أضرار الربا

أضرار الربا
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الرِّبا

قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،[1]فالرِّبا من أخطر المسائل التي قد يُبتلى بها الإنسانٌ أو المجتمع؛ وقد جاء تحريم الربا بجميع الشرائع بما فيها شريعة الإسلام، ويعرّف الربا في اللغة؛ بأنّه الزيادة، أمَّا في الاصطلاح الشرعي فهو الزيادة في أحد النوعين من المال على النوع الآخر إذا كانا من جنسٍ واحد، كبيع الدينار بالدينارين، وقد يكون الربا من دون زيادة بالتأجيل أو التفرّق قبل القبض، وللربا نوعين هما؛ ربا الفضل كبيع الدرهم بدرهمين، وربا النسيئة كبيع الفضة بالذهب دون قبض.[2]

أضرار الرِّبا

لم يحرّم الله -تعالى- شيئاً في الكتاب والسنة إلا وله الكثير من المساوئ والأضرار، وكذلك الحال في تحريم الرِّبا والتَّعامل به على الفرد والمجتمع، ومن هذه الأضرار ما هو مُعجّل ومنها ما هو مؤجّل، وهي:[3]

  • الربا معصيةٌ لله -تعالى- ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومن يتعامل بالربا يخالف ما جاء صريحاً في آيات القرآن الكريم، وقد بيَّن الله -تعالى- في العديد من آيات القرآن الكريم أنَّ عاقبة من يخالف أمره العذاب المُهين في نار جهنم، كقوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)،[4] كما إنَّ الله -تعالى- لا يقبل منه الصدقة، فالله -تعالى- طيباً لا يقبل إلا طيباً.
  • عدم إجابة دعاء آكل الربا، فالله يجيب دعاء من يتحرَّى الحلال في مطعمه، ومشربه، وملبسه.
  • نزع البركة من العمر والكسب، وكثيراً ما يرى الناس محْق ما في أيدي المُرابين، فيصير المال بذلك سبباً للهلاك والمخاطر، وعاقبته إلى القلة.
  • الإعراض عن الخير مع القسوة في القلب، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الله -تعالى- قد بيَّن الحلال والحرام، ونبَّه على أنَّ الحلال يُصلح القلب والحرام يُفسده، ويكون فساد القلب بإبعاده عن ذكر الله تعالى، فآكل الربا ظالمٌ ومحاربٌ لله ورسوله.
  • الحرمان من الطيّبات، وقد حرَّم الله -تعالى- على اليهود الطيّبات، وكان هذا تحريماً بالقدر والشرع، وبذلك فإنَّ من كان من أُمّة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مُتّشبهاً بهم؛ عرَّض نفسه إلى العقاب المُجانس لعقابهم بسوء المآل، وذلك لظلمهم للناس، فالربا ظلمٌ ابتداءً لِما فيه من اشتراط الزيادة على البيع والقرض، ثمَّ تُضاعف هذه الزيادة تلقائياً عند تأخّر المدين عن السداد، وينتهي بإذلال المحتاجين وقهرهم، وإنَّ العامل في هذه المؤسّسات الظالمة محكومٌ بنظامٍ لا يرحم الناس، وشرّ الناس من يظلم الناس.
  • عدم قبول العمل الصالح، ومن نبت من أكل الحرام كانت النار أولى به.[5]

أسباب الكسب الحرام

إن للكسب الحرام عدّة أسبابٍ أهمّها عدم وجود الخوف والحياء من الله -تعالى- مع عدم استشعار مراقبته، وقد عرَّف النبي -صلى الله عليه وسلم- الحياء من الله -تعالى- بقوله: (استحيُوا من الله حقَّ الحياء، قالوا: إنَّا نستحيي من الله يا نبيَّ الله، والحمد لله؛ قال: ليس ذلك، ولكن من استحيى من الله حقَّ الحياء؛ فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكرِ الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حقَّ الحياء)،[6] وبذلك فإنَّ من فقد الحياء لا يُبالي إن كان ماله من الحلال أو من الحرام، حيث يُروى عن امرأةٍ صالحةٍ أنَّها كانت تعجن العجين حين أتاها خبر وفاة زوجها، فرفعت يدها وقالت: قد أصبح لنا في هذا الطعام شريك، تعني الورثة، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنَّه يدل على حرصها على تحرِّي الحلال، وقد يتساهل الناس في أكل الحرام بحجة الحصول على المكسب السريع.[5]

والله -تعالى- يؤخر الرزق لحكمةٍ يعلمها، فلا يحملك استبطاء الرزق على طلبه بمعصية الله، والعاقل يُدرك أنَّه لن يخرج أحداً من الدنيا إلا وقد استكمل رزقه، وأنَّ الله -تعالى- سيسأل عباده يوم الحساب عن مالهم من أين اكتسبوه وأين أنفقوه،[5] وعندما كان الربا أخذ مال الإنسان من غير عوض، فمن يبيع الدرهمين بالدرهم سواء أكان هذا البيع بالنقد أو النسيئة، تحصل له الزيادة من غير عوض، وحرمة المال في الإسلام عظيمة؛ لذلك كان أخذ المال من غير عوضٍ محرّم، كما إنَّ الربا يمنع الناس من الانشغال بالمكاسب، ممّا يؤدّي إلى انقطاع المنافع والمكاسب التي لا يُتحصَّل عليها إلا بالصناعات الشاقّة، والتجارة، والحرف المُتقنة.[7]

حكم الرِّبا

حب المال غريزةٌ في النفس البشرية، وتتطلّب من المؤمن تحرِّي الحلال، وتقوى الله في تحصيل المال؛ لتجنّب الوقوع في الحرام، والمالُ محبوبٌ في النفوس لما يُتَحصّل من خلاله من قضاء الحاجات والاستغناء عن الحاجة إلى الغير، فلا يحمل الناس حبَّهم للمال على تحصيله بطرقٍ غير مشروعة، فالدنيا زائلة، ومصير الإنسان إمَّا إلى نعيمٍ مقيمٍ وإمَّا إلى شقاءٍ وجحيمٍ، وقد توَعّد الله -تعالى- من تعامل بالربا بالمحق وانعدام البركة في الدنيا، والعذاب العظيم في الآخرة، أمَّا عن خلود صاحب الربا في النار فإنَّه على حالين؛ إمّا أن يستحلّ الربا وهو بذلك يكفر ويُخَلّد في النار؛ وذلك لمجيئه بما يُناقض الإسلام باستحلال ما هو معلومٌ أنَّه محرَّمٌ من الدين بالضرورة، والحال الثاني أن لا يستحلّ، ولكنه دفعه حبُّه للمال على فعل الربا، وهذا الصنف متوَعّد بالنار دون الخلود فيها.[8]

والربا محرّمٌ في جميع الشرائع، إلا إنّ الله -تعالى- قد أعلن في الإسلام الحرب على المرابين؛ لعِظم مفاسده على الفرد والمجتمع من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، يقول الماوردي: "حتى قيل: إنه لم يحلَّ في شريعة قط"، وهو من السبع الموبقات التي لُعن آكلها ومؤكلها وشاهدها و كاتبها،[9] ويقوم آكل الربا يوم القيامة من قبره في حالةٍ من التخبّط والهلع؛ لما في بطنه من المال الحرام.[10]

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 275.
  2. ↑ ابن باز، "تعريف الربا وبيان أنواعه"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ عبد الله القصير (24-4-2016)، "أخطار الربا وأضراره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة النور، آية: 63.
  5. ^ أ ب ت بدر هميسه، "الكسب الحرام ( أسبابه – أضراره ) "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  6. ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1551، حسن لغيره.
  7. ↑ "الحكمة من تحريم الربا"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ ابن باز، "الربا وخطره"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  9. ↑ الحسين الشواط، عبد الحق حميش (7-1-2015)، "تعريف الربا وحكمه"، www.ar.islamway.net. بتصرّف.
  10. ↑ محمد المنجد، "عين الربا"، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.