-

ما هي فرائض الغسل

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الغسل

الغسلُ لغةً: الفعلُ الذي يقعُ مِنَ الإنسانِ مِن إراقةِ الماءِ على البدنِ، ويأتي الغسلُ بمعنى التطهيرِ، والغسلُ شرعاً: إفاضةُ الماءِ على جميعِ البدنِ مِن أعلى الرَّأسِ إلى أسفلِ وآخرِ القدمِ، بالماء الطَهورِ، ويشملُ الغُسلُ الرجلَ والمرأةَ على حدٍ سواء، إلا أنَّ المرأةَ تختلفُ عن الرجلِ في حالِ الغُسلِ من الحيضِ أو النفاس أنَّ عليها إزالةُ آثارِ الدمِ قبلَ الغُسلِ.[1] يأتي الغسلُ بمعنى التعبّدِ للهِ بغَسلِ جميعُ البدنِ بماءٍ طهورٍ على صفةٍ مخصوصةٍ.[2]

مشروعية الغسل

الأصلُ في مشروعيّة الغسل قولهُ تعالى في سورةِ المائدةِ: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا).[3] أي أمرَ الشَّارعُ سبحانهُ وتعالى بتطهيرِ جميعِ البدنِ، إلاّ ما يتعذّرُ وصولَ الماءِ إليهِ، كداخلِ العينين، فغسلها قد يُلحقُ الضررَ والأذى، وبالغسلِ يتمُّ التنظيف وتَجديدُ النَّشاطِ والحيويةِ في جميعِ الجسمِ، وهو امتثالٌ واستجابةٌ للهِ عزَّ وجلَّ؛ لنيلِ ثوابهُ ورضاهُ.[4]

موجبات الغسل

قبل بيان موجباتُ الغسلِ على المسلمِ أن يعرفَ ما هي الموجبات وعلى ماذا تُطلقُ؛ فالموجباتُ تُعرّفُ بأنها الأسبابُ التي يُصبحُ الغُسلُ فيها، واجباً.[5] وأسبابُ وجوبُ الغسلِ هي:

خروجُ المني

أجمعَ العلماءُ على أنَّ خروجَ المني بشهوةٍ مِن موجباتِ الغُسلِ، لا فرقَ بينَ الرَّجلِ والمرأةِ في النومِ أو اليقظةِ.[6]، ودليلُ ذلكَ الحديثُ الذي رواهُ أبو سعيد الخُدري ــ رضي اللهُ عنهُ ــ ، أنَّ النبي ــ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ــ قال: (إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ).[7]

التقاءِ الخِتانينِ

اتّفقَ العُلماءُ على أنَّ التقاءَ الخِتانينِ مِن موجِباتِ الغُسلِ، لحديثِ عائشة - رضيَ اللهُ عنها- أنَّ النَّبي -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قال: (إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ)[8]

الحيض والنفاس

الحيضُ والنفاسُ مِن موجِباتِ الغُسلِ باتفاقِ العُلماءِ ودليلُ وجوبِ الغُسلِ في الحيضِ، قولهُ تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).[9] بمعنى إذا اغتسلنَ، وهذا دليلُ وجوبٍ بمنعِ الزوجِ مِن وطئِها قبلَ غُسلها.وقال النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: (إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي).[10] فواجبٌ على المرأةِ إذا انقطعَ الدَّمُ أن تغتسلَ لاستباحةِ ما كانت ممنوعةٌ منهُ بالحيضِ، وأمَّا دليلُ وجوبِ الغُسلِ فهو الإجماع؛ ذلكَ لأنَّ النّفاسَ حيضٌ مجتمع، ولأنهُ يحرمُ فيهِ الوطء، وتسقطُ فيه فريضةُ الصَّلاة، ولذلك أصبحَ الغُسلُ واجباً في النّفاسِ كالحيضِ تماماً.

الموت

يُعدّ الموتُ مِن موجباتِ الغُسلِ ودليلُ ذلكَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فَقَالَ: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)[11]

الإسلام

إسلامُ الكافرِ موجبٌ للغُسلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أَوْ أُثَالَةَ أَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ)[12] ومعنى الحديثِ أنَّ الكافرَ إذا أسلمَ، وجبَ عليهِ أن يغتسلَ، ولا فرقَ بينَ الكافرِ الأصليِّ والمرتدِّ، فيجبُ الغُسلُ على المرتدِّ إذا أسلمَ[13]

فرائض الغُسل

النِّية

ذهبَ أكثرُ أهلِ العلمِ إلى أنَّ النِّيةُ في الغُسلِ فرضٌ، ودليلُ ذلكَ قولُ عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنهُ- أنَّه قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).[14]

تعميمُ الشَّعرِ والبشرةِ بالماءِ

يُقصدُ فيهِ إفاضةُ الماءِ على جميعِ بدنِ مَن أرادَ الغُسلَ، ويشملُ بذلكَ الشَّعرَ، سواءً كانَ الشَّعرُ خفيفاً أو كثيفاً، يجبُ إيصالُ الماءِ إلى جميعِ الشَّعرِ وجميعِ البشرةِ التي تحتهُ، فيجبُ غسلُ كلِّ ما يمكنُ إيصالُ الماءِ إليهِ، كأُذُنٍ وسُرَّةٍ وشَاربٍ وحَاجبٍ ولحيةٍ وشعرِ رأسٍ، فقد روت عائشة -رضيَ اللهُ عنها- عن النبيِّ -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ).[15]

ويرى بعضُ العُلماءِ بوجوبِ المضمضةِ والاستنشاق في الغُسلِ لأنَّ الفمَ والأنفَ مِن حدِّ الوجهِ، والفمُ والأنفُ في الحُكمِ الظاهرِ مِنَ الجسدِ بدليلِ أنَّ الصائمَ لا يُفطِرُ بوصولِ شيءٍ إليهما، فوجبَ المضمضةُ والاستنشاقُ، وإذا كانت المرأةُ مِن ذواتِ الضفائرِ ولا يصلُ الماءُ إلى أصولِ الضفائرِ فيجبُ نقضها لإيصالِ الماءِ.

الموالاةُ

أي غسلُ جميعِ أجزاءِ البدنِ مُتتابعةً وقبلَ أن تجفَّ الأجزاء، يرى المالكيّة أنَّ المُوالاةَ تُعدّ مِن فرائضِ الغُسلِ، وباقي العلماءُ يرونَ سنيَّةَ الموالاةِ في غسلِ جميعِ أجزاءِ البدنِ.[16]

الدّلك

الدَّلكُ المقصودُ فيهِ إمرارُ اليدِ على الجسدِ أثناءَ صبِّ الماءِ عليهِ، وهو فريضةٌ من فرائضِ الغُسلِ عندَ بعضِ العُلماءِ، فلا يُعتبرُ لواقفٍ في المطرِ اغتسالٌ، حتى وإن طالَ بقاؤهُ في الماءِ.[17]

المراجع

  1. ↑ صالح بن غانم بن عبد الله بن سليمان بن علي السدلان (1425هـ)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعوديّة: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 22، جزء 1.
  2. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبدالله التويجري (1431هـ - 2010م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 432، جزء 1.
  3. ↑ سورة المائدة، آية: 6.
  4. ↑ أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ (.)، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها) (الطبعة الرَّابعة)، سوريَّة - دمشق: دار الفكر، صفحة 513، جزء 1.
  5. ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (1424هـ - 2003م )، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية ، صفحة 97، جزء 1.
  6. ↑ ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي (1412هـ - 1992م)، رد المحتار على الدر المختار (الطبعة الثانية)، بيروت - لبنان: دار الفكر، صفحة 107، جزء 1.
  7. ↑ رواه مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري ، في المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله _ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم _، عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، الصفحة أو الرقم: 1/269.
  8. ↑ رواه مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري، في المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عائشة -رضي اللهُ عنها-، الصفحة أو الرقم: 1/271.
  9. ↑ سورة البقرة، آية: 222.
  10. ↑ رواه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة الأنصاري، في الآثار، عن عائشة -رضي الله عنها-، الصفحة أو الرقم: 1/38.
  11. ↑ رواه ابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجه اسم أبيه يزيد، في سنن ابن ماجه، عن أم عطية، الصفحة أو الرقم: 1/468.
  12. ↑ رواه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، في مسند الإمام أحمد بن حنبل، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 13/406.
  13. ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الطبعة الأولى)، مصر: .، صفحة 195، جزء 31.
  14. ↑ رواه محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1/6.
  15. ↑ رواه محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ، عن عائشة _ رضيَ اللهُ عنها _، الصفحة أو الرقم: 1/59.
  16. ↑ منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلي، كشَّاف القناع، دار الكتب العلمية، صفحة 153، جزء 1.
  17. ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، صفحة 211، جزء 31.