-

الصلاة في الروضة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

زيارة المسجد النبوي وآدابها

تعدّ زيارة مسجد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة من المستحبّات التي أجمع عليها علماء الأمة، وهي عبادةٌ، وقربةٌ للمسلم في أي وقتٍ، وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ مسجده من المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرِِحال، حيث قال: (لا تُشدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، والمسجدِ الأقصى)،[1] فإذا تمكّن المسلم من زيارة هذا المسجد الشريف فيجدر به أن يستشعر نعمة الله -تعالى- عليه، ويستحضر شرف المدينة التي جاء إليها، وهي المدينة التي عاش فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي دار هجرته، وفيها قبره، كما أنّها مهبط الوحي الذي كان يَنزل إلى رسول الله بالقرآن، وهي خير بقاع الأرض بعد مكة المكرمة، وبالتالي فينبغي للمسلم أن يستثمر وقته كلّه في تلك المدينة بالطاعات، وعليه أن يحرص حرصاً شديداً على أداء الصلوات في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ليحصل على الأجر الكبير المترتب على ذلك.[2]

ويُسنّ للمسلم إذا وصل المسجد النبوي أن يدخل إليه برجله اليمنى، ثمّ يصلّي فيه تحية المسجد، والأفضل أن يصليها في الروضة الشريفةِ، إلّا إن كان ذلك سيؤدي به إلى مزاحمة الناس، أو إيذائهم، فإذا أنهى صلاته مرّ على قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فتأدّب عنده، وخفض صوته، وسلّم عليه بقول: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته)، ويُكثر من الصلاة عليه أيضاً، ثمّ يمرّ على قبر صاحبيه، أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فيسلّم عليهما أيضاً، ولا يجوز لمن يزور المسجد النبوي أن يتمسّح بحجارته، أو يُقبّلها، أو يطوف حولها، فلم يرد ذلك عن أحد من السلف، وإنّما هو بدعةً منكرةً، وكذلك لا يسنّ له أن يسأل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- شيئاً من حاجاته؛ لأنّ ذلك لا يكون إلّا لله تعالى، وطلب العون ونحوه من الأموات شركٌ بالله عزّ وجلّ، ويجدر بالزائر لمسجد رسول الله -عليه السلام- أن يخفض صوته، ولا يجهر به؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- أمر المؤمنين بخفض صوتهم في حضرة رسوله عليه السلام.[2]

الروضة الشريفة والصلاة فيها

تعدّ الروضة الشريفة جزءاً من المسجد النبوي، فهي تقع داخله، وقد جاء في فضلها، وبيان منزلتها حديثٌ للرسول صلّى الله عليه وسلّم، يقول فيه: (ما بين بيتي ومنبَري رَوضَةٌ من رياضِ الجنةِ)،[3] وقد ذكر العلماء في معنى هذا الحديث الشريف عدداً من الأقوال، وهي:[4]

  • القول الأول: أنّه مكانٌ تتحصّل فيه السعادة والطمأنينة، بالعبادة التي يؤديها المسلم فيها، كما يحصل له ذلك في الجنة ورياضها.
  • القول الثاني: أنّ العبادة في هذا المكان المخصوص، طريقاً لدخول الجنة ونعيمها.
  • القول الثالث: أنّ هذا المكان قطعةٌ حقيقةٌ من الجنة، وأنّها ستنتقل يوم القيامة إلى مكانها في الجنة.

وقد أوضح العلماء أنّ الصلاة في الروضة الشريفة مستحبّة للإنسان المسلم، سواءً أكانت صلاة فريضةً أم نافلةً، وكذلك يستحبّ فيها الجلوس للدعاء، والذكر، والاعتكاف، وقراءة القرآن، ونحوه من العبادات والطاعات، وذلك لما فيها من مضاعفة الأجر والثواب،[5] إلّا أنّ على الإنسان أن يتنبه إلى عدم جواز مزاحمة الناس، وإيذائهم من أجل الوصول إليها، والصلاة فيها، فإيذاء الناس حرام، والصلاة في الروضة مستحبة، فلا يُعقل أن يرتكب الإنسان الأمر الحرام من أجل فعل الأمر المستحبّ،[6] كما ينبغي للمسلم العلم بأنّ الأهم هو تقوى الله، وليس مجرّد الصلاة والتعبّد في الروضة الشريفة، وفيما يتعلّق بسبب تخصيص ذلك المكان دون غيره بذلك الفضل فهو أمر تعبّدي، ولله -تعالى- أن يصطفي من الأماكن والأزمان والأشخاص ما يشاء، وله في ذلك الحكمة البالغة التي قد لا يطّلع الإنسان عليها.[7]

معالم الروضة الشريفة

تضمّ الروضة الشريفة في مساحتها عدداً من المعالم المهمة البارزة، منها:[8]

  • محراب الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو المكان الذي كان يصلّي فيه بعد أن تمّ تحويل القبلة، وأول من أقام المحراب المجوّف في موضع صلاته هو عمر بن عبد العزيز حين كان والياً على المدينة.
  • الأسطوانات؛ أي الأعمدة التي تحمل القباب في الروضة المشرفة، وقد أقيمت في العمارة المجيدية، مكان السواري التي كانت من جذوع النخل، وكُتب على بعضها أسماؤها التي عرفت بها وفق الأحداث والقصص التي حدثت في العصر النبوي، وكانت مرتبطةً بها، وعددها داخل الروضة ستة، وهي:
  • منبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو في الحد الغربي للروضة الشريفة.
  • حُجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، وهي في الحد الشرقي للروضة الشريفة، وفيها قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقبري أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
  • الأسطوانة المخلقة.
  • أسطوانة عائشة رضي الله عنها.
  • أسطوانة السرير.
  • أسطوانة التوبة.
  • أسطوانة الحرس.
  • أسطوانة الوفود.

وهكذا تتّضح حدود الروضة الشريفة بالضبط، فمن الشرق تحدّها حُجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، ومن الغرب منبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن الجنوب جدار المسجد الذي بُني فيه المحراب النبوي للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن الشمال الخط المارّ من نهاية بيت السيدة عائشة -رضي الله عنها- في الشرق، إلى منبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الغرب.[4]

المراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1189، صحيح.
  2. ^ أ ب "زيارة المسجد النبوي .. فضائل وآداب"، www.articles.islamweb.net، 2011-10-20، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1196، صحيح.
  4. ^ أ ب "الروضة الشريفة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
  5. ↑ "فضل الصلاة في روضة المسجد النبوي "، www.ar.islamway.net، 2015-9-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
  6. ↑ "فضل الصلاة في الروضة ومتى يكون "، www.ar.islamway.net، 2010-1-2، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
  7. ↑ "( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة )"، www.islamqa.info، 2010-1-24، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.
  8. ↑ أبو الحاكم زياد المرواني الجهني (2017-5-15)، "نفحات السكينة من الروضة الشريفة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-22. بتصرّف.