ما هو أجر الإمام

ما هو أجر الإمام
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الإمامة مشهد انضِباط ونظام

تقوم حياة المسلمين على النّظام والانضباطيّة في سائر أعمالهم وعباداتهم، ومن كرِم الله -سبحانه وتعالى- أنْ شرع للمسلمين صلاة الجماعة التي يتحقّقُ فيها هذا المعنى العظيم، فيلتقي المسلمون في المساجد والمُصلَّيات لأداء الصلوات المفروضة، وغير المفروضة، مثل صلوات:التراويح، والعيدين، والاستسقاء وغيرها بشكل مُنظّم، حيث يصطفّون في صفوف ممتدّة، ومتراصّة، ومستوية كأسنان المشط، وهم في ذلك يتّجهون نحو قِبلة واحدة وفي وقت واحد، ويتّبعون في صلاتهم إماماً واحداً يتقدّمهم في أداء الصلاة، وقد اعتنى الإسلام بمسألة الإمامة عنايةً فائقةً، وبيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أهميّة الإمامة وفضل الإمام، فمن هو الإمام، وما فضيلته وأجره عند الله تعالى؟

تعريف الإمام

  • الإمام لُغةً: مأخوذ من الفعل الثلاثيّ المُضاعف (أَمَّ)، وأحرُفه: (أَ، مَ، مَ)،[1] وهو كلّ من يُقتدَى به، ويُقدَّم في أمور الناس، وعلى هذا فالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إمامُ الأمّة، وكذا الخليفة إمامُ النّاس.[2]
  • الإمام اصطلاحاً: هو الذي يأتمّ به الناس، ويكون ممّن يصحّ الاقتداء بهم، والإمامة هي تشريع ربّاني يربط المأمومين بإمامهم، ولا يقف عمل الإمام على تقدم الناس في الصّلاة واقتدائهم به، بل يتعدّى إلى هداية النّاس وإرشادهم، بينما الإمامة الكُبرى هي الولاية على المسلمين والخلافة ورئاسة الدولة؛ فيُقال: إمام المسلمين؛ أي: رئيسهم.[3]

أجر الإمام وفضله عند الله تعالى

لا شكّ أنّ للإمام فضلاً كبيراً في شريعة الإسلام؛ فهو الذي يتقدّم صفوف المُصلّين، فيقتدون به في صلاتهم، ويأتمنونه على أهمّ عبادة مفروضة، وتظهر هذه الأفضليّة الشرعية للإمام من حيث:[4]

  • ينظر النّاس إلى الإمام على أنّه رمز للاجتماع والوحدة والأُلفة؛ فهو يجمعهم على طاعة الله تعالى، ويأتمّون خلفه على أداء أهمّ العبادات.
  • حاجة النّاس إليه في بيان أمور دينهم، وسبل السلامة في عبادتهم وصلاتهم، فحاجة المصلين إلى إمامهم لا تنقطع.
  • تأكيداً على أهمية وفضل الإمامة؛ فقد دعا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للإمام بالرُّشد والصّلاح؛ فقال عليه السّلام: (الإمامُ ضامِنٌ، والمؤذِّنُ مؤتَمنٌ، اللَّهمَّ أرشِدِ الأئمَّةَ واغفِر للمؤذِّنينَ)[5].
  • لمّا كان جهد الإمام يتجاوز حدّ الصّلاة بالناس، ليكون أيضاً معلّماً، وهادياً، ومُرشداً، وواعظاً؛ فإنّ منزلته ستكون عظيمةً؛ إذ يحرصُ على انتشال الناس من غياهب الجهل، وذلك عن طريق تعليمهم أحكام دينهم، وتفسير ما استشكل عليهم في القرآن الكريم، وبيان سُنّة نبيّهم عليه الصّلاة والسّلام، يُضاف أيضاً أجر إرشاد النّاس ووعظهم وتذكيرهم، فهو بهذا داعية إلى الله -تعالى- على هُدىً وبصيرةً، قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).[6]
  • الإمام فضله مشهور في سيرة النبيّ -عليه السّلام- وعصور المسلمين من بعده؛ فهو صاحب ولاية شرعيّة، حيث جاء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ)،[7] والنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان إمام المسلمين في صلواتهم، والخلفاء الراشدون من بعده كذلك، ولا يزال الأمر كذلك، فالإمامة لا يتولّاها إلّا أفضل المسلمين علماً وعملاً.[8]

وممّا سبق يتّضح حجم المسؤولية الكبيرة التي تُناط بمهمّة الإمامة، لذا فعلى الجهات المعنيّة كوزارة الأوقاف، كفاية حاجته من المؤونة، كي يتفرّغ لمسؤوليّاته الجِسام؛ فهو المرجع الدينيّ للناس في شؤون دينهم؛ إماماً، ومفتياً، وواعظاً، ومُرشداً، ومُدرّساً.[9]

الصّفات الواجب توفّرها في الإمام

حرِيٌّ بالذي يتولّى مهمّة إمامة النّاس في صلاتهم أنْ يتّصف بصفاتٍ تؤهّله لهذه المهمّة المباركة وهذه المكانة الجليلة، ومن أهمّ هذه الصفات:[10]

  • أنْ يكون عالماً بأصول الإيمان، والعقيدة، ومسائل التّوحيد، وعارفاً بالمسائل الفقهية؛ خاصّةً أحكام الطهارة والصلاة، حتّى يُصحِّح للناس عبادتهم، ويجيب على تساؤلاتهم، ويفتي لهم بالصّواب.
  • على الإمام أنْ يحفظ هيبته ووقاره بين النّاس، ويُحافظ على التّقوى، والصّلاح، والزّهد، والورع، ولا يُقبَل منه أنْ يُجاهر بمعصية الله سبحانه وتعالى.
  • أنْ يحرص على أداء الصلاة في وقتها، بتمامها وكمالها وخشوعها؛ فإنّ المُصلّين قد ائتمنوه على عبادتهم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أمَّ النَّاسَ، فأصاب الوقتَ وأتَمَّ الصَّلاةَ فله ولهم، ومَن انتقَص مِن ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم).[11]
  • أنْ يحرص على ألّا يُطيل الصلاة؛ فيملّ المُصلّون خلفه، ولا يسرع فيها كنقر الدّيك؛ فيخالف في ذلك منهج النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في إمامة المسلمين، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (ما صلَّيتُ وراءَ إمامٍ قطُّ، أَخَفَّ صلاةً ولا أَتَمَّ من النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وإن كان ليَسْمَعُ بكاءَ الصبيِّ فيُخَفِّفُ، مخافةَ أنْ تُفْتَنَ أُمُّه).[12]
  • أنْ يجيد تلاوة الآيات القرآنيّة، ويحرص على أن يرتّلها بصوت واضح دون تكلُّف، ويستحبّ أنْ يقف على فواصل الآيات، ويراعي التنويع في اختيار السُّوَر والآيات.
  • أنْ يلتزم بحضور الصلوات؛ فهو مؤتمن، ولا يغيب لغير عُذر، وأنْ يوكّلَ خلفه من هو أهل لإمامة الناس إذا غاب عنها.
  • أنْ يحترم المُصلّين الذين يؤمّهم، ويتودّد لهم، ويتفقّد أحوالهم، ويسأل عنهم، ويزور من انقطع عن المسجد منهم.

كما يجب التّنبّه إلى الشروط الشرعيّة التي يجب توفّرها فيمن يؤُمّ قوماً، وهي: الذّكورة؛ فلا تصحّ إمامة النّساء إلا للنّساء، وأن يكون عاقلاً؛ فلا تصحّ إمامة المجنون، وأن يكون قادراً على تلاوة سورة الفاتحة، وأن يكون قادراً على الإتيان بأركان الصلاة، وأن يكون سالماً من البِدَع المُكفِّرة.[13]

المراجع

  1. ↑ "تعريف ومعنى إمام"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2017.
  2. ↑ أحمد الرّازي (1979)، معجم مقاييس اللغة، بيروت: دار الفكر، صفحة: 28، جزء: 1. بتصرّف.
  3. ↑ علي عسيري (1419هـ)، مسؤولية إمام المسجد (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة: 5. بتصرّف.
  4. ↑ "فضل الإمامة ومنزلة الإمام"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2017. بتصرّف.
  5. ↑ رواه أبو نعيم، في حلية الأولياء، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7/92، صحيح متفق عليه.
  6. ↑ سورة فصلت، آية: 33.
  7. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي مسعود البدري، الصفحة أو الرقم: 2144، أخرجه في صحيحه.
  8. ↑ سعيد القحطاني (20-11-2012)، "فضل الأذان والإمامة وثواب الأئمة والمؤذّنين"، www.alukah.ne، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2017. بتصرّف.
  9. ↑ محمد الصباغ (4-3-2014)، "دور أئمة المساجد والخطباء عظيم والاهتمام بشؤونهم واجب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2017. بتصرّف.
  10. ↑ أمين الشقاوي (18-5-2014)، "الإمامة حقوق وواجبات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2017. بتصرّف.
  11. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 2221، أخرجه في صحيحه.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 708 ، صحيح.
  13. ↑ مركز الفتوى (17-2-2004)، "شروط إمامة الصلاة"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2017. بتصرّف.