-

طرق التقرب من الله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الفوز بمحبة الله

إن محبّة الله -تعالى- لعبده من أسمى المطالب وأعظمها، فإذا أحبّ الله عبداً وفّقه وسدّده وهداه ونصره، وحتى يصل المسلم إلى محبّة الله تبارك وتعالى، لا بدّ أن يتقرّب إليه بالأقوال والأعمال، ومنها: اتّباع النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه، قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[1] وكذلك التقوى؛ أي أن يجعل العبد بينه وبين عقاب خالقه وقاية له، ويكون ذلك بفعل الطاعات والعبادات، واجتناب المحرّمات، والصبر طريقٌ لمحبّة الله، والجهاد في سبيل الله كذلك، والإحسان؛ وهو أعلى مراتب الدين الثلاثة التي هي الإسلام والإيمان والإحسان، والتوبة والتوكّل عليه -سبحانه- والإقساط والحكم بالعدل وحبّ القرآن وسورة الإخلاص وأداء النوافل والغيرة على دين الله -عز وجل- كل ذلك يقرّب العبد من خالقه ويكون سبيلاً للفوز بمحبّة الله تعالى، وهنيئاً لمن استحقّ هذه المحبة ونال ثمارها وآثارها الطيبة في حياته.[2]

طرق التقرب إلى الله

بيّن الله -عز وجلّ- طريق التقرّب إليه في كتابه الكريم، وبعث به نبيّه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، فعن النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)،[3]وأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى الذين يوحّدون الله، ويؤدّون الفرائض والعبادات، ويجتنبون المعاصي والذنوب، ويقفون عند حدود الله، وإن كانوا مهندسين أو ممرّضين أو زارعين أو عمّالاً، وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف أن التقرّب إلى الله تعالى يكون من خلال طريقين؛ الأول: التقرّب إلى الله بالفرائض الذي يكون بفعل الواجبات وترك المحرّمات، والثاني: التقرّب إلى الله بالنوافل.[4][5]

فينبغي على المسلم أن يحرص على أداء الفرائض أولاً ولا يضيّع شيئاً منها، ومن أعظم هذه الفرائض الصلوات الخمس، وكذلك الزكاة، وصيام رمضان، والحج عند الاستطاعة، ومن الفرائض العمليّة كذلك بر الوالدين، وصلة الرحم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأداء الزوج حق زوجته وأبنائه، ومن العبادات القلبيّة الإخلاص، وحبّ الله -تعالى- ورسوله صلى الله عليه وسلم، والتوكّل على الله، ورجاؤه، والخوف منه، وغيرها من العبادات المفروضة، ومن فرائض الترك اجتناب الربا، والزنا، والظلم، والغيبة، والنميمة، والسرقة، والخمر، وغير ذلك من المحرّمات، أمّا التقرّب إلى الله بالنوافل فيبدأ المسلم فيه بالأهم فالأهم، حتى ينال الدرجة العالية عند الله تعالى، ويكسب محبّته سبحانه، وأعظم النوافل هي تعلّم العلوم الشرعيّة وتبليغها للناس، ومن النوافل العظيمة كذلك السنن الرواتب، والصدقة، وذكر الله تعالى.[4][5]

التقرب إلى الله بالفرائض

ينبغي على المسلم أن يحرص على التقرّب إلى الله -سبحانه- بما افترضه عليه أوّلاً، كالصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، والحج عند الاستطاعة، وغيرها من الأعمال والعبادات،[4] وفيما يأتي بيان بعض الفرائض التي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى:

  • الصلاة: حيث إن الصلاة من أعظم العبادات التي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى، ويحرص المسلم على الخشوع فيها، إذ إن الصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح، فيسبغ الوضوء، ويتيقّن الطهارة، ويستحضر أهمية الصلاة، ويستعدّ لها أتمّ الاستعداد، فإن ذلك يساعد على الخشوع فيها.[6]
  • الصيام: فشهر رمضان من أعظم الأشهر التي يتقرّب فيه المسلمون إلى الله تبارك وتعالى، وبالصيام يطهّر المسلم نفسه، ويزكّيها، ويهذّبها من الأخلاق الذميمة، ويعوّد نفسه على الأخلاق الحسنة؛ كالصبر، والحلم، والأناة، والكرم، والجود، ومجاهدة النفس، والتقرّب إلى الله، والافتقار إليه سبحانه.[7]
  • الحج: حيث جعل الله -تعالى- الحج المبرور من أفضل الأعمال، ومن عظيم كرمه أنه يغفر للحاجّ جميع ذنوبه، فيرجع كيوم ولدته أمّه، وبالحج يجتمع المسلمون على كلمةٍ واحدةٍ من شتّى البلدان والأقطار، فيتعاونون على البرّ ومصالح دنياهم، وتتقوّى بينهم أواصر المحبة والأخوة.[8]
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حيث إنه من وظائف الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن خلاله تتحصّل المنافع العامة والخاصة، وتندرئ المفاسد العامة والخاصة كذلك، ويظهر دين الإسلام، وتعلو كلمة الله تعالى، يقول ابن عقيل: "من أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديان الأمر بالمعروف والنهي والتناصح؛ فهذا أشق ما يحمله المكلف؛ لأنه مقام الرسل".[9]

التقرب إلى الله بالنوافل

إن مفهوم النافلة شرعاً يعني "الزيادة في العبادة على مقدار الفريضة"، وليست النوافل محصورةً فقط في الصلاة، بل لكلّ عبادة فرائض ونوافل، فالصلاة لها نوافل، والزكاة والصوم والحج لهم نوافل كذلك الأمر، وينبغي على المسلم الذي يريد التقرّب إلى الله -تعالى- والفوز بالأجر العظيم ألا يقتصر على الفرائض فقط، بل يحرص على النوافل ويستزيد منها بقدر استطاعته، فمن عظمة ثوابها أنها تجبر النقص الواقع بسبب التقصير في الواجبات، ونشهد اليوم تكاسل الناس عن أداء النوافل والسنن بحجّة أنها سنّة وليست فرضاً، وما علموا عظيم أجرها وثوابها وفضائلها، فمن فضائلها:[10]

  • النوافل سورٌ يحمي الفرائض من تسرّب الضعف لها، لذا نجد أن من يحافظ على النافلة فهو بالمحافظة على الفريضة أشد، ومن يتكاسل عن أدائها ويتركها فستكون الخطوة التالية أن يتهاون بالفريضة أو يفرّط بها أحياناً.
  • النوافل تجبر النقص الحاصل بالفريضة، فعمل الإنسان لا يخلو من السهو أو النقص أو التقصير، ومن فضائل النوافل أنها تجبر ذلك.
  • النوافل تدلّ على العبودية الحقيقية لله تعالى، بحيث يجد العبد فيها الراحة والاطمئنان بين يدي خالقه، حتى وإن كلّفه ذلك أن يتجافى جنبه عن مضجعه في الليلة البادرة الماطرة لكي يقف بين يدي مولاه ويركن إليه ويمدّ يده بالدعاء واللجوء إليه سبحانه، فنجد أن النافلة دليل على العبادة الحق لله تعالى، إذ إن العبد يلجأ إليها ولا يستثقلها ويشعر بحلاوتها في قلبه.
  • النوافل تدلّ على تقرّب العبد إلى خالقه، وهذا ما ينقله إلى مرتبةٍ عاليةٍ وفضلٍ عظيمٍ، ألا وهي مرتبة محبّة الله سبحانه، ويا لها من مرتبة غاليةٍ! فكم من محبٍّ ليس بمحبوب! فقد جعل الله -تعالى- النوافل سبباً لبلوغ محبّته.
  • النوافل بابٌ واسع ومفتوح من غير قيود، وللأسف نجد الكثير من الناس من لا يشبع من متاع الدنيا ونعيمها، لكنّه يزهد في الربح الأخروي، فالعاقل هو من يعمل لآخرته كأنه يموت غداً، ويتزوّد بالنوافل.
  • النوافل صلةٌ دائمةٌ بين العبد وخالقه عز وجل.

المراجع

  1. ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
  2. ↑ "كيف تفوز بمحبة الله عز وجل"، www.saaid.net، يحيى الزهراني، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  4. ^ أ ب ت "طريق التقرب إلى الله"، www.islamqa.info، 2007-12-20، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "فضيلة التوبة والتقرب إلى الله بالطاعات"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  6. ↑ "طريق التقرب إلى الله والخشوع في الصلاة"، www.islamweb.net، 2002-10-21، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
  7. ↑ "فضل صوم رمضان وقيامه"، www.ar.islamway.net، 2004-10-12، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ الشيخ عبد الله القصيِّر (25-10-2011)، "فضل الحج والعمرة والحكمة من تشريعهما"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  9. ↑ حمود بن عبد الله التوجري، القول المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الطبعة الأولى)، السعودية- الرياض: مؤسسة النور للطباعة والتجليد، صفحة 32-33. بتصرّف.
  10. ↑ محمد زيدان (18-5-2014)، "النوافل طريق العاشقين"، www.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.