-

صفات الزوج الصالح مع زوجته

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

اختيار الزوج

حثّ الإسلام على تكوين الأسرة، وحرص على رعايتها وصيانتها، والحفاظ عليها، وبذلك يتكون المجتمع المسلم، ويجب أن تكون الأسر قويةً ومتماسكةً، في سبيل الحفاظ على بناء المجتمع، ومن الوسائل التي توصل إلى ذلك؛ اختيار الزوج الصالح، حيث إنّ ربّ الأسرة، والقائم عليها، كما أنّه القدوة العملية لزوجته وأولاده، فيجب أن يحدّد ولي أمر الفتاة المقياس الذي يجب عليه اختيار الزوج، فإن كان الخاطب ضمن المقياس ومتطلباته، كان أهلاً للزواج، وإن لم يكن وفق المقياس، فلا يقبل ولي الأمر طلبه في الخطبة، والمقياس يبنى على أساس المقومات الشخصية للخاطب، ويعرف عند الفقهاء بالكفاءة، والكفاءة تطلق في اللغة على المساواة، أمّا في الاصطلاح: فهي مساواة الرجل للمرأة، في بعض الأمور المحددة، بحيث إنّ ذلك لا يؤدي إلى اللوم على الزوجة، أو على أوليائها بسبب الزوج، ومن الجدير بالذّكر أنّ الناس ليسوا على درجةٍ واحدةٍ في مختلف أمور الحياة، ومن ذلك التفاوت بينهم في العلم، حيث قال الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[1] وكذلك الأمر بالنسبة لمختلف أمور الحياة، حيث قال الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[2] وبناء على ذلك فيجب أن يكون اختيار الزوج بناءً على الحقوق التي يمكن اكتسابها؛ كالعلم، والدين، والأخلاق الكريمة، والرزق، وغير ذلك من الأمور المكتسبة، وليس على أساس الحقوق الطبيعية؛ مثل الحق في الحياة، أو الحرية، أو الانتقال، وغيرها من الحقوق.[3]

صفات الزوج الصالح

بيّنت الشريعة الإسلامية أهم الأسس والصفات التي ينبغي توافرها في الزوج، وفيما يأتي بيان بعضها:[4]

  • أن يكون موحداً لله تعالى، حيث إنّ التوحيد أساس الأعمال، وشرط قبول التوبة؛ فالشرك من أسباب عدم قبول الإعمال، حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)،[5] فالشرك الذي يبطل التوحيد، وبالتالي يؤدي الى إحباط الأعمال، وإبطالها، هو شرك النسب، وشرك العبادة، وشرك الدعاء، وشرك المحبة، وشرك التشريع، كما يجب أن يكون الزوج بعيداً عن النفاق، سواءً أكان النفاق بالاعتقاد أو بالأعمال، والمقصود بنفاق الاعتقاد: إظهار الإسلام، وإخفاء كره الإسلام، وحبّ أهل الكفر، وبناءً على ذلك فإنّ التوحيد الأساس الأول، والصفة الأولى التي يجب توافرها في الزوج؛ لما ينعكس ذلك إيجاباً على تربية الأولاد، تربيةً إسلاميةً على العقيدة الصحيحة الثابتة، وبالتوحيد يحدد عمل العقل، وغاياته، وأولوياته، والسعي للحصول على رضا الله تعالى، ولذلك كان التوحيد من الشرك التي يجب التوافق عليها عند كلا الطرفين، وبذلك تنحصر الخلافات والمشاكل بينهما.
  • أن يكون تقياً، حيث إنّ الله -تعالى- أمر عباده بالتقوى، حيث قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)،[6] ومن الجدير بالذّكر أنّ التقوى تتحقق بأمرين؛ أولهما بالحياء من الله تعالى، واستشعار مراقبته دائماً، مما يجعل العبد يمتنع عن الوقوع في المعاصي، والذنوب، أمّا الأمر الثاني فهو الخوف من الله تعالى، ويتحقق ذلك باستشعار عظمة الله، وقوته، وبذلك فالعبد لا يمكن له الوقوع في ظلم غيره، أو الاعتداء على الحقوق المتعلقة بالآخرين، فالتقوى اعتبرت من صفات الزوجين؛ لحماية كليهما من عيوب الآخر، فالزوج التقي يكون طائعاً ومتذللاً لأوامر الله تعالى، وأوامر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإن تطلّب ذلك من الزوج تغيير طبائعه وعاداته، وذلك ينعكس على الحياة الزوجية بشكلٍ إيجابيٍ؛ ومن ذلك مقابلة الإساءة بالإحسان، امتثالاً لأمر الله تعالى، حيث قال الله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)،[7] كما أنّ الزوج التقي يعاشر زوجته بالمعروف والإحسان، وكذلك يكون التفريق بينهما؛ وفي ذلك حفاظاً على كرامة المرأة وعزّتها، كما أنّ الزوج التقي يتحلّى بمكارم الأخلاق وأفضلها، بحيث يكون الزوج مقدّراً لزوجته، وخاصةً مشاعرها، وعواطفها، ويتعامل معها برفقٍ ولينٍ.
  • أن يكون أميناً، حيث قال الله -تعالى- على لسان ابنة شعيب: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)،[8] فالزوجة بحاجةٍ إلى الزوج القوي الذي يحميها، حفاظاً على عفّتها وطهارتها، كما يجب أن يكون أميناً؛ لأنّ الأمانة تقتضي الحفاظ على الدين، وحماية الأرحام، وعدم قطعها، وفي الأمانة تتحقق القدرة على تحمّل المسؤولية، دون التقصير في حقوق الزوجة، أو حقوق الأبناء، ولذلك فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ، إنْ لا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ)،[9] وفي الحديث ذكر الرسول الدين قبل الخلق؛ لأنّ الدين أساس التحلّي بمكارم الأخلاق وأحسنها، كما أنّ الأخلاق لا بدّ منها؛ لأنّ الوالدين هما القدوة لأبنائهما، فالقدوة من أفضل وسائل التربية، كما أنّ العبادة لا تنفصل عن حسن الخلق، فالرسول بيّن عدم الخير بالمتعبّد لله تعالى، ولكنّه يؤذي جاره.

حقوق الزوجة

بيّن الإسلام للزوج ما يجب عليه تجاه زوجته، وفيما يأتي بيان بعض حقوق الزوجة:[10]

  • النفقة، حيث أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على الزوج، حيث قال الله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[11] ويتحقق ذلك بتوفير ما تحتاج إليه الزوجة؛ من الطعام والشراب، والمسكن، والخدمة، ومن الجدير بالذّكر أنّ النفقة من حقوق الزوجة، وإن كانت غنيةً.
  • معاشرة الزوجة بالمعروف وإكرامها، حيث قال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[12] وفي ذلك اقتداءً بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويجب أن يعلم الزوج أنّ الزوجة ليست كاملةً، بحيث إنّها يمكن أن تقع بالخطأ والزلل.

المراجع

  1. ↑ سورة الزمر، آية: 9.
  2. ↑ سورة المجادلة، آية: 11.
  3. ↑ "معيار اختيار الزوج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-9-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "من أسس اختيار الزوج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-9-2018. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الزمر، آية: 65.
  6. ↑ سورة آل عمران، آية: 102.
  7. ↑ سورة فصلت، آية: 34.
  8. ↑ سورة القصص، آية: 26.
  9. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وأبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 346، صحيح.
  10. ↑ "حقوق الزوجة على الزوج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-9-2018. بتصرّف.
  11. ↑ سورة البقرة، آية: 233.
  12. ↑ سورة النساء، آية: 19.