اختلف العلماء في حكم السجود عند تلاوة القرآن، فذهب الحنفيّةُ إلى القول بوجوبه، بينما ذهب جمهور العلماء إلى القول بأنّه سنة، ودليل سنية سجود التلاوة أنّ النبي عليه الصلاة والسلام فعله في بعض الأحيان، وتركه أحياناً أخرى، كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تأكيده سنيّة سجود التلاوة حيث بين أنّهم كانوا يمرون على السجود، فمن سجد منهم فقد أتى بالصواب، ومن لم يسجد لم يقع الإثم عليه بسبب تركه له.[1]
يُفضَّلُ للمسلم إذا أراد أن يسجدَ سجدة القرآن أن يكونَ متوضئاً من باب الأولى والأحوط، وسواءً كان داخل الصلاة، أم خارجها، وقد اختلف العلماء في اشتراط الوضوء للسجود، فقال بعضهم بوجوبه، وقال آخرون إنّه سنة، وليس واجباً، وقد كان سبب الخلاف بينهم اختلافَ حكمهم بخصوص سجود التلاوة أثناء الصلاة وخارجها، فمن اشترط الوضوء إنّما كان يقصد السجود أثناء الصلاة، ومن قال بعدم وجوبه إنّما أراد السجودَ خارج الصلاة،[1]ثمّ يكبر المسلم تكبيرةً أولى للسجود، ثمّ يقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً، كما يقول عند السجود في الصلاة، ولا يُسلِّم بعد قيامه من السجود، ولا يُكبِّر، وإذا كان إماماً بالناس، ومرَّ بآية سجدة كبَّر للسجود، واتّبعه في ذلك المأمومون، ثمّ يكبر مرةً ثانيةً للقيام من السجود، وهذا يكون في الصلاة الجهرية للإمام، أمّا إن كانت الصلاة سريةً فلا يُسَّن فيها السجودُ، حتى لا يشوشَ ذلك على المصلين،[2]وقد ذكر بعض العلماء استحبابَ الدعاء عند سجود التلاوة ومن الدعاء الوارد أن يقول: (سَجدَ وَجهي للَّذي خلقَهُ وصوَّرَهُ وشقَّ سمعَهُ وبصرَهُ بِحَولِهِ وقوَّتِهِ).[3]أو أن يقولَ: (اللَّهمَّ اكتب لي بها عندَكَ أجرًا وضع عنِّي بها وزرًا واجعلْها لي عندَكَ ذخرًا وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلتَها من عبدِكَ داودَ).[4][5]
دلّت السنة النبوية على مشروعية سجود التلاوة، فقد سجد النبي عليه الصلاة والسلام، وسجد أصحابه معه، كما أنّ السجودَ دلالةٌ على تمام التذلل، والخشوع لله، وهو إرغام للشيطان الذي رفض السجود لآدم من قبل، قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا*وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا*وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا).[6][7]