-

دروس مستفادة من غزوة الخندق

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

غزوة الخندق

وقعت غزوة الخندق في السنة الخامسة من الهجرة النبوية في شهر شوال، وكانت بين المسلمين والمشركين، وكان جيش المسلمين يتكوّن من ثلاثة آلاف مقاتل، بقيادة محمد عليه الصلاة والسلام، أمّا المشركين فكانوا عشرة آلاف مقاتل بقيادة أبي سفيان، وكان السبب وراء وقوع غزوة الخندق يتمثّل بأنّ زعماء بني النضير لجؤوا إلى خيبر بعد تم إجلائهم عن المدينة المنورة، والزعماء هم: حيي بن أخطب، وسلّام والربيع ابنا أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع وغيرهم، فخرج الزعماء إلى قبيلة قريش في مكة المكرمة، وعرضوا عليهم الحرب على الرسول صلى الله عليه وسلم، ونجحوا في ذلك، فخرجوا مع قريش إلى الحرب، فكان قائد غطفان عيينة بن حصين، وقائد بني مرة الحارث بن عوف، ولمّا علم الرسول عليه الصلاة والسلام حفر خندق حول المدينة المنورة، بإشارة إلى ذلك من سلمان الفارسي الذي كان أول مرة يشارك في الغزوات مع الرسول، وحفر كل عشرة من المسلمين أربعين ذراعاً من الخندق، واستصعب المسلمون من صخرة أثناء الحفر، فاستعانوا بالرسول عليه الصلاة والسلام الذي كسرها بثلاث ضربات، رأى في الضربة الأولى قصور الحيرة والمدائن، وفي الضربة الثانية قصور الشام، وفي الضربة الثالثة قصور صنعاء، فبشّر الرسول بفتحها جميعاً.[1]

ووصلت قبيلة قريش مع حلفاؤها إلى المدينة المنورة، وحاصروها معتقدين بأنّ المسلمين سيخرجون لمواجهتهم، وبالفعل قام عددٌ من فرسان قريش لبدء القتال، منهم: عمرو بن ود، وعكرمة بن أبي جهل، ونوفل بن عبد الله، إلا أنّهم عندما أقبلوا إلى القتال رأوا الخندق، وعلموا بالمكيدة التي تنتظرهم، وبحثوا عن مكان ضيّق ليعبروا من خلاله، وجالت الخيل بين الخندق، فخرج إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مع مجموعة من المقاتلين المسلمين، وسدّوا الثغرة التي اقتحموها المشركين، وتبارز علي بن أبي طالب مع عمرو بن ود، فقُتل كل من ابن ود وابن حسل بن عمرو على يدي علي رضي الله عنه، وأجهز عليّ على نوفل بعد أن وقع في الخندق ورماه المسلمون بالحجارة.[1]

دروس مستفادة من غزوة الخندق

يُعدّ الصراع بين الحق والباطل من الأمور التي سنّها الله تعالى بين البشر بهدف الإصلاح وعمارة الأرض ومن عليها؛ حيث قال الله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)،[2] ومن المعارك التي كانت بين الحق والباطل في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام غزوة الخندق التي كانت بين المسلمين والكافرين، وفيما يأتي بيان لجانبٍ من أهمّ الدروس التي انطوت خلف الأحداث التي جرت في غزوة الخندق:[3]

  • اليقين بنصر الله تعالى للمؤمنين، وتأييده وتثبيته لهم، وربطه على قلوبهم، وذلك تمثّل عند تبشير الرسول عليه الصلاة والسلام الصحابة رضي الله عنهم بفتح عواصم أكبر وأعظم الدول آنذاك، وكان ذلك في أصعب اللحظات التي مرّت بالمسلمين حينها، حين خانهم اليهود، وخذلهم المنافقون، واشتدّ الكرب والبلاء في نفوسهم، وبذلك يستفيد المسلم أهمية الحرص على زيادة الإيمان واليقين بالله تعالى، والصدق بما وعد به، والثبات على الدين والصراط المستقيم مهما كان حجم البلاء والهمّ الواقع على العبد، مع الحرص على الاستعانة بالله تعالى على تفريج وكشف الهموم والغموم، وذلك ما كان من المسلمين في غزوة الخندق؛ حيث أثنى الله تعالى عليهم، فقال: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا*مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).[4]
  • أيّد الله تعالى الرسول مع المسلمين في غزوة الخندق بالجنود من عنده، فالجندي الأول كان نعيم بن مسعود الذي أسلم وقت غزوة الخندق، وكان من قبيلة غطفان، وكان مخفياً أمر إسلامه عن قومه، وذهب إلى الرسول يخبره بأمر إسلامه ليأمره الرسول بما يشاء، فأوقع نعيم بن مسعود بين اليهود وقريش، وحصلت الفُرقة بين الفريقين، واختلفا، وذهب كلُّ فريقٍ ولم يقاتل مع الفريق الآخر، وإلى جانب ذلك فقد أيّد الله تعالى المسلمين بالريح التي تميّزت بشدتها وقوتها وبرودتها على الكافرين، فاقتلعت خيامهم، ودمّرتها، ممّا جعلهم يعقدون العزم على الرجوع إلى ديارهم دون قتال المسلمين، وبفكّ الحصار عنهم.[5]
  • استمرّ الحصار على المسلمين شهراً كاملاً امتحاناً واختباراً للمسلمين، وتمييزاً للصادق عن الكاذب، والمؤمن من المنافق، كما أنّ الله تعالى أراد عدم قضاء الريح على الكافرين بالكامل، أملاً بإسلامهم بعد حينٍ من الزمن، ويكون منهم أيضاً مقاتلون في جيش الإسلام.[5]

الحكمة من الغزوات والمعارك

شرع الله تعالى الجهاد للمسلمين للعديد من الحكم التي لا تتأتى إلّا بالقتال والجهاد، ومن الحكم التي من أجلها شُرع الجهاد؛ توحيد العبودية لله تعالى وحده؛ حيث قال الله سبحانه: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)،[6] كما قال أيضاً: (وَقاتِلوهُم حَتّى لا تَكونَ فِتنَةٌ وَيَكونَ الدّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ فَإِنِ انتَهَوا فَإِنَّ اللَّـهَ بِما يَعمَلونَ بَصيرٌ)،[7] ويُشرع القتال أيضاً لردّ أيّ اعتداءٍ وأذى من غير المسلمين، وإن كانت الغاية من الجهاد لردّ الأذى فيكون فرض عينٍ على كلّ قادر عليه؛ حيث قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).[8][9]

المراجع

  1. ^ أ ب "قصة غزوة الخندق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2-018. بتصرّف.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 251.
  3. ↑ "غزوة الخندق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الأحزاب، آية: 22-23.
  5. ^ أ ب "غزوة الخندق (غزوة الأحزاب)"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة البقرة، آية: 193.
  7. ↑ سورة الأنفال، آية: 39.
  8. ↑ سورة البقرة، آية: 190.
  9. ↑ "الحكمة من مشروعية الجهاد"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.