لماذا سميت بيعة الرضوان

لماذا سميت بيعة الرضوان
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

بيعة الرّضوان

في الوقت الذي كان فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يواجه أساطيل الكفر والفجور من أهل مكة بعد تكذيبهم له واستهزائهم بما جاء به من شريعة ودين جديد، كان يبحث في المناطق المجاورة لمكّة عمّن يحتضن دعوته ويُصدِّق به، ويتّبع دين الإسلام، ويُؤويه ومن آمن معه من الصحابة، فقرّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الهجرة إلى المدينة المنورة لإقامة دولة الإسلام، وعندما استقرّ في المدينةِ المنورة أراد أن يؤدّي العُمرة في مكة المكرمة، وعندما ذهب لأدائها حصلت بيعة الرّضوان، فلماذا سُمِّيت بيعة الرّضوان بهذا الاسم؟

سبب تسمية بيعة الرّضوان بهذا الاسم

روِيَ في سببِ تسمية البيعة التي حصلت في الحديبية ببيعة الرّضوان أنَّ هذا الاسم ذُكِر في القرآنِ الكريم، حيث قال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)،[1] وفيها امتدح اللهُ أصحابها، وذكر فيها رضاه عنهم، ولأجل ذلك سُمِّيت هذه البيعة ببيعة الرّضوان، وقد كان موضع أخذ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- البيعة من أصحابه تحت شجرة كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يجلس تحتها وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يأخذ بيده، وكان معقل بن يسار -رضي الله عنه- آخذاً بغصن الشجرة التي كانوا يجلسون تحتها؛ ليرفعه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.[2]

وقد كان أوّل صحابيّ من صحابةِ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مبايعةً له هو رجل يُكنّى بأبي سنان، فقد أتى إليه، وقال له: (يا رسول الله، ابسط يدَيك حتى أُبايِعك)، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (على ماذا؟)، قال أبو سنان: (على ما في نفسك)، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (وما في نفسي؟)، فقال أبو سنان: (الفتح، أو الشّهادة)، فبايع أبو سنان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكانَ الصحابةُ -رضي الله عنهم- يبايعون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيقولون: (نبايعُ على بيعةِ أبي سنان).[3]

ولم يتخلّف عن مبايعة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا الجدُّ بن قيس من بني سلمة، وبعد البيعة عاد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من مكّة، فقال له بعض المسلمين: (اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت؟)، فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: (بِئس ما ظننتم بي، والذي نفسي بيده لو مكثتُ بها سنةً ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مُقيم بالحديبية ما طُفت بها حتّى يطوف بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت، فقال المسلمون: رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان أعلمنا بالله، وأحسنَنا ظنّاً).[2]

سبب بيعة الرّضوان

في أواخر السنة السادسة من الهجرة النبويّة الشريفة وفي شهرِ ذي القعدة تحديداً، خرج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ترافقه مجموعة من الصحابة إلى مكّة لأداء العمرة وقد ساقوا الهدي أمامهم قرباناً إلى الله بعد تمام عمرتهم، فعلمت قريش بنيّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومن معه، وعزمت على منعهم من مبتغاهم، وحرّكت لأجل ذلك رجالها وسادتها، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد نزل ومن معه من الصحابة في الحديبية، فبعثت قريش أكثر من رسول لمنع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ومن معه من دخول مكة، وبعث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حينها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليبيّن لزعماء قريش أنّ المسلمين جاؤوا لأداء العُمرة وأنّهم لا يريدون القتال.[4]

بينما كان المسلمون في الحديبية؛ دعاهم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لمُبايعته، فقام الصحابة -رضي الله عنهم- إليه وبايعوه، وكانت البيعة تحت شجرة في الحديبية، فأنزل الله -تعالى- في الصحابة الذين بايعوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)،[5] أمّا عن سبب البيعة ودعوة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لها؛ فهو إشاعة مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في قريش بعد بعثه للتفاوض مع أهل مكة، حينها دعا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين إلى البيعة.[4]

عدد الصحابة في بيعة الرّضوان

شَهِدَ بيعة الرّضوان من الصحابة -رضوان الله عنهم- ما يقارب ألفاً وأربعمئة صحابيّ من صحابةِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: بل شهدها ما يقارب ألفاً وخمسمئةِ صحابيّ، وقد جاءَ في الصّحيحين من رواية جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-قال: (قال لنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الحديبية: أنتم خير أهل الأرض. وكنّا ألفاً وأربعمئة، ولو كنت أُبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة).‏[6]

أمّا سعيد بن المسيّب فيُرجِّح أنَّ عدد من كان مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من الصحابة -رضي الله عنهم- بلغ ألفاً وخمسمئة صحابي، وقد قال ‏ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- إنَّ عددهم يقارب ألفاً وأربعمئة وزيادة، أمّا من حيث الصحابة الذين شهدوا بيعة الرّضوان فقد جاء في السُّنة النبويّة الصّحيحة ذِكرُ بعض أسمائهم؛ فمنهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعليُّ بن أبي طالب، وجابر ‏بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وأمُّ سَلمة زوجة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.‏[7]

المراجع

  1. ↑ سورة الفتح، آية: 14.
  2. ^ أ ب "بيعة الرّضوان"، www.islamweb.net، 15-5-2002، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2017. بتصرّف.
  3. ↑ الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، بيروت-لبنان: دار الفكر، صفحة: 316. بتصرّف.
  4. ^ أ ب د. محمد عبد الله العوشن (2-3-2014)، "إشاعة مقتل عثمان وسبب بيعة الرّضوان"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2017. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الفتح، آية: 18.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 4154، صحيح.
  7. ↑ "أسماء الصحابة الذين شهدوا بيعة الرّضوان"، www.islamweb.net، 25-3-2001، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2017. بتصرّف.