-

عدد ركعات سنة الظهر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

السنن الرواتب

روت أم المؤمنين أم حبيبة -رضي الله عنها- أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (من صلَّى في اليوم والليلةِ اثنتَي عشرةَ ركعةً تطوعاً، بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ)،[1] فالمحافظة على صلاة السنن الراوتب من الأسباب التي تصل بالعبد إلى البيت في الجنة، كما أنّها من الأفعال التي داوم على أدائها الرسول عليه الصلاة والسلام، فكأن السنن الراوتب تجبر النقص الذي قد تقع به القلوب في صلاة الفريضة، وسميت بالسنن الرواتب؛ لأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حافظ عليها في حضره، كما أنّه التزم بأداء ركعتي الفجر وصلاة الوتر في السفر.[2]

سنة صلاة الظهر

اختلفت الروايات في بيان عدد ركعات صلاة سنة الظهر، فبيّنت بعض الروايات أنّها ركعتان قبل الفرض، وركعتان بعده، ووردت روايةٍ أخرى ورد فيها أنّ سنة الظهر تكون بأداء أربع ركعاتٍ قبل الفريضة، وركعتان بعده، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث إنّها قالت: (كان لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة)،[3] أمّا الرواية الأولى فدليلها ما رواه البخاري أيضاً عن الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه، حيث قال: (حفِظْتُ من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عشْرَ ركعاتٍ: ركعتينِ قبلَ الظهرِ، وركعتينِ بعدَها)،[4] والحديثان لا يختلفان، فقد تفسّر بأنّ الزيادة الواردة في الحديث المروي عن عائشة لم يعلم به ابن عمر رضي الله عنه،[5] وإن أراد المصلّي أن يؤدي أربع ركعاتٍ قبل فرض الظهر فالأولى منه أن يؤدي كلّ ركعتين منفصلتين؛ أي أن يؤدي ركعتين ركعتين، استناداً لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه، حيث قال: (صلاةُ اللَّيلِ والنَّهارِ مَثْنَى مَثْنَى)،[6] كما يجوز أداء أربع ركعاتٍ بسلامٍ واحدٍ، وتجدر الإشارة إلى عدم ورود أي دليلٍ يبيّن عدم جواز تشبّه صلاة السنة بصلاة الفريضة، ففرض الفجر ركعتين بإجماع العلماء، وكذلك سنة الفجر، فالكيفية واحدة، والتمييز يكون بينهما بالنية فقط، وممّا ثبت فقط عدم جواز تشبّه الوتر بالمغرب.[7]

بيّن العلماء العديد من الأحكام والمسائل المتعلقة بالسنن الراوتب، وفيما يأتي بيان البعض منها بشكلٍ مفصّلٍ:[8]

  • تعد ركعتا سنة الفجر القبلية من آكد السنن الراوتب الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام، والدليل في ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّ النبي قال: (ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها).[9]
  • لا توجد لصلاة العصر أي سنةٍ راتبةٍ تأكّدت عن النبي عليه الصلاة والسلام، إلّا أنه ورد دليلٌ من السنة النبوية يدل على مشروعية صلاة ركعتين قبل فرض العصر، حيث روى عبد الله بن عمر أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (رحِم اللهُ امرأً صلَّى قبْلَ العصرِ أربعاً).[10]
  • يشرع للمسلم أداء ركعتين بين كلّ أذانٍ وإقامةٍ، والدليل في ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بين كلِّ أذانين صلاةٌ، بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، ثم قال في الثالثةِ: لمن شاءَ).[11]
  • اختلف العلماء في حكم قضاء السنن الرواتب من الصلوات، فذهب كلٌّ من الشافعية في الصحيح المروي عنهم، والحنابلة في مذهبهم، وشيخ الإسلام إلى القول بأنّ جميع السنن الرواتب يجوز قضاؤها، والدليل في ذلك ما رواه الصحابي أنس بن مالك عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (من نسي صلاةً فليصلِّها إذا ذكرها، لا كفارةَ لها إلا ذلك)،[12] فالصلاة في الحديث السابق وردت نكرةً، ممّا يعني أنّ السنن الرواتب تدخل في العموم الذي تدلّ عليه النكرة، كما استدلوا في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة الذي يبين جواز قضاء السنن الراوتب، حيث ورد فيه: (يا بنتَ أبي أُمَيَّةَ، سأَلتِ عنِ الركعتَينِ بعدَ العصرِ، وإنه أتاني ناسٌ من عبدِ القيسِ، فشغَلوني عنِ الركعتَينِ اللتَينِ بعدَ الظهرِ فهما هاتانِ)،[13] وفي المقابل ذهب الحنابلة في قولٍ لهم إلى جواز قضاء راتبة الفجر وركعتي الظهر فقط، وذهب كلٌّ من أبي حنيفة وأبي يوسف إلى القول بأنّه يجوز قضاء ركعتين سنة الفجر فقط، واشترطا أيضاً أن يفوت المسلم ركعتي السنة مع ركعتي الفرض الخاصتا بالفجر، وفي المقابل ذهب كلٌّ من المالكية والشافعية في القول القديم المروي عنهم، والحنابلة في روايةٍ عنهم إلى القول بعدم جواز قضاء السنن الراوتب.[14]
  • اختلف العلماء في تحديد الوقت الذي يجوز فيه قضاء السنن الراوتب التي فاتت المسلم، وفي ذلك قال ابن تيمية: (ما نُهِي عنه لسدِّ الذَّريعة يباح للمصلحة الرَّاجحة، وهذا موجود في التطوُّع المطلق، فإنَّه قد يفضي إلى المفسدة، وليس الناس محتاجين إليه في أوقات النَّهي؛ لسعة الأوقات التي تُبَاح فيها الصلاة، بل في النهي عنه في بعض الأوقات مصالح أُخَر من إجمام النفوس بعض الأوقات من ثقل العبادة كما يجمّ بالنوم وغيره)، فذهب كلٌّ من الشافعية والحنابلة في رواية عنهم وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى القول بجواز قضاء السنن الراوتب في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، إلّا أنّ الحنفية والمالكية والحنابلة في مذهبهم ذهبوا إلى القول بعدم جواز قضاء السنن الراوتب في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، بينما ذهب ابن قدامة الحنبلي إلى القول بأنّ السنن الراوتب تُقضى في الوقت المنهي عن الصلاة فيه بعد العصر، ولا يجوز قضاء الراوتب في غير ذلك من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.[14]

المراجع

  1. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أم حبيبة، الصفحة أو الرقم: 6360، صحيح.
  2. ↑ "السنن الرواتب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عاءشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1182، صحيح.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1180، صحيح.
  5. ↑ "سنة الظهر القبلية والبعدية"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2482، أخرجه في صحيحه.
  7. ↑ "كيفية صلاة سنة الظهر القبلية"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  8. ↑ "عدد السنن الراوتب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح.
  10. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2453، أخرجه في صحيحه.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مغفل، الصفحة أو الرقم: 627، صحيح.
  12. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 684، صحيح.
  13. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1233، صحيح.
  14. ^ أ ب "قضاء السنن الراوتب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.