فضل قيام الليل والدعاء

فضل قيام الليل والدعاء
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

قيام الليل

ذُكر قيام الليل في العديد من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والسلف الصالح، منها قول الله تعالى في سورة السجدة: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا)،[1] وذكر كلٌّ من مجاهد والحسن أنّ المقصود من الآية السابقة قيام الليل، كما قال ابن كثير حمه الله: (يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة)، كما قال الله تعالى أيضاً في قائمي الليل: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،[2] وقال الحسن في بيان الآية السابقة: (كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السَحَر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار)، ومن الأحاديث التي وردت في قيام الليل ما راوه عبد الله بن عمرو أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: (مَنْ قامَ بعشرِ آياتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغافِلِينَ، ومَنْ قَامَ بِمائَةِ آيةٍ كُتِبَ منَ القانتينَ، ومَنْ قامَ بألفِ آيَةٍ كُتِبَ منَ المقنطِرِينَ)،[3] ومن الأقوال الواردة عن السلف الصالح في قيام الليل، ما ورد عن الحسن البصري أنّه قال: (لم أجد شيئاً من العبادة أشدّ من الصلاة في جوف الليل)، كما كان شداد بن أوس لا يرغب بالنوم، ويقول عند نهوضه من النوم: (اللهم إنّ جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه).[4]

فضل قيام الليل والدعاء

يُطلق قيام الليل على ما يؤديه المسلم في الليل أو في جزء منه في الصلاة، أو غيرها من العبادات من قراءة القرآن، أو التسبيح، أو الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، أو ذكر الله تعالى، وتجدر الإشارة إلى عدم اشتراط قيام كامل الليل، وفيما يأتي بيان عددٍ من الأفضال المترتبة على قيام الليل:[5]

  • علامةٌ من العلامات التي تدلّ على عباد الرحمن، فقيام الليل من أجلّ العبادات وأفضلها مكانةً ومنزلةً، ومن أعظم السنن الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام، التي تحقق السعادة والتقوى للعبد، فلا يستطيع أحد عليها إلا بتزكية النفس، وطهارة ونقاء الباطن.
  • علامةٌ على العباد المؤمنين والصادقين؛ حيث قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ*الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ).[6]
  • علامةٌ على التقوى، وقال الحسن البصري رحمه الله في ذلك: (يعني لا ينامون من الليل إلا قليلاً، فهم يكابدون الليل في القيام والركوع والسجود، ومع ذلك يختمون هذه العبادة بالاستغفار، سبحان الله وقدوتهم في ذلك سيِّدهم محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، حيث كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه).
  • قيام الليل أمرٌ من الله تعالى للعباد، حيث قال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا*نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)،[7] والناشئة الواردة في الآية الأخيرة يُقصد بها بداية الليل، وذلك عند بعض العلماء، وذهب علماءٌ آخرون إلى القول بأن ناشئة الليل هي القيام بعد النوم في الليل.
  • نيل المقام المحمود، والمنزلة الرفيعة بقيام الليل؛ حيث قال الله تعالى: (وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا)،[8] والتهجد يقصد به قيام الليل وقراءة القرآن وتلاوة آياته بعد النوم، أمّا المقام المحمود فهو يوم القيامة يحمده به الأوّلون والآخرون، وقال ابن القيم في بيان حال قيام الرسول عليه الصلاة والسلام: (ولم يكن يدع قيام الليل حضراً ولا سفراً، وكان إذا غلبه نوم أو وجع، صلّى من النهار اثنتي عشرة ركعة).
  • سببٌ في إجابة الدعاء؛ حيث روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّه قال: (سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: إنَّ في الليلِ لَساعةٌ، لا يوافقُها رجلٌ مسلمٌ يسأل اللهَ خيرًا من أمرِ الدنيا والآخرةِ، إلا أعطاه إياه، وذلك كلَّ ليلةٍ).[9]

بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بصلاة الليل وصلاة الوتر، وفصّلوا فيها، وفيما يأتي بيان البعض منها:[10]

  • تؤدّى صلاة قيام الليل ركعتين، أي أنّ المصلّي يسلّم من كلّ ركعتين، وبناءً على ذلك فلا يجوز للمسلم أداء أربع ركعات بسلامٍ واحد، وتجدر الإشارة إلى أنّ صلاة الليل غير محددة بعدد ركعات.
  • ينتهي قيام الليل بحلول صلاة الصبح، وبطلوع الصبح لا يؤدي المسلم إلّا صلاة الصبح، إلّا أنّ بعض العلماء قالوا بأنّ الوتر يجوز أداؤه بعد طلوع الصبح إلى إقامة الصلاة، وورد عن بعض السلف أنهم قضوا الوتر بعد صلاة الصبح، أي أنّه يجوز للمسلم قضاء صلاتي القيام والوتر بعد ارتفاع الشمس وقبل الزوال، إلا أنّ قضاء الوتر لا يكون إلّا شفعاً، حيث إنّ النهار ليس وقتاً لأداء الوتر من الصلاة، فإن كان المسلم يعتاد على أداء الوتر ثلاث ركعات فيقضيه أربع ركعات، وإن اعتاد على أداء الوتر خمس ركعات فيقضيه ست ركعات، وإن اعتاد على أداء سبع ركعات وتراً فيقضيه ثماني ركعات، وهكذا، أي أنّ الوتر يكون بركعة، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة ركعة، أمّا قيام الليل فيكون ركعتين ركعتين دون تحديد أيّ عدد.
  • تجدر الإشارة إلى أنّ أداء الرسول عليه الصلاة والسلام إحدى عشرة ركعة لقيام الليل لا يدلّ على تحديد قيام الليل بذلك العدد من الركعات.

المراجع

  1. ↑ سورة السجدة، آية: 16.
  2. ↑ سورة الذاريات، آية: 17-18.
  3. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6439، صحيح.
  4. ↑ "قيام الليل"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "فضل قيام الليل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة آل عمران، آية: 16-17.
  7. ↑ سورة المزمل، آية: 1-4.
  8. ↑ سورة الإسراء، آية: 79.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
  10. ↑ "مسائل وأحكام قيام الليل "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.