الطلاق في الإسلام طب 21 الشاملة

الطلاق في الإسلام طب 21 الشاملة

الزّواج

لما شَرَع الله الزّواج جعل له أُسساً ومَعايير وأحكام وضوابط تضمن استمراريّة العلاقة الزوجيّة تحقيقاً لشرط التّأبيد في الزّواج ما أمكن، ولقد أرشدت الشّريعة الإسلاميّة إلى جملةٍ من التّوجيهات التي تضمن حلّ الخلافات والمشاكل التي يمكن أن تحصل بين الأزواج مُستقبلاً، وجعلت الطّلاق آخر وسيلة لحلّ مَشاكل العلاقة الزوجيّة إذا استعصت؛ حيث إنّ الزّواج في الإسلام من أخطر العقود وأوثقها؛ بدليل وصفه بالمِيثاق الغليظ وهو الوصف الذي سَمّى الله عزّ وجلّ به علاقته برُسُله، لذلك كان من ضرورات الإشعار بأهميّته وخطره أن حشد له جملةً من الأركان والشّروط، ومَهّد له مجموعةً من المُقدّمات، ورتَّب على انقضائه عدداً من الآثار والتّرتيبات، حتى إذا استحالت الحياة بين الزّوجين عن أن تُحقّق مقاصدها الشرعيّة وأصبحت تُشكّل مِعولاً في هدم الأسرة، شَرّع الإسلام الطّلاق ضمن تسلسلٍ في المراحل، وبعد استنفاذ تدابير العلاج من النَّصح، والهَجر في المضجع، والضّرب التأديبيّ، ثم مُشاركة حكمين في حلّ المُشكلة، حتى إذا استمرّ الخلاف بين الزوجين كان آخر العلاج الطّلاق، فقد شُرع الطلّاق كضرورة واقعيّة لطبيعة النّفس البشريّة في تقبّل ما تآلفت معه، والنّفور ممّن اختلفت معه.

معنى الطّلاق

الطّلاق لغةً: التّسريح، يُقال: أَطْلَقْتُ النَّاقة: أي سَرَّحْتُها،[1] وهو اصطلاحاً: رَفعُ القَيد الثَّابت شَرعاً بالنّكاح.[2]

أحكام الطلاق

الأصل في الطّلاق الحظر، إلا أنّه ينتقل بين الإباحة والنّدب والوجوب والكراهة؛ فيُباح الطّلاق للحاجة إلى الخلاص مثلاً،[3] وقد يصير مَندوباً إليه في حال تَفريط المرأة في حُقوق الله الواجبة عليها مع عجز الزّوج عن إجبارِها، وأما الواجب فهو طلاق الحكمين في التّفريق للشّقاق والنّزاع لأنّ حُكمها يقع طلاقاً ويجب الأخذ به إن صدَّقه القاضي، والمكروه ما وقع من غير سببٍ مُعتبرٍ شرعاً أو حاجة إليه حقيقية، والمحظور ما كان من وصف الطلّاق البدعيّ الذي منعته الشّريعة الإسلاميّة تماشياً مع الوضع الصحيّ والنفسيّ للزّوجة في تلك المرحلة.[4]

أنواع الطلاق

قسَّم الفقهاء الطّلاق إلى عدّة أقسام بحسب الاعتبار منه، فيختلف في ذلك الطّلاق باعتبار حكمه عنه باعتبار لفظه، وبيان ذلك على النّحو الآتي:

أنواع الطلاق باعتبار لفظه

أنواع الطلاق باعتبار أثره

أنواع الطلاق باعتبار وقته

متى يقعُ الطلاق رجعياً ومتى يقعُ بائناً؟

يختلف اعتبار الطّلاق رجعيّاً أو بائناً بحسب مُنْشِئِه ووقت إنشاءه، فمثلاً: يقع الطّلاق الذي يوقّعه القاضي بناءً على طلب الزّوجة بائناً إلا في حالة واحدة يقع رجعيّاً، وتلك الحالة هي إذا كان سبب الطّلاق عدم إنفاق الزّوج على زوجته أو عسره، وفيما عدا ذلك يكون الطّلاق بائناً كالتّطليق للشّقاق والنّزاع، أو التّطليق للضّرر أو للعيب أو للمرض، أو لغيبة الزّوج أو سجنه، وفي كل تلك الحالات يقع الطّلاق بائناً، ولا يحق للزّوج فيها إرجاع زوجته إلى عصمته إلا بعقدٍ ومهر جديد وإن لم يمضِ من العدة سوى يومٍ واحد، وأما الطّلاق الذي يوقعه الزّوج فيقع كُلُّه رَجعيّاً إلا في حالات ثلاث هي: الطّلاق قبل الدّخول حقيقة، والطّلاق في مُقابلة مال (الخُلع الرِّضائي أو القضائيّ)، والطّلاق المُكَمِّلُ للثّلاث، وهذه الحالات من الطّلاق يقع فيها الطّلاق بائناً، ولا يجوز للزّوج بعدها أن يُرجع زوجته إلى عصمته إلا بمهر وعقد جديدين.[16]

المراجع

  1. ↑ محمد بن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الأولى)، بيروت: دار صادر، صفحة 479، جزء 2.
  2. ↑ إبراهيم الحلبي الحنفي (1998)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 3، جزء 1.
  3. ↑ زين الدين بن إبراهيم الشهير بابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 254، جزء 3.
  4. ^ أ ب ابن قدامة (1984)، المغني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 278، جزء 7.
  5. ↑ محمود العيني (2000)، البناية شرح الهداية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 306 - 309، جزء 5.
  6. ↑ محمد بن رشد (2004)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، القاهرة: دار الحديث، صفحة 95، جزء 3.
  7. ↑ محمد الشربيني، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، بيروت: دار الفكر، صفحة 438، جزء 2.
  8. ↑ موفق الدين بن قدامة (1984)، المغني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 294، جزء 7.
  9. ↑ سورة الطلاق، آية: 1-2.
  10. ↑ ملا علي، درر الحكام شرح غررالأحكام، القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، صفحة 368، جزء 1.
  11. ↑ سورة البقرة، آية: 229.
  12. ^ أ ب ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 55، جزء 4.
  13. ^ أ ب علاء الدين الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 187، جزء 3.
  14. ↑ علي السُغدي (1984)، النتف في الفتاوى، الأردن: دار الرسالة، صفحة 319، جزء 1.
  15. ↑ ابن قدامة (1984)، المغني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 279، جزء 7.
  16. ↑ عبدالوهاب خلاف (1938)، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية (الطبعة الثانية)، مصر: مطبعة دار الكتب المصرية، صفحة 144.