العالم جالينوس
جالينوس
أنجبت الحضارةُ اليونانيّةُ عبرَ التاريخِ شخصيّاتٍ خُلِّدت؛ لأثَرِها العظيمِ، وإحدى هذه الشخصيّاتِ العالِمُ جالينوس المولودُ سنةَ مئةٍ وثلاثين للميلادِ في مدينةِ بيرغامون، وقد اشتُهِرَ بكونه طبيباً، وكاتباً، وفيلسوفاً، والذي وضعَ نظريّاتٍ، ومُمارساتٍ طبيّةٍ تركت أثراً في أوروبا. كانَ والد جالينوس (نيكون) مهندِساً معماريّاً، وقد سعى ليُقدّمَ لابنِه تعليماً جيّداً، ومُرتبطاً بشغفِه؛ ولذا بدأ اهتمامُ جالينوس بالطبّ منذُ كانَ في السادسة عشر من عمرِه، حيث بدأ دراستَه بالسفرِ إلى سميرنا، وكورينس؛ لتلقّي العلمِ هناك.[1]
توجَّه جالينوس بعد ذلك نحو دراسة الطبّ في مصرَ، وتحديداً في مدينةِ الإسكندريّةِ التي كانَت آنذاك مصدراً للعلم، حيث كانَ الأطبّاءُ يسمحونَ لتلاميذِهم بتشريحِ الجُثث، فدرسَ جالينوس الطبَّ مدّة خمسِ سنواتٍ، ثمّ عادَ إلى مدينتِه عامَ 157م، ليتولّى وظيفتَه الأولى كجرّاحٍ للمُصارعين، وفي عام 162م توجّهَ جالينوس لمُمارسةِ الطبّ في روما، حيثُ ذاع صِيتُه، إلّا أنّه لم يلبث أن غادرَ روما عام 166م؛ بسبب موجةِ الطاعون، ثمّ أصبحَ الطبيبَ الشخصيَّ للإمبراطور الرومانيّ ماركوس أوريليوس. وتجدر الإشارة إلى أنّ جالينوس تُوفِّيَ عامَ 216م، وعُمره سبعةٌ وثمانون عاماً.[1]
إنجازاتُ جالينوس
استمرَّ تأثيرُ النظريّاتِ التي وضعَها جالينوس منذُ ظهورِها في أوروبا في العصورِ الوُسطى وحتى مُنتصف القرن السابع عشر، ومن أهمّ إنجازاته:[2]
- التشريحُ: ركَّزَ جالينوس على التشريحِ بصفتِه الوسيلة للبحثِ، وتحسينِ المهاراتِ الجراحيّةِ، فقدّمَ وصفاً لصمّاماتِ القلبِ، وبيّنَ وجودَ سبعةِ أزواجٍ من الأعصابِ القحفيّةِ، كما استطاعَ إيجادَ الاختلافاتِ الهيكليّةِ بين الشرايين، والأوردة، بالإضافة إلى أنّه وضّحَ أنّ الدماغَ هو المُتحكِّم في الصوتِ؛ وذلك بفضلِ العصبِ الحنجريِّ المُرتبِط بالدماغِ، كما قدّمَ شرحاً لعملِ الكلى، والمثانةِ، وغيرها من الإنجازات.
- علمُ وظائف الأعضاء: قسَّمَ جالينوس جسمَ الإنسان إلى أجهزةٍ رئيسيّة، هي: الدماغ، والأعصاب، بصفته الجزءَ المسؤولَ عن موطنِ الإحساس، والفكر في الجسدِ، وجزءِ القلبِ، والشرايين كجهازٍ مسؤولٍ في الجسمِ عن الطاقةِ، وجزءِ الكبد، والأوردة، وهو المسؤولُ عن تغذيةِ الجسمِ، ونُموّه.
- صحّةُ الإنسان: أكَّد جالينوس على صحّة الجسدِ من خلالِ التوازُنِ بين السوائلِ الرئيسيّةِ فيه، وعددُها أربعةٌ، وهيَ: الدمُ، والعصارةُ الصفراءُ، والبلغمُ، والعصارةُ السوداءُ، كما جادل جالينوس في مسألةِ الاختلالاتِ الصحيّةِ بأنّها من المُحتَملِ أن تكونَ موجودةً في أعضاءٍ مُعيَّنة من الجسمِ، أو قد تكون مُنتشرةً في الجسدِ كلّه، وقد أفسح هذا الافتراضُ المجالَ للأطبّاء لإجراء المزيدِ من التشخيصاتِ الدقيقةِ، ووصفِ العلاجاتِ المناسبةِ؛ ليستعيدَ الجسمُ توازُنَه.
مُؤلَّفاتُ جالينوس
قدّمَ جالينوس العديدَ من المُؤلَّفات التي توزّعت بين فئتَين رئيسيَّتَين، هما: المُؤلَّفاتُ الطبيّةِ، والمُؤلَّفاتُ الفلسفيّةِ؛ إذ اشتملت مُؤلَّفاتُه الطبيّة على الأجزاءِ النظريّةِ كلّها في هذا العلمِ، والمُمارساتِ الطبيّةِ التي كانت بارزةً في زمنِه، كما وضعَ في مُؤلَّفاتِه الطبيّةِ تلخيصاً لحالة الطبِّ في زمنِ ازدهارِ الإمبراطوريّةِ الرومانيّةِ، وعرضت مُؤلَّفاتُه الطبيّةُ إنجازاتِه الخاصّةِ به في علمِ التشريحِ، وعلمِ وظائفِ الأعضاءِ، والعلاجاتِ، بالإضافة إلى أنّه قدّم أطروحةً حولَ لغةِ الطبِّ،[3]
وصلَ عددُ مُؤلَّفات جالينوس إلى ثلاثمئةِ عملٍ، وأصبحت تُدرَّس في الإسكندريّةِ بحلولِ عامِ خمسمئةٍ للميلاد، وقد ترجم العربُ عدداً من مُؤلَّفاته، واعتمدوا عليها،[2] على الرغم من أنّه لم يتبقَّ من أعمالِ جالينوسَ الكثيرُ؛ وذلك بسببِ ضياعِها في الحريقِ الذي وقعَ في معبدِ السلام عامَ مئةٍ وواحدٍ وتسعين للميلاد؛ إذ كانَ جالينوس قد أودعَ العديدَ من مخطوطاتِه لحفظِها فيه.[3]
المراجع
- ^ أ ب Michael Boylan, "Galen 130—200 C.E"، www.iep.utm, Retrieved 25-2-2019. Edited.
- ^ أ ب Vivian Nutton (8-2-2019), "Galen of Pergamum"، www.britannica.com, Retrieved 24-2-2019. Edited.
- ^ أ ب "Galen: a Biographical Sketch", www.ucl.ac.uk,Lee Pearcy ، Retrieved 25-2-2019. Edited.