-

أسرار وفضائل سورة البقرة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

فضائل سورة البقرة

سورة البقرة سورةٌ مدنية، فهي أوّل سورة نزلت في المدينة المنورة، وتدور مواضيعها حول معالجة الجانب التشريعي، كما تتناول النظم والقوانين التشريعية التي تنظّم حياة المسلمين الاجتماعية، وتُعدّ سورة البقرة من أطول سور القرآن الكريم، حيث يبلغ عدد آياتها مئتان وست وثمانون آية، وقد سُمّيت بسورة البقرة لذكر المعجزة العظيمة التي حدثت في زمن موسى -عليه السلام- فيها، حيث قُتل رجلٌ من بني إسرائيل، ولم يُعرف قاتله، فذهب القوم إلى موسى -عليه السلام- ليستشيروه في الأمر، فأوحى الله -تعالى- إليه بأن يأمرهم بذبح بقرة، وأن يضربوا الميت ببعضها، ففعلوا ذلك، فأحياه الله -تعالى- وأخبرهم عن القاتل، فكانت تلك المعجزة دليلاً على قدرة الله -تعالى- على إحياء الموتى،[1] وتجدر الإشارة إلى ورود الكثير من الفضائل لسورة البقرة في السنة الصحيحة، والقرآن الكريم، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[2]

  • ورد فيها أعظم آيةٍ في كتاب الله: فقد ثبت في الحديث الصحيح أن سورة البقرة تتضمن أعظم آيةٍ في القرآن الكريم، وهي آية الكرسي، مصداقاً لما رُوي عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: (اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ)،[3] قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ)،[4] وتجدر الإشارة إلى أن المواظبة على قراءة آية الكرسي عقب كل صلاةٍ يعدّ سباباً لدخول الجنة، وقد دلّ على ذلك الحديث الذي رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا الموتُ).[5]
  • تطرد الشياطين من البيوت: حيث إن أثر سورة البقرة شديدٌ على الشياطين، فلا تستطيع تحمّل سماعها فتخرج من البيوت التي يُتلى فيها سورة البقرة، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ).[6]
  • الحافظة والكافية: حيث إن قراءة آية الكرسي تحفظ وتكفي من شياطين الإنس والجن، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزالَ معكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقْرَبُكَ شيطانٌ حتَّى تُصْبِحَ).[7]

أسباب نزول سورة البقرة

ورد في كتب التفسير أسباب نزول العديد من آيات سورة البقرة، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:

  • الآية الأولى والثانية: قول الله تعالى: (الم* ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)،[8] ذكر مجاهد -رحمه الله- أن أول أربع آياتٍ من سورة البقرة نزلت في المؤمنين، والآيتان الخامسة والسادسة نزلت في الكفار، وثلاثة عشر آية بعدها نزلت في المنافقين.[9]
  • الآية السادسة والعشرون: قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)،[10] ذكر الحسن وقتادة -رحمهما الله- أن الآية الكريمة نزلت في اليهود، فبعد أن ذكر الله -تعالى- الذباب والعنكبوت في القرآن الكريم، وضرب بها المثل للمشركين، ضحكت اليهود وقالوا: "ما يشبه هذا الكلام كلام الله تعالى"، فأنزل الله -تعالى- الآية الكريمة، وذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- إلى أن الآية الكريمة نزلت بعد أن ضرب الله -تعالى- المثل للمنافقين، فقالوا: الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال، فنزلت الآية الكريمة.[11]

سور القرآن الكريم

يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، عن الطريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والذي يُعد المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة،[12] وتجدر الإشارة إلى أن نزول القرآن الكريم تم على مرحلتين، حيث نزل في المرحلة الأولى جملةً واحدةً من الله -تعالى- إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وكان ذلك في ليلة القدر من رمضان، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)،[13] ثم نزل في المرحلة الثانية على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منجّماً، أي مفرّقاً بحسب الأحداث والمواقف خلال ثلاثة وعشرين سنة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا).[14][15]

وقد اختلف أهل العلم في تعريف السورة لغةً، حيث قيل إن التسمية مأخوذةٌ من السورة بمعنى المنزلة والرتبة، كما ورد في شعر النابغة، حيث قال: "ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب"، وسبب تسمية السورة بهذا الاسم يرجع إلى أن سور القرآن منازل ومراتب يرتقي القارئ فيها من منزلةٍ إلى أخرى، وقيل إن التسمية مُشتقّة من سور المدينة، وسبب التسمية يرجع إلى أن سور القرآن الكريم تحيط بآياتها كما يحيط السور بالبنيان، أو لأنها تضم آياتها كما يضم السور لبناته إلى أن يصل إلى الارتفاع المطلوب، وقيل إن التسمية مشتقّة من السؤر، وهو بقية الشراب في الإناء، وسبب التسمية يرجع إلى أن السورة جزءٌ من القرآن وبقيّةٌ منه، أما اصطلاحاً فتُعرّف السورة على أنها مجموعةٌ من آيات القرآن الكريم ضُمّت إلى بعضها البعض إلى أن بلغت من الطول والمقدار ما شاء الله لها أن تبلغ.[16]

المراجع

  1. ↑ "www.e-quran.com"، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سيد مبارك (7-1-2015)، "فضائل سورة البقرة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة البقرة، آية: 255.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 810، صحيح.
  5. ↑ رواه ابن حبان، في بلوغ المرام، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 97، صحيح.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 780، صحيح.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5010، صحيح.
  8. ↑ سورة البقرة، آية: 1-2.
  9. ↑ "أسباب النزول للواحدي"، www.altafsir.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  10. ↑ سورة البقرة، آية: 26.
  11. ↑ "أسباب النزول للواحدي"، www.altafsir.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  12. ↑ "تعريف و معنى القرآن في قاموس المعجم الوسيط"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  13. ↑ سورة القدر، آية: 1.
  14. ↑ سورة الإسراء، آية: 106.
  15. ↑ بروج الغامدي، "نزول القرآن"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  16. ↑ "السور وترتيبها"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.