-

تعريف عصبة الأمم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

عصبة الأمم

ظهر مفهوم التنظيم السلمي لأول مرة في عام 1795م على يد إيمانويل كنت في كتابه الذي يحمل عنوان السلام الدائم، ودعا إيمانويل في كتابه إلى تأسيس رابطة لاجتماع الأمم بهدف التحاكم فيما بينها وحل النزاعات؛ ممّا يُعزز بناء مجتمع ينعم بالسلام الدولي، وبقيت فكرة تحقيق السلام في العالم غير مأخوذ بها إلى أن قامت حروب نابليون وانتهت في القرن التاسع عشر، وعندها بدأت القوى الأوروبية العظمى تسعى إلى تجنُّب وقوع حرب عن طريق خلق التوازن فيما بينهما، ونشأت منظمة السلام الدولية وعُرّفت باسم الاتحاد البرلماني الدولي.[1]

وفي بداية القرن العشرين نشأت أحلاف بين القوى العظمى في أوروبا نجم عنها ظهور الهيئات العسكرية التي تطورت فيما بعد، وتنازعت إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى التي أسفرت عن أضرار بليغة، فقد زاد عدد ضحاياها عن 37 مليون ونصف المليون شخصاً من قتلى وجرحى ومفقودين، إضافة إلى الأضرار التي عانت منها أوروبا على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفي عام 1918م، انتهت الحرب العاملية الأولى وبانتهائها تأسّست منظمة دولية تسعى إلى وقف قيام أي حرب في المستقبل، وتمثّلت أهدافها في نزع السلاح والحث على التعاون الدولي إضافة إلى الدبلوماسية المفتوحة، كما نادت بتقييد حق الدول جميعها في شنّ الحروب، وفرضت العقوبات الرادعة على الدول المخالفة للقوانين الموضوعة، وكان هذا إيذاناً لظهور عصبة الأمم الناتجة عن مؤتمر السلام.[1][2]

تعريف عصبة الأمم

ظهرت عصبة الأمم في مؤتمر السلام الذي أُقيمَ في باريس، وقد تشكّلت عن هذا المؤتمر لجنة مكونة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا واليابان (وهي الدول التي انتصرت في الحرب)، وكانت مهمّة الدول المنتصرة صياغة مشروع ميثاق عصبة الأمم؛ حيث كان ينوب عن كل دولة مندوبها، إضافة إلى مندوب واحد فقط ينوب عن الدول العشرة المتحالفة معها في الحرب.[1]

تعدّ عصبة الأمم من أكثر المنظمات شهرة، وقد نشأت بسبب حماس واهتمام الرئيس الأمريكي ودرو ويلسون (بالإنجليزية: Woodrow Wilson)، فقد وضع 14 مبدأ للسلام كانت عصبة الأمم من ضمنهم. تمّت الموافقة على إنشاء عصبة الأمم في عام 1919م وبدأ تنفيذها في العاشر من كانون الثاني لعام 1920م؛ حيث تمّت المصادقة عليها في مؤتمر فرساي، وكانت عصبة الأمم أوّل منظمة تنادي بالسلام العالمي مقرّها جينيف ولغتها الرسمية هي الإنجليزية، إضافة إلى الإسبانية والفرنسية.[3][1]

ظهر شعار عصبة الأمم في عام 1939م، وكان شعاراً شبه رسميّ مكون من نجمتين خماسيتين تقعان على خلفية خماسية لونها أزرق؛ إذ ترمز النجمات الخماسية إلى الدول الخمس وأعراقها، وحمل الشعار قوسين أحدهما في الاعلى يحمل اسم المنظمة باللغة الإنجليزية والأخر في الأسفل يحمل اسم المنظمة بااللغة الفرنسية.[1]

أعضاء عصبة الأمم

تتكون عصبة الأمم من ثلاث مجموعات وهي:[4]

  • الأعضاء الأصليون: وهم الأعضاء المؤسسون للعصبة وعددهم 33 دولة تُسمّى بالدول الحليفة، وهذه الدول هي التي وقّعت على معاهدة فرساي.
  • الأعضاء المدعوون: ويمثلون الدول التي وقفت على جانب الحياد في الحرب العالمية الأولى، وتمّت تسميتهم الأعضاء المدعوون لأن الدول المؤسسة دعتهم للانضمام إلى العصبة، وهذه الدول هي إسبانيا وسويسرا وهولندا وبلجيكا والدول الاسكندنافية، إضافة إلى 13 دولة من أمريكا اللاتينية.
  • الأعضاء المنتخبون: وهم الأعضاء أو الدول التي قدمت طلب انضمام للعصبة، ووافقت الجمعية العامة للعصبة عليهم، وعدد هذه الدول حوالي 20 دولة.

الانسحاب من العضوية

يُصنّف الانسحاب من عضوية عصبة الأمم إلى صنفين هما: الانسحاب الطوعي والانسحاب القسري، فالانسحاب الطوعي هو طلب انفصال العضو أو الدولة من عصبة الأمم عن طريق تقديم طلب قبل سنتين من الانفصال، كما يجب عليها أن تدفع جميع التزاماتها المالية لعصبة الأمم وبعد ذلك تنسحب، أمّا الانسحاب القسري فهو يُعبِّر عن فصل الدولة من عضويتها في العصبة، ويُنفَّذ قرار الفصل في حال مخالفة الدولة لقوانين العصبة وأحكامها،[4] ومن أمثلة الانسحاب الطوعي انسحاب المانيا في عام 1933م عندما وصل هتلر إلى السلطة، وانسحاب إيطاليا في عام 1937م، بعد فرض عقوبات اقتصادية عليها عندما احتلت إثيوبيا، ومن أمثلة الانسحاب القسري فصل الاتحاد السوفييتي من العضوية بسبب الاعتداء على فنلندا في الرابع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر لعام 1939م.[2]

أهداف عصبة الأمم ومبادئها

تمحورت اهداف منظمة عصبة الأمم الرئيسية في أمرين هما:[1][3]

  • زيادة التعاون بين الدول وتطويره: ويتجلى ذلك في الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى تطوير الدول النامية، وقد سعت عصبة الأمم إلى توفير الاستقرار الاقتصادي لشعوب العالم الأمر الذي يعزز السلام العالمي.
  • الحفاظ على الأمن والسلم الدولي: وظهر ذلك في نزع السلاح ووضع قيود على إعلان الحرب من قِبَل أي دولة.

أما مبادئ العصبة والتي عملت عليها بهدف تحقيق أهدافها فكانت:[1]

  • احترام قوانين وأحكام القانون الدولي.
  • إيجاد علاقات بين الدول على تقوم على العدل والشرف.
  • الالتزام بالنصوص المنبثقة عن المعاهدات الدولية.

الأجهزة الرئيسية لعصبة الأمم

تتكون عصبة الأمم بشكل رئيسي من:[2]

الأمانة العامة لعصبة الأمم

تتكون الأمانة العامة من مجموعة من الأقسام، لكل قسم منها مسؤولية خاصة به حيث يكون مسؤول عن الأعمال المكتبية المتعلقة فيه، وهذه الأقسام هي: السياسية، والاقتصادية، والأقسام المهتمة بشؤون الهجرة والأقليات، والولايات، وأمور نزع السلاح، وأمور الصحة، إضافة إلى الشؤون الاجتماعية وأمور التعاون الثقافي، ويوجد أقسام تهتم بالشؤون القانوينة وحفظ المعلومات، ومقر هذه الأمانة يقع في جنيف في سويسرا، ويتولى شؤون الأمانة مجموعة خبراء دوليين يعملون بإشراف من الأمين العام للعصبة، وقد تولّى منصب الأمين العام للعصبة ثلاثة أشخاص هم: الدبلوماسي جيمس إريك دروموند (بالإنجليزية: James Eric Drummond) في الفترة 1920-1933م، وهو عضو الوفد البريطاني الذي فاوض في مؤتمر باريس للسلام، والدبلوماسي جوزيف أفينول (بالإنجليزية: Joseph Final) وهو سياسي فرنسي تولى أمانة العصبة في الفترة 1933-1940م، وأخيراً الدبلوماسي شون ليستر (بالإنجليزية: Sean Lester) وهو سياسي إيرلندي تولّى منصب الأمين العام في الفترة 1940-1945م.

الجمعية العامة لعصبة الأمم

تتكون الجمعية العامة لعصبة الأمم من ممثلي جميع الأعضاء فيها؛ حيث لكل دولة ثلاثة ممثلين وصوت واحد فقط، ومن مهام الجمعية الموافقة على الأعضاء الجدد، وانتخاب الدول التي سوف تحمل العضوية غير الدائمة في المجلس، والسيطرة على ميزانية العصبة وتنظيم الأمور المالية فيها، إضافة إلى انتخاب مجلس القضاة، كان الاجتماع الأول للعصبة في عام 1920م، ثم أخذت الاجتماعات تنعقد بشكل دوري في شهر أيلول/سبتمبر من كل عام، كما يمكن عقد اجتماع طارئ في الظروف الاستثنائية إذا طلب أحد الأعضاء ذلك، وبشرط موافقة جميع الأعضاء الباقين على عقد الاجتماع.

مجلس عصبة الأمم

تكوّن مجلس العصبة في البداية من أربعة أعضاء دائمين وهم: بريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، واليابان، إضافة إلى أربعة أعضاء غير دائمين يتم تغييرهم كل ثلاثة أعوام، ويعد مجلس العصبة بمثابة الجهة التنفيذية لقرارات الجمعية العامة، أما بنية المجلس فقد تغيرت أكثر من مرة كانت أولها في الثاني والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر لعام 1922م، حيث زاد عدد الأعضاء غير الدائمين من أربعة إلى ستة أعضاء، وفي الثامن من شهر أيلول/ سبتمبر لعام 1926م رُفع عدد الأعضاء من جديد ليصبح تسعة بدلاً من ستة أعضاء، وفي نفس العام أصبحت ألمانيا عضواً دائماً، وفي نهاية العام ارتفع عدد الأعضاء إلى خمسة عشر عضواً، وبعد انسحاب ألمانيا واليابان أُعيد عدد المقاعد غير الدائمة إلى أحد عشر مقعداً.

فشل عصبة الأمم

تراجعت عصبة الأمم للأسباب الآتية:[2]

  • في عام 1931م غزت اليابان منشوريا وأفلتت من العقاب بتقدّمها للانسحاب من العصبة، إضافة إلى أنّها اعتمدت على الدول غير الأعضاء في العصبة لتأمين احتياجاتها.
  • في عام 1933م انسحبت ألمانيا من العصبة بوصول هتلر إلى السلطة؛ ممّا أدى إلى تسلُّحها، وبالتالي توسّعها والتمهيد لقيام حرب عالمية ثانية.
  • فشل المؤتمر الذي دعا إلى نزع السلاح في الفترة 1932-1934م؛ حيث رفضت الدول الكبرى أن تتخلّى عن أسلحتها.
  • لم تستطع العصبة أن تمنع إيطاليا من احتلال إثيوبيا في الفترة 1935-1936م؛ حيث انسحبت إيطاليا من العصبة وتحالفت مع ألمانيا.
  • لم تستطع العصبة أن تمنع وقوع فنلندا تحت الاحتلال من قِبل الاتحاد السوفييتي، ففصلتها قسراً من العصبة؛ ممّا أدى إلى وقوفها على الحياد في الحرب العالمية الثانية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ Shourouk Kassas (2015-4-14)، "عصبة الأمم... النشأة والمبادىء"، الباحثون السوريون، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-24. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "منظمة عصبة الأمم"، بابونج، 2016-8-27، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-24. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فيصل براء المرعشي (2017-1-29)، "عصبة الأمم"، الموسوعة السياسية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-24. بتصرّف.
  4. ^ أ ب Shourouk Kassas (2015-4-22)، "عصبة الأمم تاريخياً"، الباحثون السوريون، اطّلع عليه بتاريخ 2017-7-24. بتصرّف.