ما المقصود بصلة الرحم
صِلة الرّحم
ورد ذكر صِلة الرّحم في القرآن الكريم والسّنّة النبويّة، وجاء الحثّ عليها في عدّة مواضع لأهميّتها وعظيم فَضْلها، فالرّحم في اللغة هو محلّ تكوين الجنين في جسم الأمّ، والرّحم كذلك يعني القرابة والأقارب، وتُعرّف صِلة الأرحام بأنّها التّواصل والتّزاور مع الأقارب والإحسان إليهم، وعكسها قطيعة الأرحام،[1] أمّا صِلة الرّحم في الاصطلاح تدلّ على الإحسان إلى الأقارب بحسب القدرة والحال، فقد تكون بالمال أو بالسؤال أو بالزيارات أو بالخدمة،[2] حيث وجّه وحثّ القرآن الكريم والسّنّة النبويّة المسلمين على صِلة الأرحام وورد فَضْلها في عدّة آيات وأحاديث نبويّة؛ حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)؛[3] فالأمر بصِلة الرّحم ورد عامّاً لجميع المسلمين بصِلة الأرحام وبرّ الوالدين ووصلهما درْءاً من سوء الحِساب يوم القيامة.[4]
وورد في القرآن الكريم سوء مُنقلب قطيعة الرّحم؛ حيث قال الله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)؛[5] فمَن قطع رحمه وأفسد في الأرض لعنه الله -تعالى- وأخرجه من رحمته، ثمّ أعمى بصيرته عن الإيمان والعِبر، وروت عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (الرحمُ معلَّقةٌ بالعرشِ تقولُ: من وصلني وصله اللهُ، ومن قطعني قطعه اللهُ)،[6] فمَن وصل رحِمه وصله الله -تعالى- بفضله وعطائه وتوفيقه، ومن قطع رحمه كان بعيداً عن توفيق الله -تعالى- وعونه.[4]
وورد في عقوبة قاطع الرّحم قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن ذنبٍ أجدَرَ أنْ يُعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرةِ مِن البغيِ وقطيعةِ الرَّحمِ)،[7] فجاء التنبيه والتحذير للمسلم من قطيعة الرّحم لسوئها وقبحها في الدّنيا قبل الآخرة، وورد في فَضْل صِلة الأرحام قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من سَرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقِه، أو يُنسأَ له في أَثَرِهِ، فليَصِلْ رحِمَه)،[8] كما أنّ صِلة الرّحم من تمام الإيمان؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (من كان يؤمن بًالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بًالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بًالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).[9][4]
حُكم صِلة الرّحم
إنّ صِلة الرّحم واجبة على المسلم، وقطيعة الرّحم تعدّ معصية وإثم كبير، وصِلة الرّحم درجات؛ أدناها السّلام وعدم الهجرة وعدم المقاطعة، ومنها الواجب والمسّتحب وذلك بحسب درجة القرابة والقدرة والحاجة، وذكر العلماء حدود القرابة على أكثر من شكل، فمنهم من قال بإنّ حدودها هي المُحرّم من النّساء على الرجال، كالعمّة والخالة والأخت والأمّ والابنة، وهناك من ذكر بإنّها أوسع من ذلك، وهي كلّ رحم من ذوي الأرحام في الميراث، فيشمل الرّحم بنات العمّ والخال وغير ذلك، وهذا القول هو الأصحّ،[2] وصِلة الرّحم تكون بعدّة أعمال يقوم بها المسلم؛ ومنها:[4]
- الصّدقة على ذات الرّحم؛ فذكر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ من أفضل الصّدقات الصّدقة على المُحتاج من ذات الرّحم؛ فيكون لها أجران؛ أجر الصّدقة وأجر الوصل.
- الدّعاء للأرحام بالخير؛ فدعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجاب كما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ووكّل الله -تعالى- مَلَكاً عند رأس من يدعو لأخيه المسلم ليؤمّن على دعائه ويسأل الله -تعالى- الخير للذي يدعو.
- التّوادد والتّناصح والقيام بالواجبات المطلوبة تجاه أهل الأرحام، وكذلك عدّ العلماء المكالمات الهاتفيّة والتواصل بالقلم من صِلة الأرحام.
- تذكير أولي الأرحام بالطّاعات والعبادات، والسؤال عن الإيمان والأعمال الصالحة، وذلك يعدّ من أفضل أشكال التواصل؛ لِما في ذلك من معونة على الخير والأجر لكلا الطّرفين، فمن دلّ على الخير كان له مثل أجر فاعله.
- التّشارك مع الغير لصِلة الرّحم؛ كأن يُذكّر الرّجل أخاه بوصل الأرحام، وفي ذلك إعانة وتشجيعٌ على الوصل بالكلمة الحسنة والتّوجيه والتذكير.
- إصلاح ذات البين وحلّ المُشكلات؛ فقد يُقاطع الرّجل أخاه أو أخته لنزاعٍ ما حصل بينهما، ومن أعظم الأمور أجراً عند الله -تعالى- أن يصلح الرّجل ما انقطع بين المُتخاصمين ليكون سبباً في وصالهما بعد الخلاف والقطيعة.
ثمرات صِلة الرّحم
إذا وصل المسلم رحمه وقام بأداء ما عليه من الواجبات تجاه أرحامه يكون قد نال أجراً عظيماً وحاز فضلاً رفيعاً، ومن الثمرات التي يُجنيها واصل الرّحم:[10]
- دَفْع ميتة السّوء، وطرد العواقب المكروه.
- صِلة الرّحم تُعمّر الدّيار وتزيد الأموال والأرزاق؛حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ لَيعمِّرُ بالقومِ الديارَ ويثمرُ لهم الأموالَ وما نظر إليهم منذ خلقهم بُغضاً لهم، قيل: وكيف ذاك يا رسولَ اللهِ؟ قال: بصلتِهم أرحامِهم).[11]
- تكفير السيئات والذّنوب كما ورد عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث جاء رجل إلى الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- يشكو ذنوبه، فسأله الرّسول عن أمّه ليبرّها، فأجاب بأنّها متوفّية، فسأله عن خالته؛ فقال إنّها حيّة، فأرشده الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى برّها وصِلتها.
- صِلة الرّحم تُدخل الجنّة.
- تعدّ صِلة الرّحم شرط لقبول الأعمال من الله تعالى، فجاء في الحديث النبويّ أنّ الأعمال تُرفع إلى الله -تعالى- ليلة الجمعة ولا تقبل لقاطع الرّحم.[12]
- صِلة الرّحم تعود بالنّفع على المجتمع بجميعه، فإذا أدّى كلّ إنسان ما عليه من واجبات لرَحِمه سُدّت حاجات النّاس من المال ويصبح المجتمع متآلفاً متعاوناً يقدّم كلّ واحد منهم ما يستطيع لقضاء حوائج غيره.[13]
المراجع
- ↑ "معنى كلة الرّحم"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ^ أ ب "صلة الأرحام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ↑ سورة الرّعد، آية: 21.
- ^ أ ب ت ث "فضل صلة الرحم في القرآن الكريم والسنة النبوية "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ↑ سورة محمّد، آية: 22.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2555، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي بكرة، الصفحة أو الرقم: 455، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2067 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6138 ، صحيح.
- ↑ "ثمرات هذا العمل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ↑ رواه الدمياطي، في المتجر الرابح، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 252، إسناده حسن.
- ↑ "صلة الرحم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ↑ "صِلة الأرحام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.