أول من لقب بخادم الحرمين
أوّل من لُقِّب بخادم الحرمَيْن الشريفَيْن
تُطلَق صفة الحرمَيْن الشريفَيْن على الحرم المكيّ حيث وُجِد البيت العتيق، والحرم المدنيّ حيث كان مثوى الرسول الكريم عليه الصّلاة والسّلام، أمّا لقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن فقد أطلقه السّلاطين المسلمون على أنفسهم منذ العهد الأيوبيّ، واستمرّوا في إطلاقه على أنفسهم واعتباره من ألقاب الملك حتّى نهاية العهد العثمانيّ، وكان أوّل من حمل هذا اللقب هو صلاح الدين الأيوبيّ؛ إذ أشار من خلاله إلى بسط نفوذه على العالم الإسلامي، وفي عصر المماليك لُقِّب السُّلطان المملوكي الأشرف أبو نصر برسباي بلقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، أمّا في العهد العثماني فكان السُّلطان الأول الذي لُقِّب بخادم الحرمَيْن الشريفَيْن هو السُّلطان العثماني سليم الأول، وحديثاً أطلق ملك المملكة العربيّة السعوديّة لقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن على نفسه، وعدّه أحد ألقاب المُلك الرسميّة خاصّته.[1][2]
وفي المملكة العربية السعودية كان الملك فيصل أوّل من اقترح استخدام لقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، ولكنّه لم يفضّل أن يُنادى به، فعندما قدّم كسوة الكعبة أثناء فترة حُكمه، قال إنّه لا يريد أن يُكتَب اسمه عليها، وإنّما اكتفى بأن يُكتَب أنّها قُدِّمت أثناء عهد خادم الحرمَيْن الشريفَيْن دون ذكر اسمه، ولم يستخدم اللقبَ من بعده الملكُ خالد أيضاً، وإنّما لُقِّب به الملك فهد عندما استلم الحكم عام 1982م، وبعد وفاته تسلّم الحكم الملك عبد الله في عام 2005م ولُقِّب هو أيضاً بخادم الحرمَيْن الشريفَيْن، أمّا الملك الثالث الذي لُقِّب بهذا اللقب بعد الملكين فهد وعبد الله فهو الملك سلمان.[2]
صلاح الدين الأيوبيّ خادم الحرمَيْن الشريفَيْن
تابع صلاح الدين الأيوبيّ القيام بالمهمّات التي كان نور الدين زنكي قائماً عليها قبله، لا سيّما توحيد القوى الإسلاميّة لقتال الصليبيّين؛ وذلك عن طريق إحياء الخلافة العباسيّة، ومن المهام التي قام عليها كذلك رعاية الحُجّاج وتأمين طُرق الحجّ لهم، ومن مظاهر رعايته للحرمَيْن الشريفَيْن أنّه أمر بإلغاء الضرائب التي جُمِعت من المسافرين القادمين عبر البحر الأحمر إلى جدّة، كما قدّم لحاكم مكّة المكرمة تعويضاتٍ تُقدَّر بثمانية آلاف مكيال من القمح سنوياً تُجلَب عن طريق البحر، وثمانية ألاف أخرى ليتمّ توزيعها على المرضى في مستشفى مكّة المكرمة.[3]
وكانت رعاية صلاح الدّين للحُجّاج عن طريق تخصيص أوقاف خاصّة بهم؛ لينفقوا على حاجاتهم أثناء أدائهم الحج، كما خصّص إقطاعاتٍ من الأراضي لأمير المدينة في مصر واليمن، بالإضافة إلى إقطاعاتٍ خاصّة لأمير المدينة المنورة وأبنائه المُقيمين في مصر، أمّا الضرائب غير المشروعة التي يجمعها التجار من الحُجّاج فقد أمر صلاح الدين الأيوبيّ بإلغائها أيضاً، الأمر الذي جعل الطُّرق أكثر أماناً للحُجّاج.[3]
وكان لصلاح الدين تأثير كبير على العالم الإسلامي، حتى إنّ الحُجّاج كانوا يذكرونه في دعائهم بعد الخليفة العباسيّ وأمير مكة؛ وذلك لما قدّمه لهم من رعاية، ومن إلغاء للضرائب التي كانت تشقّ عليهم، وقد قال ابن جبير عنه: إنّه اعتنى كثيراً بالحجاج، وقام بذلك بنفسه دون الاتّكال على الخَدَم أو المسؤولين الآخرين، وكان يُسهّل عليهم، ويمنع وقوع أيّ عدوان ضدّهم، وهذا ما منح صلاح الدين لقب خادم وحامي الحرمَيْن الشريفَيْن، الذي يُعدّ من أهمّ مظاهر القيادة السياسيّة في العالم الإسلامي.[3]
نبذة عن حياة صلاح الدين الأيوبيّ
هو الملك النّاصر صلاح الدين يوسف بن أيّوب، وُلِد في مدينة تكريت في بلاد ما بين النّهرين عام 1137م، ونشأ في عائلة كُرديّة، وفي ليلة ولادته انتقل والده مع عائلته إلى حلب، والتحق هناك بخدمة نور الدين زنكي الحاكم التركيّ لشمال سوريا، أمّا وفاة صلاح الدين فكانت في 4 آذار/مارس من عام 1193م في مدينة دمشق، ويُعدّ صلاح الدين الأيوبيّ مؤسّس سلاسة الأيوبيّين ومن أكثر أبطال المسلمين شُهرةً، وقد كان قائداً عسكرياً وسياسياً حكيماً؛ حيث قاد الحروب الصليبيّة، وكان أكبر انتصار حقّقه هو انتصاره في معركة حطّين في عام 1187م، حينما استطاع فتح القدس ووضعها تحت حمايته؛ تحديداً في 2 تشرين الأول/أكتوبر عام 1187م، وقد فتحت معركة حطّين الطريق أمام الفتوحات الإسلاميّة للأراضي المُقدَّسة في الشرق الأدنى التي كان القدس الشريف على رأسها، وبذلك استطاع صلاح الدين أن يُنهي ما يقارب تسعة عقود من الاحتلال الأوروبي.[4][5]
انضمّ صلاح الدين إلى عمّه أسد الدين الذي كان قائداً عسكرياً يعمل تحت إمارة نور الدين زنكي، وقد قاد أسد الدين ثلاث حملات عسكريّة شارك فيها صلاح الدين في مصر؛ لمنع سقوطها في أيدي اللاتنيّين الإفرنجة، وكانت مصر آنذاك تحت حكم الفاطميّين، وبعد وفاة أسد الدين أصبح صلاح الدين قائداً ورئيساً للقوات العسكريّة في مصر ومستشاراً للخليفة الفاطمي فيها، وذلك في عام 1169م عن عمر يُناهز 31 عاماً. استمرّ نور الدين زنكي في عام 1171م بالضغط على صلاح الدين لإرسال الأموال والإمدادات له، إلّا أنّه لم يكن يستجيب لذلك، إلّا أنّ وفاة نور الدين زنكي في عام 1174م قد ساعدت على تجنّب نزاع مفتوح بين الطرفين، كما كانت النهاية لعلاقة صلاح الدين بمصر وانتقاله إلى سوريا؛ حيث استخدم أمواله في مصر كقاعدة لتحقيق أهدافه فيما بعد، فبدأ بتحقيق هدفه الساعي إلى توحيد الأراضي الإسلاميّة في مصر، وفلسطين، وسوريا، وشمال بلاد ما بين النهرين في الفترة 1174-1186م، وقد نمت سمعته كحاكم يتّسم بالولاء والقسوة والحزم، كما كان كريماً فاضلاً في ذات الوقت.[4][5]
وفي عهد صلاح الدين انتشرت المؤسّسات الدينيّة ونمت، وأُسِّست الكُليّات والمدارس والمساجد، واستخدم تقنياتٍ عسكريّةً جديدةً ومحسّنةً في القتال، كما أسّس سلالة الأيوبيّين في مصر وسوريا، وكان يُعين العديد من أفراد أسرته في المحافظات، حتّى إنّ السلالة الايوبيّة وصلت إلى اليمن، وقاد صلاح الدين حملاته العسكريّة ضد الصليبيّين لتحرير بيت المقدس إلى أن تنحّى ريتشارد قلب الأسد، وانسحب من القدس ومعظم الأراضي الفلسطينيّة والسوريّة، وكان ذلك نتيجة الحملة الصليبيّة الثالثة التي قادها في الفترة 1198-1191م، أمّا حُكم الأيوبيّين فقد استمرّ في مصر والأراضي المجاورة لها حتّى بعد وفاة صلاح الدين الأيوبيّ، إلى أن جاء المماليك الذين استسلمت لهم السلاسلة الأيوبيّة عام 1250م.[4][5]
المراجع
- ↑ مصطفى عبد الكريم الخطيب، معجم المصطلحات والألقاب التاريخيّة، صفحة: 156. بتصرّف.
- ^ أ ب GALAL FAKKAR (2015-1-27)، "SAUDI ARABIA Story behind the king’s title"، Arab News. Edited.
- ^ أ ب ت Dr. Ali M. Sallabi, Salah ad-deen al-ayubi,INTERNATIONAL ISLAMIC PUBLISHING HOUSE, Page: 116-118. Edited.
- ^ أ ب ت Paul E. Walker, "Saladin"، www.britannica.com, Retrieved 2018-1-6. Edited.
- ^ أ ب ت "SALADIN", www.history.com, Retrieved 2018-1-6. Edited.