نبذة مختصرة عن حياة الرسول
الرسل والأنبياء
يُعرّف النبي على أنه صاحب النبوّة المُخبر عن الله تعالى، وهو إنسانٌ يصطفيه الله -تعالى- ليوحي إليه بشريعةٍ أو دينٍ جديد سواءً أمره بالتبليغ أم لا،[1] وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على تفاضل الأنبياء فيما بينهم، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَرَبُّكَ أَعلَمُ بِمَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلَقَد فَضَّلنا بَعضَ النَّبِيّينَ عَلى بَعضٍ وَآتَينا داوودَ زَبورًا)،[2] وتجدر الإشارة إلى أن التفضيل فيما بينهم بما وهبهم الله -تعالى- من الفضائل وما منحهم من الوسائل، وقد بيّن أهل العمل أن الرسل أفضل من الأنبياء عليهم السلام، وأن الفرق بين الأنبياء والرسل يكمن في أن الرسول أُوحي إليه بشرع ٍ وأُمر بتبليغه، وأما النبي أُوحي إليه بشرعٍ ولم يؤمر بتبليغه.[3]
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن الفرق بين النبي والرسول يكمن في أن الرسول بُعث إلى قومٍ كفّار مكذّبين، وأما النبي فقد بُعث إلى قومٍ مؤمنين بشريعة رسولٍ قبله، ليذكّرهم بها ويحكم بينهم، فقد قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا)،[4] وأفضل الرسل هم أولوا العزم من الرسل، فقد قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ)،[5] وهم خمسة رسل: محمد، وإبراهيم، ونوح، وعيسى، وموسى عليهم السلام جميعاً، وأكرم الرسل عند الله -تعالى- هو محمد صلى الله عليه و سلم، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يَومَ القِيامَةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنْه القَبْرُ، وأَوَّلُ شافِعٍ وأَوَّلُ مُشَفَّعٍ).[6][3]
نبذة مختصرة عن حياة الرسول
اسم الرسول ونسبه
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وينتهي نسبه -عليه الصلاة والسلام- إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، ومن الجدير بالذكر أن جميع نسب النبي -عليه الصلاة والسلام- من لدن آدم -عليه السلام- وحتى ميلاده طاهرٌ شريف، وليس فيه شيءٌ من سفاح أهل الجاهلية، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنانَةَ مِن ولَدِ إسْماعِيلَ، واصْطَفَى قُرَيْشًا مِن كِنانَةَ، واصْطَفَى مِن قُرَيْشٍ بَنِي هاشِمٍ، واصْطَفانِي مِن بَنِي هاشِمٍ).[7][8]
ولادته ومرحلة الطفولة
اختلف العلماء والمؤرّخون في تاريخ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اتفقوا على أنه وُلد في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول في عام الفيل، في سنة 571 للميلاد، إلا إنهم اختلفوا في تاريخ اليوم، فقيل: ولد في اثنين ربيع الأول، وقيل: ثمانية أو تسعة من ربيع الأول، وأكثر أهل السير على أنه وُلد في اثني عشر من شهر ربيع الأول،[9] وكان أوّل من أرضعه أم أيمن، وثوبية مولاة أبي لهب، ثم انتقل إلى ديار بني سعد لترضعه حليمة السعدية إلى أن بلغ الأربع سنوات، وحدث خلالها حدثٌ عظيمٌ ألا وهو حادثة شقّ الصدر، ومن الجدير بالذكر أن رسول الله وُلد يتيم الأب، حيث توفّي والده وهو جنينٌ في بطن أمّه، ولما بلغ السادسة من العمر توفّيت أمّه، فعاش طفولته يتيم الأب والأم بكفالة جده عبد المطلب الذي أكرمه وأحسن إليه.[10]
وقيل إنه كان لعبد المطلب فراشاً، لا يجلس عليه أحدٌ سواه إجلالاً وإكراماً له، ولم يُصرّح لأحدٍ بالجلوس عليه إلا لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعندما يأتي الأبناء ليبعدوه يقول لهم عبد المطلب: "دعوه، والله إن لهذا شأناً"، ولما بلغ -عليه الصلاة والسلام- الثامنة من عمره توفّي جدّه، وانتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب، وعاش محمد -صلى الله عليه وسلم- مرحلة الطفولة في مكة المكرمة وعمل برعي الأغنام، وقد عصمه الله -تعالى- من رجس الجاهلية، وكان معروفاً في قومه بحسن الخلق حتى أطلقوا عليه الصادق الأمين.[10]
الزوجات والأبناء
تزوّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى عشرة امرأة، كان أولهنّ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ثم سودة بنت زمعة، ثم عائشة بنت أبي بكر الصديق، ثم حفصة بنت عمر بن الخطاب، ثم زينب بنت خزيمة، ثم أم سلمة بنت أبي أمية المخزومية، ثم زينب بنت جحش، ثم جويرية بنت الحارث، ثم أم حبيبة بنت أبي سفيان، ثم صفية بنت حيي بن الأخطب، ثم ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهنّ جميعاً، وكان للنبي أربع نساءٍ من ملك اليمين، وهنّ مارية بنت شمعون، وريحانة بنت زيد، وجارية أصابها في الحرب، وجارية أهدته إياها زوجته زينب بنت جحش رضي الله عنها، وأما الأبناء فقد كان له سبعة؛ ثلاثة ذكور، وأربع إناث، وهم: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم، وزينب، وأم كلثوم، ورقية، وفاطمة، وكل أولاده من خديجة إلا إبراهيم من مارية بنت شمعون.[8]
البعثة
بُعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بلغ الأربعين من عمره، وكان أوّل ما نزل عليه من القرآن الكريم قول الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ).[11][8]
الصفات الخَلقية
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس صورة، وأكملهم شكلاً وجسداً، وقد وصفه الصحابة -رضي الله عنهم- بشكلٍ دقيقٍ، حيث رُوي عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وجْهُهُ، حتَّى كَأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وكُنَّا نَعْرِفُ ذلكَ منه)،[12] ورُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: (كانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ ليسَ بالطَّوِيلِ ولَا بالقَصِيرِ، أزْهَرَ اللَّوْنِ ليسَ بأَبْيَضَ، أمْهَقَ ولَا آدَمَ، ليسَ بجَعْدٍ قَطَطٍ، ولَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عليه وهو ابنُ أرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عليه، وبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وقُبِضَ وليسَ في رَأْسِهِ ولِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ).[13][14]
الصفات الخُلقية
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكرم الناس وأتقاهم وأحسنهم خلقاً، وقد أثنى الله -تعالى- عليه ومدحه، حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[15] ولما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: (كان خلقُه القرآنَ)،[16] وقد شهد كل من عاشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحسن خلقه، فقد رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ مِن أحسنِ النَّاسِ خُلُقًا).[17][18]
الوفاة
انتقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، وغُسل -عليه الصلاة والسلام- بثيابه، وتولّى تغسيله العباس بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد، وقثم بن العباس، والفضل بن العباس، وشقران مولى رسول الله، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً، ودُفن يوم الأربعاء في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وكان عمره -عليه الصلاة والسلام- عند وفاته ثلاثاً وستين سنة.[8]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى الأنبياء في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 55.
- ^ أ ب "مراتب الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام"، www.ar.islamway.net، 2014-12-25، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 44.
- ↑ سورة الأحقاف، آية: 35.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2278 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن واثلة بن الأسقع الليثي أبي فسيلة، الصفحة أو الرقم: 2276 ، صحيح.
- ^ أ ب ت ث الشيخ صلاح الدق (21-10-2017)، "ماذا تعرف عن نبينا صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم"، fatwa.islamweb.net، 2006-9-24، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الملك بن محمد الجاسر، "أربعون عاماً قبل النبوة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية: 1-4.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3556 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3547، صحيح.
- ↑ "صفاته -عليه الصلاة والسلام- الخُلُقية والخَلْقية"، www.fatwa.islamweb.net، 2002-8-10، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4811، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2015 ، صحيح.
- ↑ "أخلاق أعظم إنسان"، www.islamstory.com، 2008-3-10، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2019. بتصرّف.