ما هو اجر الاضحية

ما هو اجر الاضحية
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

شعيرة الذبح في الإسلام

شعيرة الأضحية في الإسلام لها دلالاتٌ عقديةٌ عميقةٌ، فضلاً عن كونها شعيرةً من الشّعائر التي تهدف إلى الإحساس بالفقراء والمحتاجين، وتأتي هذه الشعيرة المباركة لتسدّ مكانها ضمن منظومة التّكافل الاجتماعي، والمسؤولية المشتركة التي لا يُعفى منها قادرٌ، وفي العاشر من شهر ذي الحِجّة يستحضر المسلمون وهم يشرعون بذبح الأضاحي حال نبي الله إبراهيم عليه السّلام، عندما امتحنه الله -عزّ وجلّ- برؤيا ذبح ولده إسماعيل عليه السلام، ورؤيا الأنبياء حقّ؛ فيستجيبا لأمر الله في مشهدٍ يشكّل أعلى درجات البذل والتضحية، إذ الجود بالنّفس أسمى غاية الجود، ويدلّلا على أنّ الامتثال لأمر الله مقدّمٌ على كلّ غالٍ ونفيسٍ، فينجّيهما ربّهما من هذا الكرب بعد أنْ تحقّق المقصود، وظهر المأمول منهما، وفي هذا يقول المولى سبحانه: (وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسنِينَ*إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)،[1] وكأنّ المسلمين وحجّاج بيت الله الحرام يؤكّدون من خلال رمزية الذّبح وإراقة الدّماء، على أهمية السّمع والطاعة والامتثال لأوامر الله، قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[2] ولكن؛ ماذا عن أجر الأضحية وثوابها؟

أجر الأضحية وفضلها

لا شكّ أنّ الأضحية عملٌ مبرورٌ، وبذلٌ مأجورٌ، وقد جاء في فضلها ما يؤكّد أهميتها، ويُغري المسلم بالحرص على القيام بها، لا سيما أنّها سنّةً مؤكدةً ومأثورةً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن الأمور التي تُصنّف في بيان أجرها وثوابها ما يأتي:

  • أهم ما يظهر به فضل الأضحية كونها تأتي من باب تعظيم شعائر الله تعالى، فقد قال سبحانه: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[3] وتأكيداً على هذه الأفضلية فقد تكّرر اقتران الأمر بالذّبح والحثّ عليه بالأمر بالصلاة، ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،[4] وقوله أيضاً: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[5] ثمّ لكونها متابعةً لهدي النبي صلّى الله عليه وسلّم.[6]
  • تعدّ الأضحية من أفضل الصدّقات، وقرّر أهل العلم أنّها أعظم أجراً من الصدقة النافلة؛ لأنّ المضحّي يتصدّق عادةً بجزءٍ من لحمها، فيكون بذلك قد جمع بين أجر اتباع السّنة وإراقة الدم، وأجر الصدقة والإطعام، فيجتمع له أجران.[7]
  • ورد في فضل الأضحية وثوابها أحاديثٌ كثيرةٌ، بعضها صحيح، وكثير منها ما هو ضعيف، ومن الأحاديث الصحيحة قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما عمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللَّهِ من إهراقِ الدَّمِ، إنَّهُا لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، وأنَّ الدَّمَ ليقعُ منَ اللَّهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ منَ الأرضِ فطيبوا بها نفساً).[8][9]

تعريف الأضحية ومشروعيتها وشروطها

للأضحية محدّداتٍ خاصةٍ يكشفها التعريف الاصطلاحي لها؛ فهي مختلفة من عدّة وجوهٍ عن الذّبائح المشروعة الأخرى، ويتّضح ذلك من خلال بيان مفهومها الشرعي، والشروط الواجب توفّرها فيها:[6]

  • تعريف الأضحية: اسمٌ جامع لكلّ ما يضحّى به شرعاً، وجمعها: أضاحي، وهي ما يُذبح بنيّة التقرّب إلى الله -تعالى- من يوم عيد الأضحى، إلى آخر يومٍ من أيام التشريق.
  • مشروعيتها: مشروعية الأضحية موضع إجماع عند أهل العلم كلّهم، وقد ثبتت مشروعيتها في القرآن الكريم والسّنة الصحيحة، حيث قال الله سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،[4] وقد استنبط أهل العلم أنّ النّسك المقصود في الآية هو النّحر، وفيه دعوة لإخلاصه لله تعالى، ومخالفة أهل الكفر الذين كانوا يذبحون القرابين لأصنامهم التي تُعبد من دون الله تعالى، وقد ثبت في الصّحاح فعل ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ففي الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: (ضحَّى النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بكبشَينِ أملحَينِ أقرنَينِ، ذبَحهما بيدِه، وسمَّى وكبَّر، ووضَع رجلَه على صِفاحِهما).[10]
  • شروط الأضحية الشرعية: حدّد أهل العلم لصحّة الأضحية شروطاً عدّةٍ، وهي:
  • أنْ تكون الأضحية من الأنعام؛ وهي الإبل والبقر والغنم؛ لقول الله سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).[11]
  • أنْ تبلغ الأضحية السنّ المقرّرة شرعاً، والرّاجح عند جمهورالفقهاء على أنّ السّن المعتبرة في الإبل خمس سنين، وفي البقر سنتان، وفي المعِزُ سنة، والضأن ستة أشهر، ولا يُجزيء ما دون ذلك، أمّا من باب الأفضلية فما كان كبشاً أقرناً فحلاً؛ فقد اختاره النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذبحه.
  • أنْ تكون الأضحية سالمةً من العيوب؛ فلا تجزئ الأضحية إذا كانت عوراء جليّة العَوَر، ولا العرجاء البيّن عرجها، ولا المريضة البيّن مرضها، ولا العوراء البيّن عورها، ولا تجزئ العجفاء أو الهزيلة التي لا تنقي، بمعنى: التي لا مخّ في عظامها.
  • أنْ تكون تُذبح الأضحية في الوقت المقرّر شرعاً، وبدايته من بعد الفراغ من صلاة العيد والخطبة، على اعتبار أنّ صلاة العيد تكون بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار رمحٍ أو رمحين، وذلك لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من ذبَحَ قبلَ الصَّلاةِ فإنَّما ذبحَ لنفسِه، ومن ذبحَ بعدَ الصَّلاةِ فقد تمَّ نسُكُه، وأصابَ سنَّةَ المسلمينَ)،[12] وأمّا نهاية وقت جوازالذّبح فهو غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وعليه يكون وقت ذبح الأضاحي ممتدّاً لأربعة أيامٍ؛ يوم النحر، وثلاثة أيامٍ بعده.

المراجع

  1. ↑ سورة الصافات، آية: 104-107.
  2. ↑ سورة النور، آية: 51.
  3. ↑ سورة الحج، آية: 32.
  4. ^ أ ب سورة الأنعام، آية: 162.
  5. ↑ سورة الكوثر، آية: 2.
  6. ^ أ ب علاء شعبان الزعفراني (21-9-2015)، "الأضحية: آداب وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2018. بتصرّف.
  7. ↑ مركز الفتوى (11-11-2004)، "الأضحية أفضل من التصدق"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2018. بتصرّف.
  8. ↑ رواه المباركفوري، في تحفة الأحوذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4/429، حسن.
  9. ↑ مركز الفتوى (15-1-2006)، "فضل الأضحية وثوابها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2018. بتصرّف.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5565، صحيح.
  11. ↑ سورة الحج، آية: 28.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5546 ، صحيح.