهرة في حالة إعياء وإغماء عام 1941م.[1]

المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد الخشاب (3-9-2017)، "مَيّ زيادة.. الفراشة ومِصيدة الأدباء!"، الجزيرة.نت، اطّلع عليه بتاريخ 13-12-2017. بتصرّف.
  2. ↑ "مي زيادة"، الحكواتي، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017. بتصرّف.
  3. ↑ خالد محمد غازي (2010)، مي زيادة.. سيرة حياتها وأدبها وأوراق لم تنشر، جمهورية مصر العربية: وكالة الصحافة العربية، صفحة 98,99,104,105,106,112. بتصرّف.