أين ولد صلاح الدين الأيوبي ومتى

أين ولد صلاح الدين الأيوبي ومتى

شخصيات في التاريخ الإسلامي

برزت منذ بدء التاريخ الإسلامي شخصيات عظيمة انحنى لها التاريخ احتراماً على ما سجلته في سطوره من فتوحات و انتصارات سعياً لرفع راية الإسلام والانتصار له، فمنذ بدء انتشار الدعوة الإسلامية ظهرت شخصيات قيادية عُرفت بحنكتها وقوّتها وقيادتها العظيمة للدول الإسلامية وتنظيم أمورها، في موضوعنا هذا سنتحدّث عن الملك الناصر قاهر الصليبيين صلاح الدين الأيوبي.

صلاح الدين الأيوبي

لُقب صلاح الدين بأبي المظفر، والملك الناصر، وأخيراً بصلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية، وهو صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، ولد عام 1138 م، وهو مسلم سنّي متصوّف، وله من الأبناء الأفضل بن صلاح الدين والعزيز عثمان، وتوفي عن عمر يناهز 56 عاما في عام 1193 م.

مكان ولادته ووفاته

ولد صلاح الدين الأيوبي في العراق في محافظة تكريت عام 1138 م، وكان والده نجم الدين أيوب قد غادر قلعة تكريت في تلك الليلة، ونشأ وترعرع في دمشق بعد أن انتقل به والده إلى بعلبك ومن ثم إلى دمشق، وكان صلاح الدين قد عاش في بلاط الملك العادل نور الدين زنكي فترة شبابه كلها، وكان لدمشق مكانة في قلب صلاح الدين وقد نالت نصيباً من العشق الشديد منه، وقد برع في دراسته التي تلقاها في دمشق، وكان شغوفاً بالعلوم الفقهية الإسلامية، كما كان ملمّاً بالسير الذاتية وتاريخ العرب ، وقد حفظ دواوين من بينها ديوان الحماسة لأبي تمام، وتوفي رحمه الله في دمشق ودفن في المسجد الأموي بعد أن أصابته الحمى الصفراوية، واشتد به المرض، فكان موته فجيعة للمسلمين عامةً والدمشقيين خاصةً، وقد امتلأت النواحي بكاءً و نحيباً على فراقه يوم تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير.

بطولاته

شهدت فترة حكم الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي ازدهاراً بالفتوحات والانتصارات، حتى تمكّن من فتح أطراف بلاد ما بين النهرين ودمشق، وشّن حملة على الحشاشين، بالإضافة إلى فتوحات داخلية في الشام، وحارب من أجل حصول أهل الموصل على الحرية، وقد اشتهر بحزمه بالحروب، إذ كان يشكّل رعباً للصليبيين ومن أبرز معاركه معركة حطين، الحملة الصليبية الثالثة، وفتح القدس، وتحرير الساحل الشامي.

فتح دمشق

قررّ صلاح الدين الأيوبي بعد مباحثات طويلة الاتجاه لفتح دمشق، فقام بقيادة جيش مكوّن من 700 خيّال متجهاً بهم ليعبر الكرك في جنوب الأرد وصولاً إلى بصرى الشام، وفي هذه الأثناء حظي جيش الأيوبي بانضمام جموع من الكرد والعرب والبدو والأحرار والأمراء إلى الجيش، ليكون الأول من ربيع الأول من عام 570 هـ ليدخلوا دمشق، ويذكر بأنه قد تسّلم قلعة دمشق بعد مرور أربعة أيام على وصوله إلى دمشق.

ولحق بفتح دمشق عدة فتوحات داخلية في الشام، منها فتح حماة وحلب ومعرّة النعمان وكفر طاب وبارين، وغيرها، وخلال هذه الفتوحات تعرّض صلاح الدين لمحاولة قتل باءت بالفشل على يد جماعة من الحشاشين بتحريض من رشيد الدين سنان وقد كان خلاف بينهما بعد سقوط الدولة الفاطمية، وإذ أن كتيبة مكوّنة من ثلاثة عشر حشاشاً أُرسلت إلى قلب معسكر صلاح الدين وتغلغت داخل المعسكر دون أن يفتضح أمرها إلى أن شرعوا بالهجوم على خيمة الملك الناصر، فأقدم أحد قادة كتائب الجيش على قتل أحدهم وقُتل الباقون قبل هروبهم.

معركة حطين

حاصر الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي مدينة الكرك في جنوب الأردن بعد أن هوجمت قوافل المسلمين التجارية وقوافل الحجاج على يد بلديون الرابع و أرناط وخرقهما للهدنة، ومن ثم السيطرة على طبرياً سلمياً دون أي مواجهات، وفي عام 1187 م تلاقت جموع الجيوش الصليبية والمسلمين بقيادة صلاح الدين ، حيث تمركز الجيش الإسلامي في المنطقة العليا من قرون حطين حيث نبع المياه، وكان الإفرنج قد تأخروا بالوصول إلى أرض المعركة بسبب ثقل التجهيزات، وما أن وصلوا إلى أرض المعركة حتى كان العطش قد نال منهم فشربوا الخمر بدلاً من الماء حتى سكروا جميعاً، واشتد القتال حتى صارت المعركة حامية الوطيس بين الصليبين والمسلمين، فهَزموا المسلمين في بداية الأمر حتى عادت الروح القتالية للأيوبيين لينقضّوا على الجيش الصليبي ويفرقوا صفوفهم، وتواصلت ساعات المعركة طويلاً، حتى ألحق الأيوبيون بالصليبيين خسائراً فادحة وانتهت بانتصار الأيوبيين.

فتح القدس

توّجهت أنظار صلاح الدين الأيوبي نحو مدينة القدس لفتحها، فوصل إليها وخلفه جيوشه في سنة 1187م حيث أصدر أوامره بمحاصرة مدينة القدس وأدوا صلاة الجمعة على جبل القدس وتوّجهوا بعدها للقتال، سيطر الخوف على أهالي القدس وفرسانها وقادتها من جيوش صلاح الدين الأيوبي من أن يقتل المسلمون مسيحيي القدس، فقام باليان بن بارزان أحد كبار الفرسان الفرنجة المقيم في القدس على الدفاع عن المقدسات حتى آخر لحظة في وجه الأيوبيين، واستمرت الحرب لمدة 14 يوماً، بعد أن رفض على تسليم المدينة لصلاح الدين الأيوبي وإصراره على القتال، فاستعان صلا الدين الأيوبي برجل دين مسيحي أرثوذكسي مقدسي يدعى يوسف البطيط لاستخدامه ليكون حلقة وصل مع المسيحيين الأرثوذكس من عرب وروم ليوصل إليهم وعد صلاح الدين بالخير والعفو عنهم في حال عدم التعاون مع الفرنجة في القتال، وأن تُسلّم المدينة للقائد صلاح الدين من جهة يتخذونها مسكناً لهم لتتمكن الجيوش من إهلاك الفرنجة، وفي هذا الوقت قام باليان بتهديد صلاح الدين الأيوبي بقتل أربعة آلاف رهينة مسلم إلى جانب تدمير قبة الصخرة والمسجد القبلي في حال عدم عفو صلاح الدين الأيوبي عن الفرنجة.

وتمكّن صلاح الدين الأيوبي من دخول القدس في ليلة المعراج الموافق السابع والعشرون من شهر رجب سنة 583، بعد أن فرض فدية على كل من في القدس قدرّت بعشرة دنانير لكل رجل وخمسة دنانير لكل امرأة ودينارين عن كل طفل لم يبلغ الرشد، بمهلة مدتها أربعون يوماً، وبعد دخوله إليها أمر بترميم المحراب العمري القديم جلب منبر مليح من مدينة حلب الذي كان قد أمر نور الدين زنكي بوضعه في المسجد الأقصى بعد فتحه، وغسلت القبة الصخرة المقدسة بماء الورد وبخرت وفرشت وأنشئت مدرسة للفقهاء الشافعية، وأُعيد فتح كنيسة القيامة بعد أن أغلقت بوجه الفرنجة، وأصدر قرار بفرض ضريبة على من يرد إلى الكنيسة من الفرنج، وعمّ الابتهاج بلاد المسلمين بعودة القدس إلى الخلافة الإسلامية.

الحملة الصليبية الثالثة

انطلقت هذه الحملة بعد حققّ الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي انتصارات في معركة حطين وفتح القدس، إذ اتفق الأوروبيون والألمان وملك إنكلترا ريتشارد الأول قلب الأسد وملك فرنسا فيليب أغسطس على شن هذه الحملة لإسقاط القدس ودحر الأيوبيين منها، وانضموا إلى حصار عكا وسقطت في عام 587 هـ، وقام ريتشارد قلب الأسد بقتل ثلاثة آلاف سجين مسلم، وكان رد صلاح الدين الأيوبي من جنس الجزاء وقام بإعدام الأسرى الفرنج المأسورين في الفترة 28 أغسطس وحتى 10 سبتمبر، واحتدم القتال في السابع من سبتمبر سنة 1191 حيث اشتد القتال بين جيشي الصليبيين بقيادة ريتشارد والمسلمين بقيادة صلاح الدين، إلا أن هذه الهزيمة كانت من نصيب جيوش صلاح الدين الأيوبي، إلا أن الصليبيين لم يتمكنوا من المضي قدماً إلى داخل المدينة وبقوا على الساحل، وبهذا باءت كل محاولات الفرنجة بالفشل للسيطرة على القدس وغزوها، ما اضطر الطرفين إلى عقد هدنة وصلح في سنة 588 هــ لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر، ونصّت شروطها على:

  • بقاء سيطرة الصليبيين على مملكة بيت المقدس الصليبية المحصورة في شريط ساحلي بين يافا وصور.
  • بقاء مدينة القدس كاملة تحت سيطرة المسلمين.
  • فتح باب الحج أمام المسيحين إلى القدس.