-

كيف تزيد حبك لله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

حب الله عز وجل

يعدّ حب العبد لله -تعالى- من أسمى درجات الحب وأرفعها؛ كونه المصدر لباقي أنواع الحب والرحمة في النفس الإنسانية وسبيلها إلى الاطمئنان، ولا يكون القلب الخالي من حب الله -تعالى- إلا قلب أجوف يعيش صاحبه في تخبّطٍ واضطراب، كالجسد الذي لا روح فيه، فالإنسان مفطورٌ على محبة من أسدى له الإحسان، وكلَّما عَظُم هذا الإحسان عَظُمت هذه المحبة وازدادت، وليس هناك أعظم من نعم الله -تعالى- على عباده والتي إذا ما تفكَّر بها الإنسان شَعَر بعظيم كرم الله وفضله ونعمه، وبدورها فإنَّها تجدّد إيمان الإنسان وتقوّي صلته بالله تعالى، وقد قضى الله -تعالى- أنَّ المرء مع من أحب، فيالها من نعمة بالغة وعلى المحبين سابغة![1]

كيف تزيد حبك لله

محبة الله -تعالى- هي قوت القلوب، وتعرَّف بأنَّها ميل القلب إلى المحبوب، واعتُبرت محبة الله -تعالى- في الإسلام أساس الإيمان، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)،[2] فالمؤمنون يحبون الله -تعالى- مع الخضوع والانقياد لأمره والابتعاد عن كل ما نهى عنه، ومحبة العبادة هي حق لله -تعالى- على عباده، لا يجوز صرفها لغيره، ويتفرّع عن هذه المحبة مجموعةً من العبادات مثل: الدعاء، الاستعانة، التوكّل، ويعدّ صرف هذه المحبة لغير الله -تعالى- من الشرك، وقد امتدح الله المؤمنين لتفوّق محبتهم له على كل محبوب، يقول ابن القيم: "المحبة هي المنزلة التي يتنافس فيها المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى عِلْمها شمَّر السابقون، وعليها تفانَى المحبُّون، وبروح نسيمها تروَّح العابدون؛ فهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح"، أمَّا عن الأسباب التي تزيد هذه المحبة:[3][4]

  • قراءة القرآن الكريم بتدَبّرٍ مع الحرص على فهم معانيه، فكلَّما تعلّق الإنسان بالقرآن الكريم ازدادت محبة الله -تعالى- في قلبه، وقد ندب الله -تعالى- عباده إلى قراءة القرآن الكريم، والعمل بما فيه.
  • مداومة ذكر الله -تعالى- بالقلب واللسان والعمل، فلا يخلو قلبه من الذكر، ولا يفتر لسانه عنه، وبقدر ذكر الإنسان لله يزداد منه قرباً ومحبة.
  • تعلم أسماء الله -تعالى- وصفاته، فمن يعيش مع أسماء الله وصفاته، يدرك سعة رحمة الله -تعالى- وأنَّه قد أحاط بكل شيءٍ علماً، وأنَّه قد وسع بسمعه الأصوات، وأحاط ببصره جميع المرئيات، فهو سبحانه يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصمَّاء في الليلة الظلماء.
  • استشعار نعم الله الظاهرة والباطنة، فمن وقف على عظيم إحسان الله -تعالى- لا بدّ له أن يُحبّه حباً عظيماً، فهو الذي أنشأ الإنسان من العدم، ومنَّ عليه بالخروج من ظلمة الرحم إلى الحياة، ثم أنعم عليه بتوالي النعم، ولا شكَّ أن نعمة الإسلام من أعظم النعم التي تتطلب من العبد الشكر، فلا يَصدُّق الحب إلا بالعمل.
  • التذلّل والانكسار بين يدي الله بالدعاء، فإنَّ للانكسار بين يدي الله -تعالى- تأثيٌر عظيمٌ في المحبة، وقد عرَّف السلف الصالح الحب بأنَّه غاية الحب مع غاية الذل، وأمثل أوقات الدعاء هو وقت النزول الإلهي في الثُلث الأخير من الليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كان ثُلُثُ الليلِ أو شَطْرُه يَنزِلُ اللهُ إلى سماءِ الدنيا فيقولُ هل من سائلٍ فأُعطيَه هل من داعي فأستجيبَ له هل من تائبٍ فأتوبَ عليه هل من مستغفِرٍ فأغفرَ له حتى يَطْلُعَ الفجرَ).[5]
  • مجالسة المحبّين والتعرّف على أحوالهم؛ للاقتداء بهم في محبة الله -تعالى- والشوق إليه.
  • البعد عن كل ما يحول بين القلب وبين حب الله، وإنَّ الذنوب والآثام من أعظم ما يُضعف حب الله.
  • التقرّب إلى الله -تعالى- بالنوافل بعد أداء الفرائض كما أمر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ تعالى قال: مَنْ عادَى لي ولِيًّا فقد آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، و ما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدي بِشيءٍ أحبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عليهِ، و ما زالَ عَبدي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ، فإذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يسمعُ بهِ، و بَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ بهِ، و يَدَهُ التي يَبْطِشُ بِها، و رِجْلَهُ التي يَمْشِي بِها، و إنْ سألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، و لَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ).[6]

الأعمال التي يحبها الله

لما كانت العبادة نابعةً من الحب، جعل الله -تعالى- لعباده منهجاً يوصل من اتّبعه إلى حبّه، فكانت أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها بالمبادرة إليها عند سماع الأذان وعدم تأخيرها، فتأخير الصلاة يؤدي إلى إذهاب البركة من العمر،[7] ويأتي بر الوالدين في المرتبة الثانية بعد الصلاة على وقتها، ثمَّ الجهاد في سبيل الله، كما إنَّ الإيمان بالله تعالى، والحرص على صلة الأرحام، وإبراز خيرية أُمة الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأعمال التي يحبّها الله، ويحب الله من الأعمال أدومها وإن قلّ، وقد رتَّب على ذكره أجراً كبيراً، وأحب الأماكن إلى الله -تعالى- المساجد، وأحبُ الجهاد إليه كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائرٍ، وأحبُّ الحديث إليه أصدقه، وأحبُّ الصيام صوم داود عليه السلام، فقد كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأحبُّ الطعام إلى الله -تعالى- ما كثُرت عليه الأيدي، وأحب الكلام إليه قول سبحان الله وبحمده، وأقرب العباد إلى الله وأحبُّهم إليه أحسنهم خُلقاً، وأحبُّ الأسماء إليه: عبد الله، وعبد الرحمن.[8]

علامات حب الله للعبد

لا يبلغ حب الله -تعالى- إلا عباده الصالحين، ولا شكّ أنَّها منزلةٌ تسمو إليها أرواح العابدين، ويتفانى في تحصيلها المحبّون، فمحبّة الله -تعالى- نورٌ وشفاءٌ ولذّة، من حُرم منها فقد حُرم من خيرٍ كثيرٍ، ومن علامات حب الله -تعالى- للعبد: وضع القبول له في الأرض فيحبّه الناس، والابتلاء، فالله -تعالى- إذا أحبَّ عبداً ابتلاه، ومن رضي أرضاه الله، ومن سخط كان له السخط.[9]

المراجع

  1. ↑ د. خالد راتب (3-9-2012)، "حب الله وتجديد الإيمان"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-5-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سورة المائدة، آية: 54.
  3. ↑ نجلاء جبروني (4-1-2017)، "محبة الله قوت القلوب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ "الأسباب الموجبة لمحبة الله"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-5-2019. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الألباني، في تخريج كتاب السنة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 498، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
  6. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1640، صحيح.
  7. ↑ د. محمد النابلسي، "الخطبة : 0602 - محبة الله"، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "أحب الأعمال إلى الله"، www.ar.islamway.net، 2009-9-1، اطّلع عليه بتاريخ 22-5-2019. بتصرّف.
  9. ↑ "ما هي علامات حب الله للعبد"، www.islamqa.info، 2003-6-14، اطّلع عليه بتاريخ 22-5-2019. بتصرّف.