-

كيف تمسح المرأة رأسها في الوضوء

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الوضوء

تأتي كلمة الوضوء في اللغة من الوضاءة؛ وهي الحُسن، والنظافة، والجمال، وقد عرّف الفقهاء الوضوء بعدّة تعريفاتٍ، فعرّفه الشافعية بأنّه: استخدام الماء على أعضاءٍ مخصوصةٍ من الجسم، مع الاستفتاح بالنيّة، وعرّفه المالكية بأنّه: غسلٌ ومسحٌ لأعضاءٍ معينةٍ بهدف رفع الحدث، وقال الحنابلة هو: استعمال ماءٍ طهورٍ على أعضاء الإنسان الأربعة، على صفةٍ مخصوصةٍ، وإنّ تلك التعريفات قربيةٌ جداً من بعضها، فكلها تدور حول غسل ومسح أعضاءٍ معينةٍ، إلّا أنّ بعضها فيه ذكرٌ للنية؛ لما عليه أصحاب ذلك التعريف من القول بأنّ النية شرطٌ في الوضوء، وبعض التعريفات تنصّ على اختصاص الوضوء بصفةٍ معينةٍ؛ وذلك لما عليه أصحاب ذلك القول بأن الموالاة والترتيب في أفعال الوضوء فرضٌ لا يجوز تركه، وقد ورد في فضل الوضوء أحاديثٌ كثيرةٌ للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومنها قوله: (ما منكم رجلٌ يقربُ وضوءَه فيتمضمضُ ويستنشقُ فينتثِرُ إلا خرَّتْ خطايا وجهِه وفيه وخياشيمُه، ثم إذا غسل وجهَه كما أمره اللهُ إلا خرَّت خطايا وجهِه من أطرافِ لِحيتِه مع الماءِ).[1][2][3]

يدور حكم الوضوء بين الوجوب، والاستحباب، والتحريم، والكراهة، فأمّا الوجوب فيتحقق إذا أراد المسلم أن يؤدي الصلاة، سواءً في الفرض أو النافلة، ودليل ذلك قول الله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)،[4] وأمّا الوضوء المستحب فأمثلته كثيرة، منها: الوضوء للذكر، والوضوء للنوم، والوضوء للحرص على البقاء طاهراً، وأمّا الوضوء المكروه فمثاله؛ أن يتوضأ الإنسان مجدداً بعد فراغه من الوضوء الأول، ودون استعماله في عبادةٍ مشروعةٍ، واستدلّ القائلون بكراهة ذلك؛ بأنّه لم يُنقل عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فعل ذلك؛ أيّ تجديد النبي للوضوء بعد فراغه من الوضوء الأول، وأمّا الوضوء المحرّم فهو: ما كان بماءٍ مغصوبٍ، كما أشار العلماء، واختلف العلماء فيما إذا كان يرتفع بالماء المغصوب الحدث والخبث أم لا، مع الإثم المترتب عليه، فذهب الحنفية إلى القول بارتفاع الحدث والخبث بذلك الماء المغصوب، وذهب بعض الحنابلة إلى أنّ الطهارة لا تصحّ بذلك الماء، ولكن يرتفع به الخبث، وأمّا ابن حزمٍ والمشهور من مذهب الحنابلة، فقالوا بعدم ارتفاع الحدث والخبث بالماء المغصوب مطلقاً.[3]

كيفية مسح المرأة لرأسها في الوضوء

جعل الله -تعالى- مسح الرأس فرضاً من فروض الوضوء، واختلف العلماء في القدر الواجب مسحه منه، فذهب مالك وأحمد إلى وجوب مسح الرأس كله، وذهب الشافعية إلى وجوب مسح بعض الرأس فقط، وعلى القول بوجوب مسح الرأس كاملاً، وذكر العلماء لذلك صفتين؛ الأولى منهما: أن يبلّ المتوضئ يديه بالماء، ثم يضعهما على مقدمة رأسه، ويبدأ بالمسح إلى الخلف، حتى يصل إلى قفاه، ثم يعود بيديه إلى مقدمة الرأس، والصفة الثانية: أن يمسح جميع رأسه باتجاه الشعر فقط، فلا يعيد يديه، وهذه الصفة الثانية تناسب من كان شعره طويلاً؛ كالمرأة، فإنّها لا تخشى أن ينتفش شعرها بالعودة إلى مقدمة الرأس، بل تكتفي المرأة بمسح رأسها باتجاه شعرها، ولا يجوز للمرأة ذلك على القول بوجوب مسح جميع الرأس في الوضوء أن تبقي شيئاً من الزينة، والأربطة، والقطع البلاستيكية على رأسها، بل يلزمها أن تنزع كلّ ذلك، ويجوز للمرأة أن تجعل شعرها على شكل ضفائرٍ أو لفائفٍ، فتمسح عليها كيفما كانت عند الوضوء.[5]

وقد خفّف الإمام أحمد -رحمه الله- عن المرأة في مسح الرأس للوضوء، فقال بوجوب مسح بعض الرأس على المرأة فقط، وذلك بأن تمسح مقدمة رأسها دون ما تبّقى منه، واستدلّ لذلك بفعل السيدة عائشة رضي الله عنها، وعلى ذلك القول، فلا يجب على المرأة أن تنتزع ما كان على شعرها من أربطةٍ وقطع بلاستيكيةٍ للوضوء، فإنّما يجزء المرأة أن تمسح مقدمة رأسها فقط، فالحاصل إذاً جواز أن تمسح المرأة على مقدمة شعرها فقط، دون استيعابه كله؛ لما للرأي القائل بجواز ذلك من وجاهةٍ، ولما روي عن الإمام أحمد من التفريق بين الرجل والمرأة في حكم مسح بعض الرأس للوضوء.[5][6]

فرائض الوضوء وسننه

للوضوء فرائضٌ لا يكتمل وضوء المسلم إلّا بها، وللوضوء سننٌ يستحب للمسلم فعلها كذلك.

فرائض الوضوء

فيما يأتي بيان فرائض الوضوء:[7]

  • النية، ويقصد بها: الإرادة المتوجهة لأداء الفعل، وابتغاء وجه الله تعالى، ورضاه منه، ومحلّها القلب.
  • غسل الوجه لمرةٍ واحدةٍ، والمراد من ذلك: إسالة الماء على الوجه، ويبدأ حد الوجه من أعلى تسطيح الجبهة، إلى أسفل اللحيين طولاً، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن الأخرى عرضاً.
  • غسل اليدين إلى مرفق كلٍ منهما، والمرفق هو: المفصل الواقع بين الساعد والعضد.
  • مسح الرأس.
  • غسل الرجلين مع الكعبين.
  • الترتيب بين أفعال الوضوء.

سنن الوضوء

فيما يأتي بيان سنن الوضوء:[7]

  • البسملة في بداية الوضوء، ومع أنّ ما ورد في البسملة أحاديثٌ ضعيفةٌ، إلّا أنّها أصلٌ مشروعٌ في الدين.
  • السواك، والمقصود به: دلك الأسنان بالعود المعروف، أو بأيّ خشنٍ تتنظف به الأسنان، وخير أنواعه؛ عود الأراك الذي يأتي من الحجاز.
  • غسل الكفين ثلاث مراتٍ في بداية الوضوء، لما ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من فعله لذلك.
  • المضمضة ثلاث مراتٍ.
  • الاستنشاق والاستنثار ثلاث مراتٍ، ومن السنّة أن يستنشق الإنسان بيده اليمنى، ويستنثر بيده اليسرى، ويبالغ في ذلك إلّا إنّ كان صائماً.
  • تخليل اللحية، بإدخال الماء فيها.
  • تخليل الأصابع، ومن ذلك تحريك الخواتم، أو الأساور ونحو ذلك.
  • غسل الأعضاء ثلاثاً، أمّا مسح الرأس فمرةً واحدةً.
  • التيامن والدلك، ويقصد بالتيامن: أن يبدأ المتوضئ بغسل العضو الأيمن، وأمّا الدلك فيقصد به: أن يمرر المتوضئ يده على العضو أثناء غسله، أو بعده.
  • الموالاة في الوضوء، وذلك بأن لا يقطع المتوضئ وضوءه بفعلٍ آخرٍ.
  • مسح الأذنين بماء الرأس، فهما يعدّان جزءاً منه.
  • الاقتصاد، وعدم الإسراف في الماء.
  • الدعاء أثناء الوضوء وبعده.
  • صلاة ركعتين بعد الانتهاء من الوضوء.

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن عبسة، الصفحة أو الرقم: 832، صحيح.
  2. ↑ "تعريف و معنى الوضوء في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-20. بتصرّف.
  3. ^ أ ب دبيان محمد الدبيان (2010-10-18)، "تعريف الوضوء وفضله وحكمه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-20. بتصرّف.
  4. ↑ سورة المائدة، آية: 6.
  5. ^ أ ب "كيف تمسح شعرها في الوضوء وعليه أربطة وأقمشة للزينة؟"، www.islamqa.info، 2010-2-11، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-20. بتصرّف.
  6. ↑ " حكم عدم استيعاب مسح الرأس كله في الوضوء للمرأة"، www.fatwa.islamweb.net، 2011-11-5، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-20. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "فرائض الوضوء وسننه"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-20. بتصرّف.