-

شروط طلب الخلع

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الخُلع

أعطت الشريعة الإسلامية حقّ الطلاق للزوج، وفي المقابل جعلت للمرأة الحقّ في الخُلع؛ وهو افتداء المرأة نفسها بعوضٍ يأخذه الزوج منها، أو ممن ينوب عنها، وذلك إذا كرهت الزوجة زوجها، وخافت ألّا تتمكن من إقامة حقوق زوجها، وقد يكون العوض نقدياً أو عينياً، وقد وردت مشروعية الخلع في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، فمن القرآن قول الله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)،[1] والمراد بالآية أنّه إن ظنّ أحدٌ من الزوجين عدم قدرته على إقامة حقوق الآخر لكراهيةٍ يعتقدها، فلا جناح على المرأة أن تفتدي نفسها، ولا على الرجل أن يقبل ذلك ويأخذ الفداء، وأمّا مشروعية الخلع من سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فهي ظاهرةٌ في قصة امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنها، حينما أتت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقالت: (يا رسولَ اللهِ، ثابتُ بنُ قيسٍ، مَا أعْتِبُ عليهِ فِي خُلُقٍ ولا دينٍ، ولكنِّي أكرَهُ الكفْرَ في الإسلامِ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عليهِ حَدِيقَتَهُ؟ قالتْ: نعمْ، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: اقْبَلِ الحديقةَ وطلِّقْهَا تَطْلِيَقةً).[2][3][4]

والحِكمة من مشروعية الخُلع في الإسلام أنّ الله -تعالى- لمّا أعطى الرجل الحقّ في الطلاق، وجعله علاجاً أخيراً يستطيع الزوج استخدامه إذا رأى تعسّر استمرار حياته الزوجية مع زوجته، فإنّه أعطى للزوجة الحقّ كذلك في أن تتخلص من زواجها، إذا رأت أنّه لم يؤدِ الغرض المطلوب منه، والقصد المشروع له، وذلك الخلع، وهكذا تكون الحياة الزوجية قائمةً على الرغبة، والحرية، والاختيار في بدئها وفي استمرارها كذلك، فمن غير المعقول ولا المقبول أن تشعر المرأة بالنفور والكراهية اتجاه زوجها، ثم تجبَر على الاستمرار معه، وتُمنع من تركه، والتخلّص من الحياة معه، وحياةٌ زوجيةٌ بمثل ذلك الشكل، لا خير فيها لا للزوجين أنفسهما، ولا للمجتمع من حولهما، وإنّ ذلك مما قد يؤدي بالزوجة إلى الانحراف أو الغواية، أو الخروج عن الدين، وارتكاب جرائمٍ كبيرةٍ.[3]

شروط طلب الخلع

يباح للمرأة أن تطلب الخلع إذا توفّرت إحدى موجباته، وفيما يأتي بيان موجبات الخلع:[5]

  • إذا كرهت المرأة زوجها لسببٍ ما؛ كسوء عشرته، أو سوء خلقه، أو دمامته، أو خشيت إن بقيت معه أن لا تستطيع القيام بحقوقه الشرعية المطلوبة منها، مما يؤدي إلى ترتب الإثم والذنب عليها.
  • إذا كرهت الزوجة زوجها لسوء دينه؛ كتركه للصلاة أو نحو ذلك، أو لنقص عفّته وتركه لزوجته، فإذا لم تستطع المرأة تقويم زوجها بطريقةٍ ما، فإنّ عليها أن تسعى لمفارقته، أمّا إذا فعل بعض المحرمات، ولم يجبرها على فعل شيءٍ منها، فلا يجب عليها أن تختلع، فالأصل عدم جواز طلب المرأة للطلاق، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ).[6]

ولا يجوز للزوج أن يعضل زوجته، فيتقصد إيذائها من أجل أن يأخذ منها الصداق بالخلع، إلّا إذا أتت الزوجة بفاحشةٍ مبينةٍ، فيجوز للزوج حينها ذلك، لقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)،[7] ويستحب للزوج أن يجيب زوجته إلى طلبها الخلع، إذا أبيح لها ذلك.[5]

أنواع العِوض في الخُلع ومقداره

يجوز أخذ العِوض في الخلع بمختلف أنواعه، فيمكن أخذه نقداً، ويمكن أخذه عيناً، ويمكن أخذه بإسقاط حقٍ، أو بأخذ منفعةٍ، ومثال النقد أن يكون العوض بالذهب، أو بالفضة، أو بالأموال، ومثال العين أن يكون العوض سيارةً، أو داراً، أو مزرعةً، أو نحو ذلك، أمّا إسقاط الحقّ فمثاله؛ أن تعفي المرأة زوجها من نفقة ابنهما، وتتحملها هي مقابل الخلع، وأمّا أخذ المنفعة فمثاله أن ترضع المرأة الولد وتحتضنه، أو يسكن الزوج دارها عاماً مثلاً، وكلّ ما جاز أن يكون مهراً وصداقاً، جاز أن يكون عوضاً في الخلع، فلو قالت المرأة لزوجها اخلعني مقابل ألفٍ، جاز منها ذلك، وإن قبل الزوج فعلت وبانت منه، ويجوز للرجل أن يأخذ في العوض مقدار ما دفعه في المهر، وله أن يأخذ بعض ذلك أيضاً، ويمكنه كذلك أن يأخذ أكثر مما أعطاها من المهر، على أن لا تكون تلك الزيادة فاحشةً ترهق كاهل المرأة، فتحرم بذلك، والأولى للزوج أن لا يأخذ زيادةً؛ لما في ذلك من مخالفةٍ للمروءة.[8]

شروط صحة الخُلع

حتى يكون الخلع صحيحاً لا بدّ أن تتوافر فيه بعض الشروط، وفيما يأتي بيانها:[8]

  • أن تتوافر الأهلية في الزوج، فإنّ كلّ زوجٍ لا يصحّ منه الطلاق، لا يصحّ خلعه أيضاً.
  • أن يكون النكاح بين الزوجين صحيحاً، سواءً أكان ذلك قبل الدخول بينهما أو بعده، ولو كانت الزوجة مطلقةً طلاقاّ رجعياً ما دامت في عدتها.
  • أن يصدر من الزوج بالصيغة المشروعة.
  • التراضي والقبول بين الزوجين.
  • أن يكون الخلع على مالٍ يصحّ فيه التملك، سواءً أكان نقداً أو عيناً أو منفعة، وسواءً أكان من المرأة أو من غيرها، وكلّ ما صحّ أن يكون صداقاً، صحّ أن يكون بدلاً في الخلع.

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 229.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5273، صحيح.
  3. ^ أ ب د. سامية عطية نبيوة (2013-8-26)، "الخلع في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.
  4. ↑ "الخلع تعريفه وطريقته"، www.islamqa.info، 2002-9-2، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "موجبات الخلع"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.
  6. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 2226، صحيح.
  7. ↑ سورة النساء، آية: 19.
  8. ^ أ ب "أنواع العوض في الخلع"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.